«حزب الله» يلتفّ على تآكل شعبيته بالمسيّرات
التصعيد ضد إسرائيل تضمن رسائل للشركاء ولأطراف «فيينا»
قرر «حزب الله» أخذ المعادلة السياسية في لبنان بجريرته، وحدّد لذلك معالم استراتيجية تقوم على مجموعة عناصر، أبرزها العنصر العسكري، الذي ركّز عليه الأمين العام للحزب حسن نصرالله، في كلمته الأخيرة بإعلانه تحويل لبنان إلى مصنع للصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة. وسريعاً ترجم الحزب ذلك بإرسال طائرتين مسيّرتين في تحدّ واضح للإسرائيليين، مع العلم أن الطائرة الثانية التي أطلق عليها اسم «حسان» تعتبر الخرق الأبرز الذي يحققه الحزب في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، إذ فشلت الرادارات الإسرائيلية في رصدها أو إسقاطها، علماً أنها حلقت مدة 40 دقيقة وبعمق 70 كيلومتراً حسب إعلان الحزب. وهذا تحول نوعي يفرض حزب الله فيه معادلة جوية بعد معادلته البحرية، رغم أن ذلك لا يعني أن الأمر سينطوي على تصعيد عسكري في المرحلة المقبلة.في المقابل، تقول مصادر معارضة لحزب الله، إن ما جرى هو نوع من الاستعراض الذي يعتبر الحزب نفسه بحاجة إليه، لرفع معنويات جمهوره وبيئته، والالتفاف على كل المعارك السياسية التي تخاض في الداخل بوجهه، كما يعيد إحياء معادلة حضوره مع الملف اللبناني على طاولة المفاوضات الإقليمية والدولية خصوصاً مفاوضات «فيينا»، من بوابة استفزاز الإسرائيليين، واستفزاز دول الخليج من ناحية أخرى من خلال إصراره على تبني أنشطة المعارضات الخليجية، وآخرها جمعية الوفاق البحرينية.
يلجأ حزب الله إلى هذه السياسة، في محاولة منه للالتفاف على حالة التآكل الشعبي، ولعدم قدرته على مواجهة استحقاقات داهمة مع تراجع الحالة السياسية والشعبية لحلفائه أولاً، ووسط خسارته لعلاقاته السياسية مع قوى متعددة، فيلجأ إلى القوى العسكرية ليثبت قوته وحضوره. وتقول المصادر المعارضة للحزب، إنه أيضاً يريد إشاحة النظر في هذه التحركات عن ملف ترسيم الحدود، إذ تبرز نية واضحة للتنازل عن «الخطّ 29». وتشير مصادر أخرى إلى أن حزب الله، من خلال هذه الرسائل العسكرية، يريد أن يقول إنه صاحب القرار الأخير والنهائي في ملف الترسيم وتوقيته، وذلك يرتبط بسياق استراتيجية واضحة لا يمكن لأي طرف لبناني أن يضعها في حساباته السياسية الشخصية والمصلحية، في كلام موجه بشكل غير مباشر إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بأنهما يسعيان إلى تقديم تنازلات في سبيل رفع العقوبات الأميركية عن باسيل.في موازاة الاستعراض العسكري للحزب، وسعيه إلى الاستمرار في فتح معركة إبقاء لبنان ساحة لانطلاق الأنشطة السياسية للمعارضة الخليجية، يبدو الحزب منهمكاً في التحضير للانتخابات النيابية، وهو يصر على محاولة تسجيل اختراقات في مختلف البيئات الطائفية الأخرى، ويريد الحفاظ على الأكثرية النيابية وعدم خسارتها، لذلك يضع جملة أولويات أولها منع أي جهة شيعية معارضة من تحقيق أي خرق، بالتالي هو يريد الحصول على 27 نائباً شيعياً من أصل 27 بالتحالف بينه وبين حركة أمل، كما يولي اهتماماً استثنائياً بمحاولة تسجيل اختراق في البيئة السنية ودعم حلفائه السنة والاستفادة من عزوف سعد الحريري وتياره عن المشاركة وعدم تبلور أي جبهة سنية واضحة لمواجهته، فيما أولويته الثالثة هي دعم حلفائه المسيحيين، وخصوصاً باسيل الذي تشير كل أرقام الاستطلاعات إلى أنه في حالة تراجع كبيرة شعبياً.