غداة تحذير فرنسي من إمكانية نجاح المفاوضات الدولية التي تستضيفها فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني خلال أيام أو «الدخول في أزمة حادة»، ألمح المرشد الإيراني علي خامنئي إلى قرب عودة بلاده للامتثال بالقيود الذرية التي يفرضها الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليها، مطالباً بـ«مراعاة بعض النقاط عند إحياء الاتفاق النووي لتجنب مشكلات مستقبلية» قد تفخخه.

وجدد خامنئي، تأكيده أن الجمهورية الإسلامية ستواصل تطوير قدراتها النووية السلمية لـ»الحفاظ على استقلالها». وقال في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي اليوم: «سنحتاج عاجلاً أم آجلاً إلى طاقة نووية سلمية. إذا لم نسع لتحقيق ذلك... فسيتضرر استقلالنا» في تأييد لفريق التفاوض الإيراني الذي يخوض الجولة الثامنة من مباحثات فيينا مع القوى الكبرى حالياً.

Ad

وأضاف خامنئي، أن «الجهود الدبلوماسية التي يبذلها إخواننا الثوار في محاولة التخلص من العقوبات جيدة، لكن المهمة الرئيسية هي تحييد العقوبات» في إشارة إلى العقوبات واسعة النطاق التي أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرضها عقب انسحابه من الصفقة الذرية عام 2018.

كما جدد التأكيد على أنّ إيران لا تسعى إلى تطوير سلاح ذري، معتبراً أنّ اتهامها بذلك «ادعاء سخيف». ومضى يقول، إن إيران لم تسع قط لحيازة أسلحة نووية «مثلما زعم أعداء الجمهورية الإسلامية».

وقبل حديث خامنئي عن مراعاة النقاط التي قد تفجر الاتفاق مستقبلاً، بشر مساعد وزير الخارجية الإيراني كبير المفاوضين النووين علي باقري كني، بأن المفاوضات، التي تشارك بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل غير مباشر، على وشك النجاح.

وقال باقري كني، عبر «تويتر»، ليل الأربعاء ـ الخميس: «بعد أسابيع من المفاوضات المكثفة، اقتربنا من الوصول إلى اتفاق أكثر من أي وقت آخر، لكن لا اتفاق على شيء ما لم يتم الاتفاق على كل شيء».

وأضاف أن «الوقت قد حان لاتخاذ القرار من قبل أطراف المفاوضات»، مؤكداً ضرورة «الواقعية والامتناع عن الطلبات الإضافية والاهتمام بتجربة الأعوام الأربعة الماضية لتحقق هذا الهدف».

عض أصابع

مع وصول محادثات فيينا إلى «مرحلة نهائية وحاسمة» وفقاً لما صرحت به العديد من الأطراف المشاركة في المفاوضات، تتحول الأنظار إلى مؤتمر ميونخ للأمن الذي يشارك فيه مسؤولون أميركيون كبار، بينهم نائبة الرئيس كاميلا هاريس ورئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وستكون كواليس اللقاءات في هذا المؤتمر السنوي مؤشراً إلى المسار الذي تتجه إليه المفاوضات في فيينا، خصوصاً في ظل استمرار الخلافات الداخلية الأميركية حول ما يجب عمله. وأعلن أعضاء جمهوريون في «الكونغرس» معارضتهم العودة إلى الاتفاق القديم، أو تقديم أي ضمانات لإيران، ما يهدد بعرقلة الجهود الدبلوماسية لإدارة بايدن.

وأشارت وكالة «بلومبرغ» الأميركية إلى أنه لا تزال هناك خلافات كبيرة واضحة بين الديموقراطيين والجمهوريين بشأن ما يتطلبه الأمر، للحد من التقدم النووي الذي أحرزته إيران، والذي سمح لها بتخصيب اليورانيوم قرب مستويات تصنيع الأسلحة، مقابل تخفيف العقوبات.

حصن نووي

وفي وقت تتواصل لعبة «عض الأصابع» بين واشنطن وطهران، سرب تقرير عبري أنباء عن احتفاظ إيران بمواصلة بناء «حصن نووي»، تحت جبل شاهق في منطقة نطنز «قد يغير قواعد اللعبة»، بغض النظر عن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الغرب في فيينا.

ونقلت الصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية ما كتبه رئيس معهد العلوم والأمن الدولي الإسرائيلي ديفيد أولبرايت، في تقرير له حول المنشأة الجديدة في منطقة نطنز حيث يُزعم أن «الموساد» فجر منشأتين نوويتين مختلفتين في يوليو 2020 وأبريل 2021.

وقال أولبرايت، إن «منشأة فوردو الإيرانية الجديدة توجد تحت الأرض مثل منشأة نطنز، مما قد يجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي استهدافهما».

وتابع الخبير الإسرائيلي يقول: «يُنظر إلى فوردو بالفعل على أنها مدفونة بعمق بحيث يصعب تدميرها بهجوم جوي. قد يكون تدمير موقع نطنز الجديد أكثر صعوبة»، إذا ما قررت الدولة العبرية التحرك بشكل منفرد ضدها.

وذكر أولبرايت أن الجبل الرئيسي الذي يؤوي مجمع نفق نطنز الجديد يبلغ ارتفاعه 1608 أمتار فوق مستوى سطح البحر. وبالمقارنة، يبلغ ارتفاع الجبل الذي يؤوي مصنع «فوردو» للتخصيب بالطرد المركزي نحو 960 متراً.

وهذا يجعل جبل نطنز يبلغ ارتفاعه نحوالي 650 متراً أكثر من فورو، ما يحتمل أن يوفر حماية أكبر لأي منشأة مبنية تحته.

كما نقل أولبرايت في تقريره تصريحاً حديثاً، لمسؤول استخباراتي غربي، قال فيه، إن «هناك سبباً قوياً للاعتقاد بأنه يتم بناء مصنع تخصيب في موقع نطنز الجديد تحت الأرض».

ويتوقع المسؤولون الإسرائيليون أن تنقل طهران أكبر أجزاء برنامجها الذري إلى الموقع الجديد الذي يصعب تدميره بسلاح الجو.

ويفيد التقرير بأن صور الأقمار الاصطناعية أظهرت طوال عام 2021 أنشطة حفر واسعة النطاق في المنطقة، ومن غير المعروف ما إذا كان الموقع الجديد سيكون جاهزاً للعمل قبل عام 2023.

شحنات فنزويلا

إلى ذلك، أظهرت بيانات لتتبع حركة السفن ووثيقة من شركة بأن شحنة حجمها 2.1 مليون برميل من المكثفات الإيرانية وصلت إلى المياه الفنزويلية الأسبوع الحالي، إذ تنقل إمدادات إلى شركة النفط الوطنية الفنزويلية التي تديرها الدولة للاستخدام في تخفيف نفطها الثقيل جداً للتصدير.

كانت فنزويلا وإيران اللتان تفرض عليهما الولايات المتحدة عقوبات قد أبرمتا العام الماضي عقداً لمبادلة المكثفات الإيرانية، وهي درجة خفيفة جداً من النفط، بالخام الفنزويلي الثقيل. وأثبتت المبادلة أهميتها في الإبقاء على إنتاج الشركة الفنزويلية وزيادة صادراتها.