أكد رؤساء البرلمانات والمجالس العربية أهمية تبني طريق التضامن العربي سبيلاً لمواجهة جميع التحديات الخارجية والداخلية ولتعزيز وحدة الصف العربي وتجاوز الخلافات العربية - العربية.جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن المؤتمر الـ 32 للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد على مدى يومين بالقاهرة تحت عنوان "التضامن العربي"، إذ شدد الاتحاد على أهمية الحاجة لتبادل الخبرات التشريعية والبرلمانية والتجارب الناجحة بين البرلمانات العربية، وتنسيق جهود التحرك البرلماني لتوحيد الرؤى البناءة وتجاوز العقبات، وصولاً إلى تشكيل موقف عربي موحد تجاه أي قضية عربية أو إقليمية أو دولية.
وجدد الاتحاد موقفه التضامني "الراسخ" ودعمه "الدائم والمستمر" لقضية العرب المركزية والمحورية "فلسطين" إلى أن يتمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف بما يتوافق مع القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية.وشدد على أن تجاهل الاحتلال الإسرائيلي القرارات والشرعية الدولية والإجماع الدولي من شأنه تكريس ظواهر العنف والكراهية وزعزعة أمن واستقرار المنطقة بأسرها، مؤكداً أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس حق تاريخي اعترفت به دول العالم قاطبة، مجدداً رفضه وبشكل قاطع "العبث بالوضع القانوني القائم في القدس وما تمثله من رمزية بصفتها مهبط الرسالات وعاصمة الديانات".وأعرب عن رفضه الواضح لأي "مخططات خبيثة" تهدف إلى تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً، مطالباً بزيادة حجم التواصل والضغط على المؤسسات الدولية لفضح النيات الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي وإعلاء الصوت العربي الرافض لممارسات الاحتلال وأعماله الاستيطانية التوسعية. وأكد في هذا الإطار تمسكه بمرجعيات القرارات الأممية ومبادرة السلام العربية باعتبارها الأساس لاستئناف أي مفاوضات سياسية تضمن المحافظة على حقوق الفلسطينيين "كاملة غير منقوصة".
أعمال عدائية
على الجانب الآخر، دان الاتحاد استمرار الميليشيات الحوثية في التصعيد ومحاولاتها فرض سيطرتها بالقوة على المناطق اليمنية وتجاهل دعوات مجلس الأمن والمجتمع المدني، موضحاً أنه "لا يمكن إحراز تقدم لإنهاء الأزمة اليمنية دون وقف الأعمال العدائية التي تقوم بها الميليشيات الحوثية ووضع حد لانتهاكاتها المتكررة ضد اليمنيين".وفي سياق دعم الأمن القومي العربي وصيانته، دان الاتحاد بشدة أي محاولة هدفها المس بأرض وشعب وسيادة السعودية والإمارات من قبل ميليشيا الحوثي، مستنكرا في الوقت ذاته الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة التي تعرض لها البلدان.واعتبر أن تلك الهجمات تمثل تهديداً مباشراً للسلم والأمن العربي والدولي، مؤكدا دعمه الكامل لحق السعودية والإمارات في الدفاع عن سلامة أراضيهما وسيادتهما ومواطنيهما وأمنهما.وأكد أهمية تعاون البرلمانات العربية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 لسنة 2015 الذي يحظر توريد الأسلحة للجماعة الحوثية والقرار رقم 8725 لعام 2022 الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية الذي يطالب الدول كافة بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية.كما شدد الاتحاد على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية لما لذلك من أثر فاعل في تقليل حدة الصراعات والنزاعات في المنطقة والعالم وفي تحقيق الأمن والسلم الدوليين، مؤكدا أهمية دعم توظيف العلوم المتقدمة في الطاقة النووية للأغراض السلمية حصرا.وأكد التضامن العربي مع كل من مصر والسودان، مشدداً على أن الأمن المائي للدولتين هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ورفض المساس بحقوقهما في نهر النيل وقبل منها الحق في الحياة.ودعا في الوقت ذاته الجانب الإثيوبي إلى التخلي عن سياساته وإجراءاته الأحادية وصولاً إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم حول ملء "سد النهضة" الإثيوبي وتشغيله بالشكل الذي يعزز التنمية والاستقرار في المنطقة، مجدداً التأكيد على ضرورة إعادة صياغة الاستراتيجية العربية وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية التي أثبتت جدواها وفاعليتها في ضمان التواصل بين الحكومات العربية وبرلماناتها الوطنية من أجل ترتيب الأولويات.وأشار إلى أهمية الخروج بموقف عربي موحد وشامل وقادر على تهيئة عوامل صمود الأمة العربية ومنعتها في وجه الطامعين والمستعمرين، إضافة إلى تعزيز دورها وحضورها الفاعل والمؤثر في المحافل الإقليمية والدولية.جسد واحد
ورحّب بأي مبادرة عربية تجسد التضامن والتكاتف الإنسانيين في أوقات المحن والأزمات والأوبئة والكوارث بمعزل عن الاختلافات في المواقف والآراء السياسية "فنحن أمة واحدة لا يمكن لنا إلا أن نكون كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".وشدد على أن استمرار الحوار والتشاور بين الأشقاء من شأنه أن يساهم في إثراء النقاش وفي تقديم رؤية أكثر وضوحا لمختلف القضايا العربية الجوهرية وعلى رأسها قضية فلسطين وقضية اليمن إلى جانب قضية لبنان الذي "يعاني انهيارا اقتصاديا لم يسبق له مثيل" أو أي دولة عربية شقيقة أخرى خصوصا في ظل الظروف السياسية "العصيبة والمعقدة" التي يمر بها العالم أجمع ومن ضمنه المنطقة العربية.وأشار الاتحاد إلى أهمية احتواء جميع الخلافات العربية وحلها داخل البيت العربي ومنع أي تدخلات إقليمية في هذا الشأن بما يضمن سلامة الدول العربية وأمنها وتحقيق استقرارها ونموها، مشدداً في هذا السياق على ضرورة حل الأزمة السورية والحفاظ على وحدة أراضيها وسيادتها وأمنها وضرورة تحقيق الاستقرار في السودان والإسراع بتشكيل الحكومة الليبية الوطنية "بعيدا عن كل التدخلات الخارجية" والحفاظ على سيادة الصومال ووحدة أراضيه.الغانم: فشلنا في إشاعة الاستقرار بدولنا
جدد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم تأكيده أهمية الاجتماعات والتنسيق المستمر بين كل الكيانات المؤسسية في الوطن العربي لاسيما الشعبية والأهلية منها، مبيناً أن ذلك هو السبيل لتحقيق التواصل والتفاعل والتضامن بين الدول العربية.جاء ذلك في كلمة ألقاها الغانم أمام المؤتمر الرابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية الذي اختتم اليوم في العاصمة المصرية القاهرة تحت عنوان "رؤية برلمانية لتحقيق الأمن والاستقرار والنهوض بالواقع العربي الراهن".ودعا الغانم إلى ترتيب الأولويات، والتحرك وفق آلية تنسيق عالية، وتوحيد الخطاب قدر الإمكان، لافتا الى أن هذا لا يأتي إلا بالتشاور المستمر، والتحاور الدائم، وفتح باب النقاش والعصف الذهني بشكل متواصل.وفي مستهل كلمته، أعرب الغانم عن شكره الجزيل للبرلمان العربي، رئيسا وأعضاء، على الدعوة الكريمة لعقد الاجتماع، مضيفاً "نحن في وقت أحوج ما نكون فيه إلى تفعيل كل أشكال التنسيق والتعاون والتشاور حول القضايا الكثيرة الملحة التي تشغل الأمة".وقال "عندما قرأت مشروع وثيقة مؤتمرنا هذا ببنوده الـ 12، تبادر إلى ذهني نفس الهاجس الذي يتردد عليّ كلما قرأت مشاريع الوثائق العربية، والمتعلق بحجم القضايا المركزية الملحة التي تعانيها أمتنا العربية، والتي تتراوح بين ملفاتها القديمة المزمنة كالقضية الفلسطينية، وبين الأزمات السياسية المستجدة التي ما إن نغلق ملفاً فيها حتى يستجد ملف آخر، في حلقة مفرغة من المعاناة المستمرة".وأضاف "عندما أنظر إلى العناوين العريضة للأزمات السياسية والصراعات المستجدة التي وردت في مشروع الوثيقة، والواجب التعاطي معها كـ (الأزمات اليمنية والليبية والصومالية والسورية واللبنانية والسودانية)، أشعر بحزن شديد وقلق متعاظم".واستطرد الغانم: "أشعر بحزن شديد وقلق متعاظم ليس لكثرة تلك الأزمات، فهذا أمر وللأسف اعتدنا عليه، بل بسبب الحقيقة التي تمثل أمامي وأنا أرى عناوين تلك الأزمات، وهي إننا طالما فشلنا في إشاعة الاستقرار في دولنا العربية، وأضع ألف خط تحت كلمة (الاستقرار)، فإن الحديث عن باقي الملفات الواردة في الوثيقة والتي هي غاية في الأهمية، يصبح نوعاً من الترف".وأوضح "أعرف أن تلك المعادلة ملتبسة وحمالة أوجه، لكن فعلاً كيف يمكن تفعيل ملف تمكين المرأة العربية في ظروف الاحتراب؟ وكيف يمكن أن ننجح في تثوير ملف الشباب العربي في أزمنة التصارع العسكري الأهلي؟ وكيف يمكن أن نتحدث عن ملف الديموقراطية وحقوق الانسان، ولسان حال الكثير من البقاع العربية للأسف أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة؟".وتابع "هكذا تنسى الملفات المهمة ويتم إهمالها، لأن لسان حال الكثير اننا لا نملك ترف التعاطي معها في ظل انعدام الاستقرار والأمن والطمأنينة المجتمعية في الكثير من دولنا للاسف، وهذه مفارقة محزنة جداً".وأكد الغانم أن "اجتماعاتنا العربية مهمة، وتنسيقنا المستمر بين كل الكيانات المؤسسية العربية، وخاصة الشعبية والأهلية منها، مهم، لأن البديل هو أن نعيش وكأننا في جزر معزولة، ويصبح الوطن العربي بمثابة أرخبيل من الأقطار التي تفتقد الى الحد الأدنى من التواصل والتفاعل والتضامن، وهذه صيغة غير قابلة للتطبيق لأسباب استراتيجية واقتصادية وثقافية، ولأسباب تتعلق بمنطق العالم الحديث".وذكر أن "خللاً ما، يحدث في دولة عربية ما، مهما كان بعدها الجغرافي، هو مؤثر على دولة أخرى بالتبعية، إن لم يكن اليوم، فبعد حين، فهذا هو منطق عالمنا الراهن، وعليه فإنني أؤكد أن ما تضمنته الوثيقة من ملفات هي مهمة جدا، ولكن التنسيق بشأنها أكثر أهمية".وقال الغانم "علينا أن نرتب الأولويات، ونتحرك وفق آلية تنسيق عالية، وأن يكون خطابنا موحداً قدر الإمكان، وهذا لا يأتي إلا بالتشاور المستمر، والتحاور الدائم، وفتح باب النقاش والعصف الذهني بشكل متواصل".كما توجه الغانم مرة أخرى بالشكر الجزيل لجامعة الدول العربية والبرلمان العربي على استمرار عقد هذا الاجتماع المشترك، آملا أن تستمر مثل هذه الاجتماعات سواء على مستوى رؤساء البرلمانات، أو حتى على مستوى ورش العمل وجلسات النقاش ذات الطابع التقني والتفصيلي والعملي والفني.وأعلن مجدداً استعداد البرلمان الكويتي الدائم لاحتضان أي نشاط مشترك على مستوى البرلمانيين أو الأمانات العامة للبرلمانات، لبحث مختلف الملفات التي تهم كل الدول العربية.