واشنطن تشكك بالانسحابات الروسية من أوكرانيا
• هجمات سيبرانية تشمل «الدفاع» الأوكرانية... والكرملين يرحب بإيجابية بايدن «المتشكك»
• «الناتو» يواصل الاستعداد للأسوأ... وأوروبا تؤكد قدرتها على الاستغناء عن غاز موسكو
أعلنت موسكو انسحاباً جديداً لقواتها من الحدود الأوكرانية، في إعلان لاقته الدول الغربية وكييف بسرعة بتشكك.
ردت الولايات المتحدة ببرود على إعلانات روسية متكررة عن سحب قوات من حدود أوكرانيا محاولة إبقاء الضغط، وأعلنت روسيا أمس سحب قوات من جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، بعد يوم من سحب قوات على الجبهتين الغربية والجنوبية مقابل الحدود الأوكرانية.ورد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، على الخطوة الروسية قائلا إن الولايات المتحدة لم تر أدلة على انسحاب كبير، مضيفا: "ما نراه لا يمثل انسحابا ذا معنى"، واصفا خطر غزو روسيا جارتها الجنوبية بأنه "حقيقي".وترك الموقف الأميركي الضغوط مرتفعة خلال اجتماع وزراء دفاع "الناتو"، الذي جرى في بروكسل أمس، وسيبقي الزخم حاضرا في اجتماع يعقد اليوم لقادة الاتحاد الأوروبي مخصص لبحث الأزمة الأوكرانية.
وقال مسؤول استخباراتي غربي بارز إن خطر شن هجوم روسي على أوكرانيا سيظل مرتفعا حتى نهاية فبراير الجاري، وشهدت شبكات الإنترنت، التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية وبنكين، اضطرابا، ووجه مركز أمن المعلومات الأوكراني أصابع الاتهام إلى روسيا التي نفت مسؤوليتها.وفي وقت سابق، أفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان، أمس، بأن "وحدات إقليم الجنوب العسكري أنهت تمارينها التكتيكية في قواعد شبه جزيرة القرم وتعود عبر السكك الحديد إلى ثكناتها الأصلية".وفي حين عبرت السفينة الحربية "دميتري روغاتشيف" التابعة للأسطول الروسي مضيق البوسفور في اسطنبول، أمس، متجهة إلى البحر الأسود، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، أمس الأول، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي وصل لتفقد سير مناورات البحرية الروسية في شرق المتوسط انطلاقاً من ميناء طرطوس.
لن يبقى أي جندي
وفي مينسك، أكد وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي في مؤتمر صحافي، أمس، أن جميع الجنود الروس الموجودين على أراضي بلاده في إطار المناورات العسكرية الواسعة النطاق، سيغادرونها مع الانتهاء المرتقب لهذه التدريبات في 20 فبراير الجاري.وفي مؤشر آخر على التهدئة، أعلن وزير الدفاع الأوكراني، أمس، أن الملحق العسكري لبلاده في بيلاروسيا حضر، أمس الأول، بعضاً من هذه المناورات. في المقابل، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أنه لا يرى حتى الآن أي انسحاب للقوات الروسية من مواقع قريبة من حدود بلاده. وقال، خلال زيارة لغرب البلاد، "نتعامل مع الحقائق التي لدينا ولا نرى أي انسحاب بعد". من ناحيته، أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس لشبكة "سكاي نيوز" أمس، أن بريطانيا لم تر حتى الآن أي دليل على أن موسكو تسحب قواتها من مواقع بالقرب من حدود أوكرانيا.وقال: "يجب الحكم على روسيا من خلال أفعالها عندما يتعلق الأمر بتخفيف التوتر على الحدود الأوكرانية".«الأطلسي» والتحليل الخاطئ
في غضون ذلك، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ قبل اجتماع لوزراء الدفاع في الحلف في بروكسل، أمس "لم نرَ أي خفض للتصعيد على الأرض. على العكس يبدو أن روسيا تواصل تعزيز وجودها العسكري ولا يزال بإمكانها اقتحام أوكرانيا بدون سابق إنذار، الإمكانات جاهزة". وأضاف: "نريد أن نرى انسحاباً حقيقياً ومستداماً، ونحن مستعدّون لنجتمع مع روسيا، لكنّنا في الوقت نفسه نستعدّ للأسوأ".ورداً على تصريحات ستولتنبرغ، قال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، إنه "تحليل خاطئ، وهناك مشكلات في تقييم الناتو للوضع".وأوضح بيسكوف، من ناحية أخرى، أن الرئيس فلاديمير بوتين يؤيد المفاوضات والدبلوماسية فيما يتعلق بالتعامل مع التوترات بشأن أوكرانيا وإن موسكو تعتبر استعداد الرئيس الأميركي جو بايدن للحوار بادرة إيجابية.لكنه اعتبر أن هذه المفاوضات "صعبة جداً".موت بلا داع
وكان الرئيس الأميركي ناشد نظيره الروسي التراجع عن شن حرب على أوكرانيا وتحدث بوضوح عن "موت ودمار بلا داع" يمكن أن تتسبب موسكو فيهما والغضب الدولي الذي سيواجهه بوتين.وأضاف في كلمة مقتضبة ألقاها في البيت الأبيض، أمس الأول، أن الولايات المتحدة تقدّر عدد القوات الروسية التي تطوق أوكرانيا حالياً بنحو 150 ألف جندي. وقال إن التقارير التي تفيد بسحب بعض القوات مرحب بها، ولكن لم يتم التحقق منها وإن الغزو لا يزال محتملاً جداً.وتابع بايدن، أن "الدبلوماسية لا تزال طريقاً فرعياً يحظى بترحيب، وما دام هناك أمل في التوصل إلى حل دبلوماسي يمنع استخدام القوة ويتجنب المعاناة الإنسانية التي لا تصدق والتي ستعقب ذلك، فإننا سنسعى إليه".لكنه أكد في الوقت نفسه، أن الولايات المتحدة وحلفاءها مستعدون للرد بعقوبات هدفها إحداث ضرر اقتصادي وعزلة دولية.وأجرى الرئيس الأميركي اتصالا بالمستشار الألماني أولاف شولتس، الذي التقى أمس الأول الرئيس الروسي.وبينما أعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، أن الولايات المتحدة لن تمارس الضغط على أوكرانيا أو أي دولة أخرى لتنضم إلى "الناتو"، دان بلينكن مساعي روسيا للاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين الواقعتين في شرق أوكرانيا، لوهانسك ودونيتسك"، معتبراً أنها خطوة "ستمثّل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي".وأول من أمس، أجرى بلينكن مباحثات مع نظرائه الفرنسي جان إيف لودريان، والألمانية أنالينا بيربوك، والبريطانية ليز تراس، تناولت "الاستجابة السريعة والموحدة" في حال المزيد من التصعيد الروسي.وكان بلينكن طلب من نظيره الروسي سيرغي لافروف "احتواء فعلياً وملحوظاً للتصعيد ويمكن التحقق منه" عند الحدود الأوكرانية.الاستغناء عن الغاز الروسي
وفي ستراسبورغ، دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في كلمة أمام البرلمان الأوروبي، روسيا إلى "اتخاذ إجراءات ملموسة" تظهر تراجع التصعيد "الذي يهدد السلام والأمن في أوروبا".من ناحيته، أكد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية جوزيب بوريل، أن تأثير الأزمة الأوكرانية لن يقتصر على الأوكرانيين أو الأوروبيين فحسب بل سيمتد إلى "البشرية جمعاء".بدورها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين، أن الاتحاد الأوروبي قادر على الاستغناء عن الغاز الروسي هذا الشتاء بعد تنويع مصادره في الأسابيع الأخيرة.وقالت: "درسنا فرضيات توقف جزئي أو كامل لإمدادات الغاز الروسي في حال تصاعد التوتر بشأن أوكرانيا ويمكنني القول اليوم، إننا بمأمن هذا الشتاء".وتفيد أحدث بيانات مكتب الاحصاءات الأوروبي "يوروستات" أن روسيا تؤمن أكثر من 40 في المئة من واردات الاتحاد الأوروبي السنوية من الغاز الطبيعي.وبالتزامن مع التحرّك الميداني، شهدت شبكات الإنترنت التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية وبنكان اضطراباً ووجه مركز أمن المعلومات الأوكراني أصابع الاتهام إلى روسيا.وقال المركز الأوكراني للاتصالات الاستراتيجية وأمن المعلومات، التابع لوزارة الثقافة، في بيان، إن خطط الجهة المعتدية "لا تعمل على نطاق واسع".لكن الكرملين نفى مسؤوليته عن هذا الهجوم، معتبراً أن "أوكرانيا، وكما هو متوقع، تواصل تحميلنا مسؤولية كل شيء، ولا علاقة لروسيا بأي هجمات لحجب الخدمة".التصعيد يُهدّد أميركا بتداعيات لم تشهدها منذ 41 عاماً
أشارت شبكة CNN الإخبارية، إلى أن التصعيد حول أوكرانيا يهدد الولايات المتحدة بارتفاع معدلات التضخم إلى مستوى هو الأعلى منذ 1981، أي في نحو 41 عاماً، بحسب ما نقلته الشبكة الأميركية عن نتائج تحليل أجراه خبراء من شركة الاستشارات الدولية RSM.ويرى خبير الشركة، جو بروسيلاس، أن الصراع المحتمل بين روسيا وأوكرانيا يهدد بارتفاع أسعار النفط إلى مستوى 110 دولارات للبرميل، وتتوافق هذه النظرة مع تحذير أطلقه محللو بنك "جيه بي مورغان" في وقت سابق.ويعتقد بروسيلاس، أن ارتفاع أسعار الذهب الأسود إلى مستويات كهذه يمكن أن يساهم في ارتفاع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 2.8 في المئة على أساس سنوي، الأمر الذي سيتسبب في ارتفاع التضخم إلى مستوى يتجاوز 10 في المئة على أساس سنوي، وآخر مرة تم فيها تسجيل مثل هذا المعدل المرتفع للتضخم في الولايات المتحدة كان في أكتوبر 1981.كما لم يستبعد بروسيلاس، أن يكون التأثير السلبي للصراع حول أوكرانيا أكثر تعقيداً على الاقتصاد الأميركي، وقال: "نحن نتحدث عن صدمة حقيقية قصيرة المدى، فتدفئة المنزل وتعبئة البنزين في السيارة سيصبحان أكثر تكلفة في أعقاب الغزو المزعوم بشكل مباشر"، مشدداً على أن ثقة المستهلك ستتعرض لصدمة، كما أن استثمارات الشركات ستتراجع.وعن سبب ذلك يشير الخبير إلى أن روسيا تعد أحد أبرز منتجي النفط والغاز في العالم، وأي تأثير على إمدادات موارد الطاقة من روسيا سيكون له تأثير على أسعار الطاقة العالمية.من جهته، حذر بنك "جيه بي مورغان" من أن أي تعطيل لتدفقات النفط من روسيا سيؤدي بالنفط "بسهولة" إلى 120 دولارا للبرميل.