يظهر الأوكرانيون اليوم تضامنهم في إطار "يوم الوحدة"، الذي أعلنه الرئيس فولوديمير زيلنسكي، بالتزامن مع موعد مفترض لهجوم روسي على بلاده، في وقت تراجعت حدود التوتر بسرعة قياسية أمس بعد أن أعلنت روسيا انها بدأت سحب جزء من قواتها المنتشرة عند الحدود مع أوكرانيا.

وغداة تحذير أميركي آخر، وتسريبات عن اتخاذ القوات الروسية مواقع هجومية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن بعض القوات في المنطقتين العسكريتين الجنوبية والغربية المتاخمتين لأوكرانيا بدأت العودة إلى قواعدها بعد استكمال تدريبات.

Ad

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، للصحافيين، أمس، "ما من جديد هنا، لقد قلنا دائما إنه بعد انتهاء التدريبات سيعود الجنود إلى قواعدهم الدائمة. إنها عملية عادية"، معتبرا أن مزاعم الولايات المتحدة بأن بلاده توشك على غزو أوكرانيا "هستيريا لا أساس لها من الصحة".

إرهاب إعلامي

بدوره، ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، زبيغنيو راو، أمس، أن "التدريبات التي تجريها روسيا على أراضيها ووفقا لخططها تبدأ وتجري وتنتهي بناء على خططها"، معتبرا "الحديث عن أن التدريبات الروسية البيلاروسية تم افتعالها لغزو أوكرانيا مجرد تكهنات وإرهاب إعلامي".

وفيما بدا أنه رسم لخط أحمر يمكن روسيا من الإمساك بزمام المبادرة وإبقاء الضغوط على كييف، قال مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف إنه "إذا باشر الأوكرانيون بقتل مواطنين روس بوقاحة في أي مكان، في دونباس أو في مكان آخر، فلا تتفاجأوا إذا قمنا بهجوم مضاد".

وفي قرار قد يقضي على "عملية مينسك" للسلام في شرق أوكرانيا، أكد رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين أن المجلس صوت، أمس، لمصلحة دعوة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الاعتراف باستقلال جمهورية دونيتسك وجمهورية لوغنسك الشعبيتين الانفصاليتين اللتين تدعمهما روسيا في شرق أوكرانيا منذ 8 سنوات.

وشدد الكرملين على أن الرئيس لم يتخذ أي قرارات رسمية بعد في هذا الشأن.

مناورات متوسطية

وفي خطوة تنقل الاهتمام بعيداً عن المسرح الأوكراني، كشفت موسكو عن تدريبات بحرية في البحر المتوسط، مؤكدة أنها نقلت قاذفات وطائرات مجهزة بصواريخ أسرع من الصوت إلى قاعدتها الجوية في سورية.

في المقابل، وصف ميخائيل بودولاك، مستشار رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عودة القوات الروسية إلى مواقعها بـ"الأمر الايجابي".

إلا أن وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، قال: "لدينا قاعدة، لا تصدق ما تسمعه، بل ما تراه. عندما نرى انسحابا، سنصدق حصول خفض للتصعيد"، موضحا أن جهود بلاده الدبلوماسية المشتركة مع حلفاء غربيين نجحت في تفادي تصعيد روسي أكبر، وتابع: "نحن في منتصف فبراير، ونرى أن الدبلوماسية لا تزال مستمرة".

أما وزير الدفاع الأوكراني أليكسي ريزنيكوف فأعلن: "أؤكد بكل مسؤولية، واستنادا إلى بيانات المخابرات الأوكرانية، والبيانات التي نتلقاها من الشركاء، أنه لم يتم حتى 14 فبراير 2022 إنشاء مجموعة هجومية روسية واحدة".

جاء ذلك، ردا على تسريبات إعلامية أميركية أشارت إلى التقاط صور من الأقمار الصناعية تظهر اتخاذ القوات الروسية مواقع قتالية، وكان الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي جدد أمس الأول تأكيد أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يحدث في أي لحظة، وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض ان توقعات واشنطن أن يبدأ الغزو الروسي لأوكرانيا هذا الأسبوع.

وتزامن الإعلان الروسي مع وصول المستشار الألماني أولاف شولتس إلى موسكو، ليجري أول لقاء مع بوتين منذ تسلمه منصبه خلفا لانجيلا ميركل. ورفضت ألمانيا تزويد أوكرانيا بالسلاح، كما عارضت فكرة فرض عقوبات استباقية على موسكو، وشولتس نفسه لم يقدم في واشنطن أي تعهد واضح بإغلاق أنبوب "نورد ستريم 2" الروسي، رغم أن الرئيس الأميركي جو بايدن تعهد خلال لقائهما بوضع حد لهذا المشروع.

وقال بوتين، لدى بدء المحادثات، "للأسف، سنخصص جزءا كبيرا من وقتنا لمسائل متعلقة بالوضع في أوروبا والأمن وللمحادثات الجارية حول هذه المسألة، لاسيما بما يتصل بأوكرانيا"، مبينا أن "ألمانيا أحد شركاء روسيا الرئيسيين، لقد انخرطنا أخيرا عن كثب في تنويع علاقاتنا، فهي تتطور بالفعل في اتجاهات مختلفة، لكن بالطبع اتضح بشكل طبيعي أن الطاقة هي أحد المجالات ذات الأولوية". وأضاف: "روسيا كانت موردا موثوقا لموارد الطاقة لفترة طويلة جدا، لم يكن هناك فشل واحد في كل العقود. كل شيء يتم وفقا لمبادئ السوق، ولا توجد أسئلة أو شكوك في هذا الموضوع".

من جهته، ذكر شولتس أن "الأهم هو أن نتمكن من العمل على علاقاتنا عبر محادثات جيدة بين الأطراف"، مشيرا إلى أهمية وجود علاقات اقتصادية جيدة ومنتظمة جدا مع روسيا.

حقائق عن جمهوريتي الدونباس
• خسر الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش المقرب من موسكو والمتحدر من مقاطعة دونيتسك السلطة في انتفاضة شعبية دعمها الغرب في 2014.

• رفضت مقاطعات في شرق أوكرانيا تسكنها غالبية ناطقة بالروسية الاعتراف بالسلطة الجديدة في كييف خصوصاً بعد تصاعد أصوات داعية لحظر استخدام اللغة الروسية.

• أعلنت جمهوريتا "دونيتسك الشعبية" و"لوغانسك الشعبية" في 12 مايو 2014 استقلالهما بعد استفتاء أجرته السلطات المحلية حول الانفصال عن أوكرانيا.

• اعتبرت السلطات الأوكرانية الجديدة "الجمهوريتين الشعبيتين" تنظيمين إرهابيين وأعلنت بدء "عملية لمكافحة الإرهاب".

• بعد أشهر من معارك استمرت حتى مطلع عام 2015 وخلّفت نحو 14 ألف قتيل توصل الطرفان بمساعدة روسيا وألمانيا وفرنسا إلى "اتفاقيات مينسك" التي أدت إلى "ربط النزاع".

• تنص "اتفاقيات مينسك" على بقاء "الجمهوريتين" ضمن أوكرانيا مع منحهما وضعاً قانونياً خاصاً.

• تتلقى "الجمهوريتان" من روسيا دعماً إنسانياً ومعنوياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

• حصل نحو 700 ألف من سكان المنطقتين خلال السنوات الأخيرة على الجنسية الروسية.

• تسيطر "الجمهوريتان الشعبيتان" على حوالي ثلث أراضي مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيتين والبالغة نحو 53 ألف كم مربع.

تفاؤل حذر

وبالتزامن مع قمة بوتين - شولتس، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، أمس، إن ما أعلنته روسيا من أنها بدأت سحب قواتها من على الحدود مع أوكرانيا، "أمر إيجابي ويدفع إلى تفاؤل حذر".

وأكد ستولتنبرغ، للصحافيين، "لكن حتى الآن لم نلمس أي مؤشر على خفض التصعيد على الأرض، ولكننا سنواصل رصد ومتابعة ما تفعله روسيا، عن كثب"، مشيرا إلى أن الحلف ما زال ينتظر الرد الروسي على مقترحاته الأمنية.

مجموعات قتالية

في غضون ذلك، نقلت وكالة رويترز عن 3 دبلوماسيين، أمس، ان "الناتو"، يستعد خلال اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء، يبدأ اليوم وينتهي غدا، لوضع خطة عسكرية قد تفضي إلى نشر 4 مجموعات قتالية متعددة الجنسية في جنوب شرقي أوروبا.

وخلال الاجتماعات من المقرر اتخاذ قرار بشأن إصدار الأمر للقادة العسكريين لوضع خطط نشر مجموعات قتالية يبلغ قوام الواحدة منها نحو ألف جندي في بلغاريا ورومانيا، وربما في سلوفاكيا والمجر.

ودعا بوتين إلى تشغيل خط "نورد ستريم 2"، واصفاً المشروع بأنه "اقتصادي محض وصديق للبيئة وبلا تلون سياسي"، ومضيفاً أن الخط الذي يمر عبر البلطيق رابطا بين روسيا وألمانيا جاهز للتشغيل منذ ديسمبر الماضي.

في الوقت نفسه، أبدى بوتين استعداده للاستمرار في استخدام الأراضي الأوكرانية بعد 2024 كبلد عبور لتوريدات الغاز إلى أوروبا، مادام كانت هناك حاجة لهذا في الغرب.

إسرائيل رفضت بيع أوكرانيا «القبة الحديدية»

رفضت إسرائيل بيع منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ إلى أوكرانيا، حتى لا يضعها ذلك في مواجهة مع روسيا.

وذكر موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي، أن تل أبيب رفضت بيع المنظومة لكييف "حتى لا تزعج الروس".

ونقل الموقع عن مصادر لم يفصح عنها أن الحكومة تعتقد أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة الكونغرس يتفهمون حاجة إسرائيل للتصرف بحذر، عندما يتعلق الأمر بإمدادات الأسلحة.

تجدر الإشارة إلى أنه تم تطوير منظومة "القبة الحديدية"، بالتعاون بين إسرائيل ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

ولا تسمح الاتفاقية ذات الصلة ببيع هذه التكنولوجيا لطرف ثالث من دون موافقة الجانبين على ذلك.

وذكر الموقع أن كييف بدأت حملة ضغط على نواب في واشنطن لتسهيل التوصل إلى اتفاق، كما طالبت رسميا من واشنطن في الربيع الماضي نشر أنظمة صواريخ "باتريوت" الأميركية، و"القبة الحديدية" على أراضيهم، قبل أن تتزايد المخاوف من احتمال ملموس لغزو روسي.

وكانت أطراف إسرائيلية عبرت عن مخاوفها من إقدام روسيا على تقييد حركة تل ابيب ضد ما تسميه "التموضع الإيراني في سورية" كجزء من ردود الفعل الروسية ضد واشنطن بخصوص أوكرانيا.