تحولت أزمة سعر صرف الدينار العراقي إلى تحدٍّ سياسي لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي يواجه كذلك معركة سياسية مع "الإطار التنسيقي" الذي يضم أغلبية القوى الشيعية، بشأن تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات أكتوبر التي فاز تياره فيها بأكبر كتلة نيابية. في تحدٍّ نادر، رفض وزير المالية علي علاوي، أمس الاول، الاستجابة لـ "أوامر" الصدر بمثوله أمام البرلمان مع مدير البنك المركزي مصطفى غالب ونائبه "فوراً"، لمناقشة سلسلة مقترحات قدمها هو لحلحلة أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار وتنسيق سوق العملة.
ورأى علاوي، في رسالة غاضبة إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن استدعاءه من نائب رئيس البرلمان الصدري حاكم الزاملي بعد تغريدة الصدر الخميس الماضي أمر غير مقبول ولا ينبغي السكوت عنه، "سواء لكرامة الحكومة أو كرامته كوزير أو كرامته الشخصية وكرامة عائلته"، مشدداً على أن "إدارة الدولة لا تتم من خلال تغريدات القادة السياسيين، والحكومة ليست مسؤولة أمام أي حزب سياسي، إنها مسؤولة فقط أمام الشعب من خلال مجلس نوابه المنتخب".وفي الرسالة، وصف علاوي استدعاءه بالتدخلات الحزبية الشائنة في عمل الحكومة، رافضاً التنازل عن استقلال السلطة التنفيذية للدولة.ودافع علاوي عن نفسه بالقول: "عملت في ظروف صعبة للغاية منذ سنتين تقريبا، وأعتقد أنني نجحت في إدارة الشؤون المالية، ورعاية الاقتصاد نحو درجة من الأمان".وعن تعديل سعر الصرف، أوضح أنه كان عليه اتخاذ العديد من القرارات الصعبة، بما في ذلك قرار تعديل سعر الصرف، مشيرا إلى أنه حظي بدعم المجتمع الدولي ومجلس الوزراء والبنك المركزي والأحزاب السياسية في اجتماعين منفصلين مع قياداتها، ووافق عليه مجلس النواب في فبراير 2021.وإذ قدّر وقوف التيار الصدري معه في تعيينه وزيراً للمالية قبل عامين، رفض أن يعامله زعيم حزب سياسي كبير باستخفاف كأحد أتباعه، وليس من حق الحزب "مخاطبتي بصفتي خادما بناء على طلبهم ودعوتهم".وصعّد الزاملي أمس وطالب بمنع سفر وزير المالية لحين إكمال متطلبات حضوره للإجابة عن الأسئلة قبل الاستقالة أو البقاء في منصبه، مؤكداً أن أكثر من 50 نائباً طلبوا استجوابه.وخلال اجتماعه بمحافظ البنك المركزي ونائبه، اتهم الزاملي وزير المالية بأنه "نقل تجاربه الخاسرة لشركات أدارها بالخارج إلى العراق، ولم يقدم أي شيء له وساهم في ارتفاع ديونه إلى 27 تريليون دينار في عام واحد فقط".ودخل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي على خط الأزمة، رافضاً تحميل علاوي مسؤولية قرار دعمه البرلمان السابق والقوى السياسية المتنفذة فيه، مؤكداً أن "تخفيض سعر صرف الدولار من صلاحية مجلس الوزراء حصراً ضمن مسودة مشروع قانون الموازنة".إلى ذلك، حذر الصدر من أسماهم "الوحوش الكاسرة" من الاستمرار في التهديد بعد ان شنت مجموعة مجهولة، مساء أمس الأول، هجومين بعبوات ناسفة على مقر حزب "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في هيت بمحافظة الأنبار ومنزل النائبة نيسان زاير عضوة حركة "امتداد" المنبثقة عن "حراك ثورة تشرين" بقضاء سوق الشيوخ في محافظة ذي قار، في استمرارٍ لمسلسل رفض المسار السياسي وتوجه التيار الصدري للتحالف مع السنة والأكراد. وكتب الصدر، في تغريدة غاضبة أمس الأول: "مرة أخرى تتصاعد أصوات الوحوش الكاسرة التي لا تعي غير التهديد. مرة أخرى يهددون الحلفاء والشركاء في حكومة الأغلبية الوطنية".وقال الصدر، لجهات لم يحددها: "كفاكم تهديداً ووعيدا، فنحن لن نعيد البلد بيد الفاسدين، ولن نبيع الوطن لمن خلف الحدود"، مضيفاً أنه لن يقف "مكتوف الأيدي" ويسمح "للإرهاب والفساد" بالتحكم في العراق.ومع تصاعد لغة الرسائل الخشنة لرافضي تحالف القوى السنية والكردية مع التيار الصدري، اتهم الحلبوسي أمس الأول "إرادات غير منضبطة" بمحاولة كسر هيبة الدولة. وقال الحلبوسي في تغريدة: "منذ البداية اخترنا السياسة بديلاً عن السلاح الذي كان يرفع بوجهنا في مناطقنا، ليقيننا أن العنف لا يبني الدول، بل تبنى بالحرية والعدالة والمساواة وفق دستور حاکم وقوة القانون".وأضاف: "اليوم تظهر إرادات غير منضبطة تحاول كسر هيبة الدولة بهدم أركانها وتهديد مكونات الشعب، فلم نخش سلاح الأولين ولن نقبل تهديد الآخرين، ولم ولن نغير نهجنا المصر على بناء الدولة بعيدا عن العنف. متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، إن وزير الخارجيَّة فؤاد حسين، التقى نظيره الإيرانيّ حسين أمير عبداللهيان على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن.وأضاف الصحاف، أن «الجانبين بحثا العلاقات المتميزة بين البلدين الجارين، والملفات ذات الاهتمام المُشترَك، واستعراض أهم التطورات الإقليميَّة والدوليَّة، كما تم التطرق إلى المفاوضات الجارية حالياً في مدينة فيينا حول البرنامج النوويّ الإيرانيّ، والجهود الدبلوماسيّة لإنجاحها». ونقل الصحاف، عن وزير الخارجية العراقي، تأكيده «مساعي العراق لتأسيس حوارات إقليميّة مباشرة تجمع دول المنطقة، وتقريب وجهات النظر، وتعزيز أواصر الصداقة والود بينها»، مُشدداً على «انفتاح العراق على كل الدول الإقليميّة، والتعاون معها لتحقيق الاستقرار والتنمية للمنطقة».من جانبه، أشاد وزير الخارجيَّة الإيرانيّ، بـ»تميز العلاقات بين العراق وإيران»، وثمن «دور العراق المحوريّ في تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة، ومساعيه المستمرة لخلق الحوارات الإقليميَّة».
دوليات
الصدر يواجه «مقاومة» في أزمة سعر الصرف
20-02-2022