تبادل الجيش الأوكراني والانفصاليون الموالون لموسكو الذين يسيطرون على منطقتين في «الدونباس» شرق أوكرانيا المتاخمة للحدود مع روسية القصف والاتهامات اليوم، في ظل التوتر الشديد السائد في المنطقة، والذي لم تنجح الاعلانات الروسية المتتالية عن سحب قوات في خفضه.

ونفى الجيش الأوكراني اتهامات وجهها الانفصاليون بهجوم قواته على أراضيهم، قائلا إن المتمردين هم من قصفوا الجيش، وأطلقوا قذائف على قرية بمنطقة لوهانسك أصابت روضة أطفال دون وقوع إصابات.

Ad

وفي وقت سابق اتهم الانفصاليون القوات الحكومية بفتح النار على أراضيهم أربع مرات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقال الانفصاليون في بيان إن "القوات المسلحة الأوكرانية انتهكت بشكل فاضح نظام وقف إطلاق النار مستخدمة أسلحة ثقيلة ينبغي، وفقا لاتفاقيات مينسك، سحبها".

وكانت روسيا قالت، إن مقتل اي مواطن روسي في شرق اوكرانيا سيكون مبرراً لرد روسي قوي. وكانت موسكو قامت بتجنيس أكثر من 700 ألف نسمة من سكان المناطق الانفصالية منذ عام 2014، مما يعني عملياً أن اي قتيل يسقط في جبهة الانفصاليين قد يكون على الأرجح مواطناً روسياً.

وحذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عقب اجتماع مع وزراء الدفاع في حلف شمال الأطلسي من أن روسيا قد تكون تسعى لاختلاق ذريعة للقيام بغزو بعد تقارير «مقلقة» عن عمليات قصف عند الخطوط الأمامية لأوكرانيا مع الانفصاليين المدعومين من موسكو.

بدوره جدد الرئيس جو بايدن تحذيره من غزو روسي لأوكرانيا في الأيام المقبله.

وفي تصعيد دبلوماسي، أعلنت السفارة الأميركية لدى موسكو أن السلطات الروسية طردت نائب سفير الولايات المتحدة، بارت غورمان. واعتبرت واشنطن الخطوة تصعيداً وقالت إنها تدرس الرد عليها.

الحاجة إلى الوقت

وقبل ذلك، أعلنت موسكو، أنها تواصل سحب جنود من الحدود الاوكرانية المطوقة من ثلاث جهات مع انطلاق قطار للجيش يحمل تجهيزات من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو من أوكرانيا في 2014.

وعرض التلفزيون العام الروسي مشاهد تظهر قطارا قال إنه يحمل شاحنات عسكرية، يعبر الجسر الذي يربط القرم بالبر الروسي.

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع، في بيان، عودة وحدات مدرعة من المنطقة العسكرية الغربية شاركت هي أيضا في مناورات عسكرية إلى قواعدها.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن بلاده وبيلاروسيا ستنهيان تدريبات عسكرية مشتركة في 20 الجاري كما كان مقرراً من قبل، وان التمديد لبقائها ليس مطروحاً.

وعلى مدى اليومين الماضيين شككت كييف والغرب في إعلانيين مماثلين روسيين عن سحب قوات، مطالبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باجراءات ملحوظة، ويبدو أن هذه الضغوط هي ما دفعت الكرملين الى الاعلان امس أن عودة القوات المشاركة في مناورات على حدود أوكرانيا إلى ثكناتها ستستغرق وقتاً.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، في رده على سؤال حول تقرير لصحيفة "بوليتيكو" عن أن روسيا ستهاجم أوكرانيا بعد 20 فبراير، "الجميع سمعوا العديد من التواريخ لبدء الغزو الروسي المزعوم، لكن تبين أن كل هذا كان مزيفا وحشوا غير مسؤول".

وتزامن الاعلان مع كشف لافروف أن روسيا سترسل ردها على الرد الأميركي بشأن مسألة الضمانات الأمنية خلال ساعات. وكانت موسكو قد طلبت عدم السماح لأوكرانيا بالانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) وهو ما لم تعِد به واشنطن أو بروكسل حتى الآن.

وذكر وزير الدفاع البريطاني بن والاس اليوم، أن كييف تسير على طريق الانضمام إلى "الناتو"، وأن لندن أوضحت للكرملين أن سياسة الحلف بضم أعضاء جدد لن تتغير.

صور جديدة

وقالت شركة "ماكسار" للتكنولوجيا، وهي شركة أميركية خاصة تتعقب حشود القوات الروسية لأسابيع، اليوم، إن صور الأقمار الصناعية أظهرت أن النشاط العسكري الروسي لا يزال مرتفعا. وأظهرت الصور الحديثة مواقع في بيلاروسيا وغرب روسيا وشبه جزيرة القرم، أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء.

وأضافت الشركة الأميركية أن القوات والمعدات ظلت منتشرة في مواقع أخرى في شبه جزيرة القرم.

وفي بيلاروسيا، حيث تجري روسيا تدريبات ضخمة، أشارت "ماكسار" إلى جسر عائم عسكري جديد فوق نهر بريبيات على بعد أقل من ستة كيلومترات من الحدود مع أوكرانيا، بالإضافة إلى مستشفى ميداني كبير جديد في موقع تدريب واحد.

وقالت "ماكسار" إنه تم نشر وحدة جديدة من حوالي 20 طائرة هليكوبتر هجومية بإحدى القواعد في بيلاروسيا، لكن وحدات كبيرة من القوات البرية التي تم نشرها مؤخرا غادرت ولم يُعرف مصيرها.

شكوك الغرب

ورغم الجهود الدبلوماسية التي بذلت وآخرها زيارة المستشار الألماني اولاف شولتس لواشنطن وكييف وموسكو، تمسكت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتقديراتها ان روسيا قد تغزو أوكرانيا او تشن هجوما عسكريا عليها في اي لحظة.

بدورها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين اليوم قبل قمة استثنائية للاتحاد مخصصة لأوكرانيا، إن الاتحاد الأوروبي سيظل على حذره، مضيفة "لم نر أي علامة على وقف التصعيد على الأرض. على العكس من ذلك يستمر الحشد".

جيل من التوتر!

وبعد أن كانت تقديرات تفيد بأن التوتر قد يستمر الى نهاية الشهر الجاري، ذهب نائب وزير الدفاع البريطاني جيمس هيبي بعيداً بالقول إن فترة "المواجهة الحادة" بين روسيا والغرب "يمكن أن تستمر لجيل أو أكثر".

وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، التي توجهت الى اوروبا امس وستعرج على كييف، أكثر تحفظاً إلا انها كتبت في صحيفة "ديلي تلغراف" أن "روسيا قد تطيل أمد الوضع فترة أطول كثيراً في خدعة جريئة لقضاء أسابيع أخرى إن لم يكن شهوراً في تخريب أوكرانيا وتحدي الوحدة الغربية".

لوكاشينكو «النووي»

إلى ذلك، أعلن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، حليف موسكو، اليوم أن بلاده ستكون على استعداد لاستقبال "أسلحة نووية" في حال وجود خطر من قبل الغربيين، في ظل اشتداد الأزمة حول أوكرانيا.

وقال لوكاشينكو: "إذا اقتضت الحاجة... سننشر أسلحة نووية، لا بل أسلحة نووية فائقة، وأسلحة واعدة، دفاعا عن أراضينا"، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام البيلاروسية.