ما المخرج من دوران البلد في حلقة النحس والانحدار التي وقعنا فيها كأنها الثقب الأسود الذي يلتهم كل ما حوله، خصوصا وأنه يلوح في الأفق احتمال حل مجلس الأمة واستقالة الحكومة؟لقد بلغت الجفوة بين البرلمان والسلطة التنفيذية حداً لا تنعقد عليها جسور للتفاهم، وامتدت الجفوة بين الشعب والحكومة، حيث تجذَّر اليأس الشعبي من أي احتمالية إصلاح وتغيير نحو الأفضل في ظل التراجع المريع والسريع على كل الصعد، وفقدان القوى الشعبية الأداة والمسالك السياسية لفرض الإصلاح، ووصل الأمر في الهامش البرلماني إلى التصادم والتشاحن، ولن تسفر أي عملية انتخابية عن تغيير في البنية البرلمانية، ولا أظن في ظل ثوابت النهج والتفكير السياسي الحكومي أن تأتي حكومة لديها عصا سحرية تلقف كل أخطاء الماضي والحاضر، وتزحف نحو ابتلاع الفساد والفاسدين بكل تمظهراتهم وشخوصهم، وتقديم الحلول للمشكلات الأزلية بعد أن تدك كل العقبات المانعة للحلول دكاً، وتنفذ مشروعا إصلاحياً يفرز تغييراً بنيوياً وعميقاً في كل المجالات.
إذاً لا بد من تغيير مبادئ وبنية التفكير واقتلاع البداهات المتوحشة بحيث يتخلق واقع ورحم جديد تتولد منه حكومة تأتي على عكس ظن الناس السيئ وتوقعاتهم السلبية، وتكون هذه الحكومة ملتزمة ببرنامج عمل يعالج السلبيات ويرمم شقوق المؤسسات، ويُنهي تصدعات الأداء الحكومي، بحيث تحرث بيئة الفساد بالكامل، إن تم ذلك فإن النتيجة ستكون صادمة في سرعة إتيان الجهود الإصلاحية لأطيب الأُكُل، وسوف تتبخر كل المشكلات كأنها لم توجد بالأمس، وسيتغير الواقع بُنيوياً بحيث لا يوجد فيه مكان لفاسد أو عاجز. البرنامج الحكومي سيكون على رأسه إنزال العقوبات على كل من سرق أموال الشعب أيا كان وفي أي زمن قد وقعت السرقة، لأن جريمة الاستيلاء على المال العام لا تسقط بالتقادم، وفرض الضريبة التصاعدية، وخصخصة القطاع الإنتاجي برمته من الصحة والتعليم حتى الموانئ والمطار والصناعات النفطية، وفرض تكويت الوظائف في القطاع الخاص واعتماد برنامج تعليمي متوافق مع متطلبات السوق، والحكومة تدير فقط القطاعات الأمنية وقطاع العدالة والتخطيط والمالية والشؤون الخارجية والمراقبة وتقييم الأداء العام في كل القطاعات، وتحرير الأراضي وساحل الكويت وإقامة مدن بحرية تتضمن مشاريع إسكانية حديثة للكويتيين تقوم به أحدث الشركات العالمية مع منظومة تمويلية توفر أيسر القروض.أخيراً تنفيذ المشاريع المعطلة كمشروع مدينة الحرير بكل مكوناته من موانئ وملحقاتها ومشاريع استثمارية في المجال الترفيهي والصحي وإنتاج الطاقة المتجددة والمجال التعليمي والثقافي والبيئي والزراعي والسكني، وسيكون رئيس الحكومة مسؤولاً عن بضع وزارات ومؤسسات وهيئات، ومتفرغا للتطوير والرقابة ورسم السياسات وتنفيذها وتطبيق القانون.هنا سينحصر دور البرلمان في الرقابة على الأداء الحكومي والتشريع بما يسهل حركة آلة الإصلاح وتطويرها، وسيتبخر هامش المناورات وألاعيب السِّرك بين الحكومة والبرلمان، وستهبط قيمة أصحاب الحناجر الماسيِّة لأن ما سيطرب الشعب هو ضجيج ورش الإنجاز فقط.
مقالات - اضافات
كيف نخرج من المأزق الراهن؟
18-02-2022