شهدت الساحة السياسية في الأيام الماضية استجوابين لوزيري الدفاع والخارجية، وهذا حق دستوري وأداة رقابية كفلها الدستور لجميع النواب ولا يختلف عليها اثنان، فهي وسيلة تنبيه وإنذار يستخدمها النائب متى دعت الحاجة لها.لكن اختلفت "دوافع" استخدام هذه الأداة مؤخراً وأصبحت بعيدة عن العرف الديموقراطي وعن الصلاحيات الممنوحة لها حتى صارت وسيلة للانتقام السياسي وتصفية للحسابات، ولتنفيذ الأجندات التي باتت تشوه المفهوم الحقيقي للاستجواب وكل المواد المطروحة فيه، الأمر الذي سيقلل مستقبلاً من أهمية هذا الحق الدستوري ويضعف هيبته، وتحديداً إذا تم طلب طرح الثقة بعد الاستجواب، وللأسف أصبح هذا الطلب كأنه طلب روتيني بعد كل استجواب للاستحواذ على "شرف البطولة الشعبي".
وبرأيي يجب أن يكون طلب طرح الثقة بسبب وقائع جسيمة جداً؛ تؤكد تجاوز الوزير المعني وذلك بتعمد ملموس مثل الإخلال بأموال الدولة أو بخيانتها عن تقديم معلومات سرية مثلاً، وليس بالضرورة قياس نجاح الاستجواب بطلب طرح الثقة في نهاية المطاف. وما حدث في جلسة طرح ثقة بوزير الخارجية بمحاور أغلبها في غير عهده وغير دقيقة ما هو إلا "قميص عثمان" المطلوب منه رحيل الرئيسين، فلا يجوز خلط الأوراق بهذا المشهد السياسي الذي يبحث فيه الجميع عن بطولات فردية، مما جعل الضرب والتشويه في ساحات الفضاء الإلكتروني أشد فتكاً، "إن لم تكن معي فأنت ضدي" ولا يحتمل رأياً ثالثاً.أما الحقيقة الغائبة في هذا الاستجواب فكانت المطالبة برأس الناطور وليس طمعاً بالعنب، ففي ظل وجود العمل الفردي لن تنجح المعارضة في تحقيق أهدافها وإن كانت أرقامها قريبة في طرح الثقة التي ستتيح للحكومة إعادة النظر في ترتيب صفوف دفاعاتها مستقبلاً.وأخيراً خبر استقالة وزيري الدفاع والداخلية ما هو إلا رسالة واضحة وانعكاس لاضطراب المشهد السياسي، إذ عبّرا بكل صدق عن استحالة الإصلاح وسط الأجواء المشحونة سياسياً في كتاب الاستقالة، فما حال لساننا نحن الشعب؟
مقالات - اضافات
معارضة اجتهادات شخصية وسقوط هيبة طرح الثقة
18-02-2022