نشرت «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً يتساءل عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استراتيجياً ماكراً أم زعيماً مظلوماً ومتهوراً؟.وأورد مدير مكتب الصحيفة بموسكو، أنطون ترويانوفسكي، في التقرير، أن بعض المحللين يشعرون بالحيرة بشأن نوايا بوتين الكامنة وراء الحشد الضخم لقواته حول أوكرانيا، ويقولون إنه مخادع ولن ينفذ غزواً، لكنهم يفترضون أيضاً إنه قد يكون تغيّر خلال جائحة كورونا.
ويضيف الكاتب، أن العديد من المحللين مقتنعون بأن بوتين عقلاني في الأساس، وأن مخاطر غزو أوكرانيا ستكون كبيرة جداً إلى درجة أن حشده الضخم لقواته لا يكون منطقياً إلا باعتباره خدعة مقنعة جداً، لكن بعضهم أيضاً ترك الباب مفتوحاً لفكرة أنه قد تغير تغيراً جذرياً وسط الوباء الذي ربما جعله أكثر جنوناً بالعظمة وأكثر حزناً وتهوراً.ودلّلوا على ذلك بالطاولة التي يبلغ طولها 20 قدما التي استخدمها بوتين لإبعاد نفسه اجتماعياً هذا الشهر عن القادة الأوروبيين الذين يسافرون لإجراء محادثات بشأن الأزمة، وهو فعل وصفوه بأنه يرمز إلى انفصاله عن بقية العالم. فمنذ ما يقرب من عامين، غرق بوتين في شرنقة خالية من الفيروسات على عكس أي زعيم غربي، فقد أظهر التلفزيون الحكومي أنه يعقد معظم الاجتماعات الرئيسة عبر الهاتف بمفرده في غرفة مع إبقاء وزرائه على مسافة، ونادراً ما يستدعيهم شخصياً.وقال الكاتب، إن التكهنات إزاء الحالة العقلية للزعيم دائماً ما تكون مقلقة، ونقل عن إيكاترينا شولمان، أستاذة العلوم السياسية والعضوة السابقة في مجلس حقوق الإنسان التابع لبوتين، قولها عن المظاهر العلنية الأخيرة للرئيس، إن هناك انطباعا عن انزعاجه، وقلة اهتمامه، وعدم رغبته في الخوض في أي شيء جديد، إذ يُظهر للجمهور أنه كان في عزلة عملية، مع فترات راحة أقل من أي وقت مضى، منذ ربيع عام 2020.
ونقل عن فيودور لوكيانوف محلل السياسة الخارجية البارز في موسكو الذي يقدم المشورة للكرملين قوله، إن هدف بوتين الآن هو «فرض مراجعة جزئية لنتائج الحرب الباردة»، لكنه على الأغلب سيتوقف عن الغزو الشامل، وبدلاً من ذلك سيستخدم «وسائل خاصة أو غير متكافئة أو مختلطة»، منها جعل الغرب يعتقد أنه مستعد حقاً للهجوم؛ «فالخداع يجب أن يكون مقنعاً جداً»، وأضاف أن الولايات المتحدة، بتصويرها القوي لروسيا بأنها عدوانية وتستعد للغزو «تجاري لعبة بوتين %200».وقال ديمتري ترينين رئيس مركز أبحاث مركز كارنيغي في موسكو، إن بوتين ناجح جداً في استخدام الصورة السلبية التي أنشئت حوله كشيطان، واصفاً إياه بأنه يستغل المخاوف من أنه كان مستعداً لإطلاق العنان لحرب مروعة؛ «كانت الخطة هي خلق تهديد، لإيجاد شعور بأن الحرب يمكن أن تحدث».ويعود الكاتب ليقول، إن الخبراء كانوا مخطئين من قبل. ففي عام 2014، استولى بوتين على شبه جزيرة القرم، على الرغم من أن قلة من محللي موسكو كانوا يتوقعون تدخلاً عسكرياً، مضيفا أن المتشككين في الرأي القائل، إن السيد بوتين يخدع، يشيرون إلى أنه خلال الوباء اتخذ بالفعل إجراءات بدت في وقت سابق غير مرجحة. على سبيل المثال، تتناقض حملته القاسية ضد شبكة أليكسي نافالني مع وجهة النظر السائدة بأن بوتين كان سعيداً بالسماح لبعض المعارضة المحلية كصمام هروب لإدارة الاستياء.وقال مايكل كوفمان مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث «سي إن إيه» (CNA) -مقره في أرلينغتون بولاية فرجينيا- الأسبوع الماضي «لقد تخطى بوتين في العام الماضي توقعات كثيرين بأنه لن يفعل شيئاً بهذه الدراماتيكية، لكنهم ربما لم يكونوا قد لاحظوا هذا التحول النوعي في العامين الماضيين».