يوم عادي من أيامنا الحلوة
تفتح عينيك في الصباح، تمد يدك للنقال "آيفون" لعلك تجد أمراً جديداً في بلد لا جديد تحت الشمس، السلطة هي السلطة وجماعات محددة تدور في فلكها تتبادل المنافع السياسية والاقتصادية في المول الكويتي، أيضاً لا جديد تحت الشمس، تفتح "إيميلاتك" لتجد إعلانات تجارية تراعي ملاحظات أهل الورع والتقوى وتسايرهم على خط سير حكومتهم، فتقذفها في سلة المهملات لتقفز عليك من جديد في اليوم التالي رسائل "واتساب" تتزاحم بها دعوات جمعة مباركة، ثم اقتباسات ودعوات دينية لا علاقة لها بـ "الان وهنا". تجد- غير الصور الخليعة التي يبعثها إليك أصدقاء فقدوا كل أمل في عودة عنفوان الشباب- تحليلات سياسية كتبها كسينجر كويتي (ربما) باسم مستعار عن زيد يتآمر لإسقاط عبيد، وكيف ترسم خريطة الطريق بعد صراعات السلطة لتصل الكويت إلى النموذج الإسكندنافي في التقدم والحريات يحملها نواب ووزراء حاليون وسابقون، يحشرون أنفسهم في أدق خصوصيات الناس حتى في كيفية الجلوس على المرحاض... وكيف يطير الماء... عندنا الماء يطير بدون جناحين مثل الفيل الطائر ديمبو.ترمي تلفونك جانباً... آه... نسيت، لا بد من مطالعة معمقة في تعليقات "تويتر" أو "فيسبوك"، فلا تجد غير "الخرابيط " إياها، دعها وافتح الجرائد اليومية، لتقرأ الأخبار الرسمية ذاتها، والتي لم تتغير في الدولة الرسمية والواجهات الرسمية وكل التفاهات والوعود الرسمية.
تقف قليلاً...! مع أنك جالس على أريكة (قنفه باللاتيني الكويتي) التنبلة لتمر سريعاً على تحليلات الكُتاب وما أكثرهم في عالم الفكر والتجديد "والكت والبيست" من الإنترنت، أغلبها يخبرك أنهم يفكرون وينقلون، فهم بالتالي موجودون مع الاعتذار لديكارت والديكور الصحافي، المهم هي الصورة والمنظر العام للجريدة وللكاتب "ببلاش"، الذي يفرح أن اسمه مطبوع، وأفضل، أحياناً، أن يوضع حرفا (أ.د) قبل اسمه أحياناً للمزيد من المهابة الفكرية، مع أنه ينشر ليس مقالاً علمياً في دورية بل كلاماً في كلام مثل هذا الكلام الذي تمضغونه الآن، وتعلكونه دون تعب، حتى تتوتر أعصاب الفك السفلي والعلوي ويسقط الحنك الحديدي إلى أسفل مبهوراً بهذا العالم الجميل الرائع. ضغط نفسي، ملل واكتئاب، ثم فقدان أمل مع زمن ثابت مطلق، طبعاً الزمان- المكان مطلقان ولدا من الانفجار الكبير في براحة ساحة الحرية هكذا قال لنا الفيزيائيون الكفار، لماذا نصدقهم؟ لكن من جديد، لا جديد تحت الشمس، كونوا عدميين... صعب عليكم هضم العدمية! إذن، كونوا أبيقوريين "ستوكس" لا تكترثوا لعرض الدنيا، اشغلوا فكركم المتقد عن القادم من الوزراء وعن أمور عظمى مثل استقالة الحكومة، وحل المجلس، ثم عودة الحكومة وعودة المجلس، وتاني تاني تاني راجعين للهباب من تاني... الزمن هنا دائري وليس خطاً مستقيماً.