حصل تغيّر سلس في الأسلوب الذي يستعمله جو بايدن وبوريس جونسون للتطرق إلى الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، فقد انتقل الزعيمان من التكلم عن غزو "وارد جداً" إلى إمكانية التوصل إلى "حل دبلوماسي"، وانتقلا أيضاً من "فقدان معظم الآمال" إلى وجود "بصيص أمل" متجدّد.لكن ما مصدر ذلك الأمل؟ يبدو أن الآمال المتجددة تشتق من الضجة التي أثارتها أوكرانيا حول استعداد حكومتها لإصدار تصريح علني مفاده أنها لا تنوي تقديم طلب للانضمام إلى حلف الناتو الدفاعي الغربي قبل مرور عشر سنوات على الأقل، مع أنها تحتفظ بحق الانتساب إليه. يحرص الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني على تشجيع هذا النوع من المواقف من جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر القنوات الدبلوماسية، ويأمل الزعيمان أن تمنع هذه الخطوة بوتين من نقل 140 ألف جندي لمحاصرة أوكرانيا على طول الحدود، وإطلاق صراع قد يمتد لسنوات على الأرجح، وتكبّد خسائر بشرية فادحة، وإضعاف مستويات المعيشة في روسيا، وهو وضع لا يستطيع الشعب الروسي تحمّله.
سبق أن حقق بوتين منفعة كبرى بعد تهديد سيادة الدولة الأوكرانية: وافق بايدن وجونسون وقادة الاتحاد الأوروبي ضمناً على اعتبار شبه جزيرة القرم جزءاً دائماً من روسيا، وهي المنطقة الأوكرانية التي ضمّها بوتين إلى بلده بطريقة غير قانونية عام 2014.يقول مصدر حكومي بارز: "من خلال تهديد بقية مناطق أوكرانيا، نجح بوتين في إحكام قبضته على شبه جزيرة القرم، ولا أحد يستطيع إنكار ذلك". في الوقت نفسه نجح بوتين، ولو في مرحلة متأخرة برأي البعض، في توحيد الرد العشوائي من الدول الغربية. تتجه الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي اليوم إلى تطبيق مقاربة جماعية لتحديد العقوبات المحتملة على بوتين إذا قرر غزو أوكرانيا، ويتسارع الآن الحشد العسكري لقوات الناتو في البلطيق وعلى مسافة قريبة من أوكرانيا. من الواضح مثلاً أن ألمانيا لن تفتح مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بين روسيا وأوروبا إذا حصل أي غزو روسي، ويقول مصدر مطّلع على هذا الملف: "يتعارض هذا القرار مع ما يريده بوتين، مع أن خلافنا في المرحلة الأولى لم يكن إيجابياً"، وفيما يخص الفوضى الظاهرية في العلاقة "الخاصة" بين بريطانيا والولايات المتحدة، وهو وضع استفاد منه بوتين طوال أشهر، تغيّرت الظروف نحو الأفضل أيضاً. في نهاية مكالمة ليلية دامت أربعين دقيقة بين جونسون وبوتين، يقال إن رئيس الوزراء البريطاني أخبر الرئيس الأميركي بأن بريطانيا تريد فعل كل ما يلزم لتقديم المساعدة في هذا الملف، فأجابه بايدن بأنه لن يتخذ أي خطوة من دونه، ويبدو أن الخطوات الواعدة لا تزال ممكنة في الغرب.
مقالات
أزمة أوكرانيا وحّدت صفوف الغرب
20-02-2022