مومياء ملكية تفتح الباب لدراسة أسرار التحنيط
أشعة متطورة تكشف موت «أمنحتب الأول» شاباً واحتفاظه بالمخ والذهب!
فتح بحث علمي نُشرت نتائجه قبل أيام في دوريات عالمية، المجال أمام دراسة أسرار التحنيط عن القدماء المصريين، حيث أجري البحث على مومياء الملك الفرعوني أمنحتب الأول، وكشفت النتائج احتفاظ المومياء بمخ الملك على غير ما كان متبعًا في عمليات تحنيط الجثامين قبل عهده، كما تبين أنه توفي شابًا عن عمر ناهز 35 عاما.وتكمن أهمية الحدث الجديد في أن أسرار أمنحتب الأول، ظلت نحو 3 آلاف عام مخبأة تحت لفائف قماش الكتان التي تغطي مومياءه، وخلف قناع الوجه الجنائزي الذي يغطي وجهه إلى أن تم الكشف عنها أخيرًا من خلال الدراسة التي أجراها عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق زاهي حواس، وأستاذة الأشعة في كلية الطب بجامعة القاهرة، سحر سليم، ونشرت نتائجها قبل أيام دوريات عالمية، أبرزها مجلة "فرونتيرز" الطبية المتخصصة، وصحيفة "الغارديان" البريطانية.واستخدمت الدراسة المصرية تقنية أشعة متطوِّرة من التصوير المقطعي المحوسب، وبرامج الكمبيوتر المتقدمة، لفك اللفائف من على مومياء أمنحتب الأول بشكل رقمي آمن، ومن دون الحاجة إلى لمس المومياء، وبالتالي الحفاظ على ملامح المومياء، وعدم تعرضها للتلف مثلما كان يحدث في حالة فك اللفائف بالطريقة التقليدية. وكشفت الدراسة وجه الفرعون وعمره وحالته الصحية لأول مرة، بالإضافة إلى العديد من أسرار تحنيط المومياء وإعادة دفنها.
وفي بيان له، أعلن حوّاس، أن الدراسة نجحت، ولأول مرة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، في كشف وجه الملك أمنحتب الأول، الذي اتضح أنه يشبه بشكل كبير والده الملك أحمس الأول، كما تم تحديد عمره بدقة وقت الوفاة والذي قدرته الدراسة بـ 35 سنة.الدراسة كشفت أيضا معلومات مهمة عن الطريقة التي تم بها تحنيط جثمان الملك أمنحتب الأول، إذ اتضح أن وضعية تقاطع الساعدين على جسد مومياء الملوك بدأت بمومياء أمنحتب الأول، واستمرت بعده في ملوك المملكة الحديثة.وأثبتت الدراسة أن المخ لايزال موجوداً في جمجمة المومياء، فلم تتم إزالته أثناء التحنيط، على عكس معظم ملوك المملكة الحديثة، مثل توت عنخ آمون، ورمسيس الثاني، وغيرهما، حيث أُزيل المخ ووُضعت مواد تحنيط داخل الجمجمة. كما كشفت صور الأشعة ثلاثية الأبعاد وجود 30 تميمة داخل المومياء وبين لفائفها، وكذلك وجود حزام أسفل ظهر مومياء الملك مكوَّن من 34 خرزة من الذهب. وأحدثت الدراسة الأخيرة أصداءً واسعة، ولفتت أنظار العالم خصوصًا مع اهتمام وسائل الإعلام العالمية بنشر نتائجها، وعبّر عشاق الحضارة المصرية القديمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن سعادتهم بما جرى التوصل إليه، معتبرين أن الحدث مهمٌ، ويسهم في إنعاش سياحة الآثار في مصر، ويفتح الباب أمام العلماء المتخصصين لدراسة فن التحنيط عند الفراعنة.وأمنحتب الأول هو ابن الملك أحمس قاهر الهكسوس، وقد تولى عرش مصر بعد والده وحكم البلاد مدة 21 عاماً (من 1525 إلى 1504 قبل الميلاد)، وعُثِر على موميائه عام 1881 في مخبأ الدير البحري الملكي بمدينة الأقصر (أقصى جنوب مصر)، حيث قام كهنة الأسرة الحادية والعشرين بإعادة دفن وإخفاء مومياوات العديد من الملوك والأمراء لحمايتهم من لصوص المقابر. وبعد نقلهم إلى القاهرة، في الفترة ما بين 1881 و1896، تم فك اللفائف عن كل المومياوات الملكية، عدا مومياء أمنحتب الأول، حفاظًا على جمالها، حيث إنها مغطاة بقناع جنائزي وبأكاليل الزهور الملونة.يشار إلى أن "فحص المومياوات الملكية" مشروع تتبناه وزارة الآثار المصرية، وتنشر نتائجه تباعاً مع الانتهاء من فحص كل مومياء، وفي إطار هذا المشروع تم استخدام الأشعة المقطعية لفحص 40 مومياء ملكية، وهو العمل الذي بدأ منذ 2005 ولايزال مستمرًا.