خلافاً لمحاولة المسؤولين الإيرانيين التقليل من أهمية التسريبات الغربية المتعلقة بالتوصل إلى مسودة تفاهم نهائية خلال الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا الدائرة حالياً، أكد مصدر مقرب من فريق التفاوض الإيراني في العاصمة النمساوية لـ"الجريدة" أن نص الاتفاق على عودة إيران والولايات المتحدة للامتثال ببنود الصفقة الذرية المبرمة عام 2015، تتم كتابته بالفعل وأن "صياغة عبارات" قليلة تفصله عن رؤية النور.

ولفت المصدر إلى أن الاتفاق الجديد الذي يجري الحديث عنه ما هو إلا ديباجة كتبتها مجموعة "4+1" بهدف إحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، لأن تغيير نص اتفاق 2015 يمكن أن يدخل جميع الأطراف بمتاهات، إذ قد يحتاج النص الجديد إلى إقراره من البرلمان الإيراني و"الكونغرس" الأميركي الذي ترتفع فيه أصوات نواب الحزب الجمهوري بمعارضة توجه الرئيس الديموقراطي جو بايدن نحو تخفيف العقوبات الإيرانية.

Ad

وأشار المصدر إلى أنه تم الاتفاق على نص الديباجة التي تؤكد عودة جميع الأطراف إلى اتفاق 2015 والالتزام بجميع الواجبات دون أي تغيير وبعدها يتم بحث الخلافات بين طهران وواشنطن بشكل مباشر في لجان العمل المشتركة وإضافة التغييرات على الاتفاق المرتقب وفقاً لمخرجات اللجان.

النقاط العالقة

وحصر المصدر النقاط الرئيسية العالقة على طاولة فيينا بالآتي:

• إصرار واشنطن على تدمير أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم المخصب، مقابل تمسك طهران بالرغبة في إبقاء تلك العناصر تحت إشراف المنظمة الدولية للطاقة الذرية مع الاحتفاظ بحق كسر "اختام الشمع الأحمر" والاستفادة منها في حال فشل الأميركيون باعطائها ضمانات يمكن التعويل عليها بعدم تكرار انسحاب ترامب.

كما يطالب الإيرانيون بإبطال حق واشنطن في الاستفادة من "بند الزناد"، الذي يعيد جميع العقوبات الدولية على طهران تحت "البند السابع" إذا لم تنجح في منحها ضمانات "عدم الانسحاب" وهو ما ترفضه إدارة بايدن.

وكحل وسط تعرض "4+1"، بريطانيا فرنسا الصين وروسيا وألمانيا إخراج تلك العناصر من إيران عبر بيعها لطرف ثالث أو تخزينها بموسكو لحين انتهاء فترة القيود التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* يطالب الأميركيون إيران ببدء تنفيذ تعهداتها بمجرد بدء تنفيذ رفع العقوبات في حين أن الإيرانيين يصرون على أن البدء بتنفيذ تعهداتهم يجب أن يكون بعد إتمام واشنطن رفع العقوبات وتنفيذ تعهداتها وهو ما تسبب بخلاف حول إقرار صياغة هذا البند بنص الديباجة، ويدور الخلاف بشأن الصياغة المقترحة حول إقرار عبارة "مع بدء تنفيذ واشنطن لتعهداتها" أم "بعد انتهاء تنفيذ الأميركيين لتعهداتهم".

• قبل الإيرانيون تعليق تخصيبهم اليورانيوم ما فوق 5% وتعليق العمل بأجهزة الطرد المركزي الحديثة، بمجرد بدء إدارة بايدن برفع العقوبات، لكنهم مصرون على أن بدء تفكيك أجهزة الطرد المركزي المتطورة وتجميع اليورانيوم المخصب بنسب 20 و60% وقضبان اليورانيوم يجب أن يبدأ بعد انتهاء واشنطن من تنفيذ تعهداتها.

• تم الاتفاق على آلية التحقق من قبل منظمة الطاقة الدولية حيث قبلت الجمهورية الإسلامية عودة مفتشي المؤسسة وتسليمهم تسجيلات الكاميرات وفي حين كانت تصر طهران على أن "التحقق من رفع العقوبات" يجب أن يكون مدته شهران وتشدد واشنطن على أن المدة يجب ألا تتخطى يومين، فيما تقترح باقي الأطراف مهلة 14 يوماً للتحقق.

• الولايات المتحدة سوف تقوم برفع وتعليق كل العقوبات التي كانت ملزمة برفعها في اتفاق 2015 ورفع العقوبات التي فرضها ترامب لعرقلة الصفقة لكن نحو 400 عقوبة تم فرضها على شركات وشخصيات "بسبب دعم إيران للارهاب والبرنامج الصاروخي والنفوذ الإقليمي" سوف تبقى موجودة حيث إن الأميركيين وعدوا بغض النظر عنها مقابل تعامل إيران معهم.

وعملياً فإن الحكومة الأميركية سوف تبدأ برفع العقوبات أو تعليقها لمدة ثلاثة أو ستة أشهر كما كان الحال سابقاً قابلة للتمديد كل ثلاثة أو ستة أشهر.

تحذير ألماني

في هذه الأثناء، انضم المستشار الألماني أولاف شولتس إلى فرنسا محذراً من احتمال فشل مفاوضات فيينا، داعياً المسؤولين الإيرانيين إلى اتخاذ خيارتهم ومواجهة "لحظة الحقيقة".

وقال شولتس، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، أمس: "إن فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني تتضاءل". وأضاف شولتس، بالتزامن مع تواصل الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا: "لدينا الآن فرصة للتوصل إلى اتفاق يسمح برفع العقوبات. لكن إذا لم ننجح بسرعة كبيرة، فإن المفاوضات قد تفشل. المسؤولون الإيرانيون لديهم خيار. الآن لحظة الحقيقة".

شكوى إيرانية

في غضون ذلك، كرر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان التأكيد على أن التوصل لاتفاق خلال مفاوضات فيينا، التي تشارك بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل غير مباشر، ممكن، إلا أنه ربط التفاهم باحترام مطالب بلاده بشأن رفع العقوبات.

وقال عقب اجتماعه مع نظيرته الألمانية، أنالينا بيربوك، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، أمس، إن بلاده تتوقع من برلين أن تلعب دوراً فعالاً في ضمان حقوق إيران "كطرف متضرر" جراء انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادته فرض عقوبات شديدة على طهران. وفي تصريحات منفصلة، أعرب عبداللهيان عن أمله بأن تصل المفاوضات بين بلاده ودول مجموعة (4+1)، بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين بالإضافة لألمانيا، إلى اتفاق جيد في القريب العاجل. وأشار إلى أنه "في مرحلة ما بعد الوصول إلى الاتفاق الجيد، نحن بحاجة إلى أن تكون لنا محادثات مع مختلف الدول لنكون مستعدين لعودة جميع الأطراف إلى التزاماتها وتنفيذ التوافقات الواردة في الاتفاق النووي".

وتأتي تلك التطورات في وقت كشف المندوب الروسي في المفاوضات النووية ميخائيل أوليانوف أن رؤساء 3 وفود ستغادر فيينا لبضعة أيام مع استمرار عمل فرقهم بالعاصمة النمساوية لإنهاء النقاط العالقة. ووصف أوليانوف ذلك بالمشجع وقال عبر "تويتر" ليل الجمعة ـ السبت: "نحن على وشك الانتهاء بنجاح من محادثات إحياء الاتفاق النووي" المقيد لطموح طهران الذري.

طهران - فرزاد قاسمي