سعداء الدعاس: معظم من أكتب عنهم لا يشبهونني
«أسعى من وراء كتاباتي إلى أن أكون صوتاً لمن لا صوت له»
تؤكد رئيسة قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية د. سعداء الدعاس أن رسالتها في كل كتاباتها تتمثل في أن تكون صوتا للآخر، الذي لا صوت له، لذلك فإن معظم من تكتب عنهم لا يشبهونها، معتبرة أن الكثرة في النتاج الأدبي لا تعتبر عاملا سلبيا، لأن القراءة اختيار، وكل قارئ يختار ما يناسبه من ذلك النتاج، «الجريدة» التقت الدعاس للحديث عن موقع السرد الكويتي عالمياً، وقضايا النقد الأدبي، وفيما يلي التفاصيل:
• كثيراً ما يواجه الكاتب النقد، برأيك ما الشكل الصحيح للنقد؟ ومن يكون له الحق في توجيهه؟
- النقد حق للجميع، كما هي الكتابة حق للجميع أيضاً، ولا يمكن لمثقف واع أن يسلب الآخر حقه في إبداء وجهة نظره إلا إذا كان يخشى النقد، أما معيار التقييم فيعتمد على المادة النقدية ذاتها؛ وأهمها مستوى الموضوعية، وأذكر في إحدى الندوات اعترض مخرج مسرحي على رأي قيل في مسرحيته، لأن قائله شاب صغير في السن، يومها الكل صُعق من ضيق أفق هذا المخرج، حين ترك الرأي واهتم بشخصية قائله، ولو أن الرأي كان مديحاً لما اعترض بالتأكيد.
• حدثينا عن تجربتك مع "لمن يقف خلف الباب"، وهل حقق الهدف المرجو منه؟
- الكتاب نتاج لورشتين، أقمتهما فترة الحظر في بداية الجائحة، حيث كان معظم الطلبة يشعرون بالضجر، ففكرت في عمل نشاط تطوعي لملء وقت فراغهم بما هو مفيد، وبعد عدة أشهر تحقق الهدف بتطور أدوات المشاركين، وكمكافأة لهم أرسلت منجزهم للكتاب الذين قمنا بتناول قصصهم في ورشة النقد، وهم: باسمة العنزي، ثريا البقصمي، طالب الرفاعي، عبدالله العتيبي، منى الشمري، وفوجئت بتفاعلهم الجميل وكلماتهم المشجعة لطلبتي.• ما مدى تأثير كتاباتك على القارئ؟ وما رسالتك لمجتمع الكُتاب ككاتبة؟
- لا أستطيع أن أتحدث عن تأثير كتاباتي، وإن كنت ألمسه بصورة كبيرة ولله الحمد، من خلال ما يصلني من آراء بصورة مباشرة عبر المقالات والرسائل العلمية التي تكتب عن منجزي، أو بصورة غير مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أما رسالتي في كل كتاباتي فتتمثل في أن أكون صوتا للآخر، الذي لا صوت له، لذلك فإن معظم من أكتب عنهم لا يشبهونني.• من وجهة نظرك، ما الصفات التي يجب أن يتحلى بها الكاتب الناجح؟
- نجاح الكاتب أمر نسبي، يعتمد على عدة معايير تتعلق بالإمكانيات، والأهم استمرار فعل الكتابة، ومن قبلها القراءة، فلا قيمة لكاتب لا يقرأ ليجدد مخزونه المعرفي، كما أن من أهم صفات الكاتب هو الإصغاء للآخر، وأن يحاول وضع نفسه مكانه، وهو فعل أمارسه بصورة يومية، لهدف إنساني قبل هدف الكتابة ذاتها.• هل تتفقين مع من يرى أننا نشهد فائضا في التأليف الروائي؟ ولماذا؟
- وصف النتاج الأدبي بـ "الفائض" يوحي بأن الكتاب عبء، في حين أن الكثرة حين تتعلق بالنتاج الأدبي لا تعتبر عاملا سلبيا، لأن القراءة اختيار، وكل قارئ يختار ما يناسبه من ذلك النتاج، أما قياس الكم فتلك خطوة إحصائية بحتة، تحتاج إلى دراسة لمعرفة تأثيرها، وطالما أن الفائض الروائي يؤدي لقراء أكثر فأهلا به.• أين موقع الرواية الكويتية في الأدب العالمي من وجهة نظرك، وهل من الممكن أن نرى روائيا كويتيا ينال حظه من العالمية؟
- العالمية مسألة أعمق من مجرد ترجمة مُنجز إلى لغات أخرى، أعتقد أن قلة قليلة من كتاب الوطن العربي من حققوا العالمية بمعناها الحقيقي وليس الشكلي فقط، ومن الملاحظ أن جميع الأعمال التي وصلت للعالمية هي تلك التي تمتاز إما بالخصوصية المكانية، أو التي تعتمد على الجانب البحثي، أو تلك التي يصدرها كتاب انصهروا في المجتمعات الغربية، وجميعها عوامل تفتقدها الرواية الكويتية باستثناءات بسيطة.• هل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي البديل عن المسرح والسينما؟
- المسرح سيظل الفن النابض بالحياة، الذي يأسرك بهالته، فالمشاعر التي تنتابك كمتلق للعرض المسرحي لا يمكن أن يحققها أي وسيط آخر، والبدائل وجدت لمعالجة وضع ما ضمن ظروف طارئة، لكنها لن تحل محل الأصل على الإطلاق، وهكذا الحال بالنسبة للسينما أيضا.• من وجهة نظرك هل الكويت تعيش أزمة ثقافية فنية فيما يتعلق بالنقد؟
- ليس في الكويت فحسب، بل العالم كله باتت تضيق أنفاسه من الرأي الآخر، في جميع المجالات حتى السياسية والعلمية، حيث تصدرت ثقافة العداء للرأي المغاير، وخير دليل على ذلك النزاعات المخزية بين بعض أعضاء مجلس الأمة، والإهانات التي يتبادلها بعض الأطباء في السوشيال ميديا، وبدلا عن الاستماع لآراء الآخرين ومناقشتها بات البعض يجهز الأسلحة لشن الحروب.وهؤلاء هم من يعانون من ضعف الحجة بلا شك، وأذكر أنني كتبت مقالا عن كارثة التلقين في التعليم الجامعي، وهي إشكالية كتب عنها طه حسين قبل عشرات السنين، وبدلا من استفادة البعض من المقال في تطوير أدواتهم ومقارعة الحجة بالحجة، انشغلوا بشن حرب ضدي، مما أضعف موقفهم أمام الآخرين، وأكد أن المقال ينطبق عليهم.
العداء للرأي المغاير أصبح ثقافة متصدرة في الوقت الحالي