رياح وأوتاد: حاضنات الإرهاب... والأفلام المسيئة في المجلس... واستجواب وزراء الحكم... وصحوة ضد الحريات المزعومة
* تصلني من الجمعيات الخيرية الكويتية، جزاهم الله خيراً، كما تصل كثيراً من المهتمين صور ولقطات فيديو عن أوضاع اللاجئين المسلمين في كثير من بقاع العالم، وهم يعانون البرد والثلوج، وقد فقدوا بيوتهم وبعض أقاربهم، كما فقدوا مستقبلاً كان ينتظرهم حيث الوظيفة والزواج والبيت السعيد، كل ذلك بسبب صراع عسكري وسياسي لا دخل لهم فيه لأن القوى العظمى هي التي تتصارع فيه على مناطق النفوذ والمصالح، تماماً كما حدث في أميركا الشمالية والجنوبية وإفريقيا على مر التاريخ، أما حقوق الإنسان وحق تقرير المصير للشعوب فكلها أكاذيب لا تنطلي إلا على السذج من دعاة هذه الشعارات التي لا تطبق إلا على الضعفاء، فها هم أهل فلسطين تسلب بيوتهم ومقدساتهم ويعيشون في قهر مستمر برعاية دول تتشدق بحقوق الإنسان، وها هم مسلمو تركستان الشرقية يعيشون في سجن صيني كبير وتغتصب حقوقهم ويجبرون على أكل الخنازير، وتدار مذابح الروهينغا على يد جيش ميانمار والعالم بأسره يشاهد هذا الظلم، وهكذا في كثير من مناطق العالم يدفع الظلم الإنسان المظلوم إلى الكراهية والتمرد، ويقوم الظالم بعد ذلك باتهام هؤلاء المظلومين بالإرهاب، أما الدول الكبرى فتقدم مصالحها على الإنسان، ثم بعد ذلك يقومون بمكافحة ما أسموه "الإرهاب الإسلامي"، فأي تحريف أكبر من هذا التحريف؟ لقد احتضنت الدول الكبرى الإرهاب وغذته بسكوتها عن هذا الظلم، وأعانت الظالمين وأشعلت الحروب، وقامت بتغذية أطرافها بالأسلحة وأبقت ملايين البشر في مخيمات اللاجئين ينتظرون اللقمة من الصدقات من الكويت وغيرها، ثم تدعي هذه الدول الكبرى أنها تحارب الإرهاب، والصحيح أنها هي التي زرعت بذور الإرهاب واحتضنته في المخيمات، ولو أنها عملت على تطبيق مبادئ الأمم المتحدة التي وضعتها هذه الدول وتحقيق العدالة للشعوب وامتنعت عن دعم المجرمين لما حصل الإرهاب أصلاً. * شاهدت لقاءً تلفزيونيا مع أحد المواطنين يعترض فيه على عدم السماح للنائب شعيب المويزري بعرض مشاهد مصورة في جلسة طرح الثقة بوزير الخارجية، حيث ذكر أن النائب حر فيما يبديه من آراء حسب اللائحة ولا يجوز مؤاخذته، ولكن الصحيح أن على النائب أن يلتزم بقانون اللائحة التي نصت على عدم جواز استعمال عبارات غير لائقة أو فيها مساس بكرامة الأشخاص والهيئات كما في (المادتين 88 و134)، كما نصت على جواز مقاطعة المتكلم إذا خرج عن أحكام اللائحة (المادة 83)، وإذا تم لفت نظره مرتين ولم يلتزم جاز للمجلس منعه من الكلام (المادة 87)، ونصت على عدم جواز الكلام في الأمور الشخصية لأحد ما لم يكن ذلك مؤيداً بحكم قطعي من إحدى المحاكم (المادة 79)، أما عدم مؤاخذة من ارتكب هذه الأمور فمعناه أنه لا يحاسب جنائياً إذا تكلم بها لأنه مغطى بالحصانة النيابية كما ذكر د. عثمان عبدالملك، وهي لا تعني حريته في الطعن في كرامة الأشخاص أو الكلام في الأمور الشخصية لأحد في الجلسة، وجرت العادة أن يشطب من كلام العضو في المضبطة كل ما يخالف اللائحة، وإذا كان مجرد الكلام لا يجوز فإن عرض أشرطة تحمل الإساءات نفسها لا يجوز أيضاً وهذا واضح.
* لست ضد استجواب وزراء الحكم أو غيرهم، ولكن يجب أن يكون الاستجواب مجرداً ومتفقاً مع الدستور وقانون اللائحة. وتصحيحاً لما ذكره الأخ الدكتور حسن جوهر فإن الاستجوابات للوزراء من ذرية مبارك الصباح في هذا المجلس هي أكثر الاستجوابات لذرية الحكم على الإطلاق، وإن استجواب العم راشد التوحيد للشيخ جابر العلي، رحمه الله، كان الاستجواب الوحيد في مجلس 1963، ولم ينتهِ بطلب طرح الثقة واستغرق دقائق معدودة، وفي مجلس 71 تم تقديم استجوابين فقط للصرعاوي والعتيقي، أما مجلس 81 فلم يقدم فيه أي استجواب وكذلك الأمر في مجالس أخرى، وإن الاستجوابات الخمسة التي قدمت في مجلس 85 لم يكن بينها أحد من ذرية مبارك الصباح، صحيح أن بعض الاستجوابات قدمت لوزراء من ذرية مبارك في المجالس اللاحقة لكنها لم تكن بالكثافة ولا التوالي المتسارع حاليا، أما في المجلس الحالي فقد قدم أكثر من استجواب لرئيس الوزراء، كان الأول بعد الجلسة الأولى وكان محوراه الأول والثاني مشاركة الحكومة في انتخاب الرئاسة وانتخابات اللجان رغم أن هذا حق دستوري للحكومة، كما قدم استجواب لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة وهذا غير دستوري، بالإضافة إلى تهديدات باستجوابات أخرى، وكذلك تم مؤخرا تقديم استجوابين لوزيري الداخلية والدفاع وكلاهما من ذرية مبارك، وكلاهما نائبان لرئيس الوزراء، ولم يخلُ الاستجوابان من عيوب دستورية واضحة. وهكذا يرى د. حسن أن الفرق شاسع مع ما ذكر، وبالمناسبة فإن العم راشد التوحيد ما زال حياً يرزق ولم يتوفه الله كما ذكر د. حسن. * تفاعل الشعب الكويتي مشكوراً في ثلاث قضايا خلال الأسبوع الماضي، الأولى عندما تداعى لمخاطبة أعضاء مجلس الأمة لتدارك موضوع الصياغة بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية مادة التشبه بالجنس الآخر في قانون الجزاء، واستجاب بعض الأعضاء ويشكرون على ذلك، كما قام كثير من أبناء الشعب بحملة ضد إعلان نشرته إحدى الشركات وكانت الحملة بعنوان (بالدين ما نتغشمر) فاستجابت الشركة مشكورة بإيقاف الإعلان، والموضوع الثالث هو قيام مجموعة من نساء الكويت بالإضافة إلى التوجهات الإسلامية بالاحتجاج على قيام بعض الولايات الهندية بمنع حجاب النساء ونزعه قسراً عن رؤوسهن. هذه المواضيع الثلاثة كانت معظم مواقف ما نشر فيها من رجال ونساء الكويت مواقف شرعية ووطنية، ومثال حيوي للغيرة ولإنكار المنكر، مما يؤكد أن ما كتبته مراراً وأكدته الجهات الدستورية والقانونية أنه لا توجد حريات مطلقة في أي بلد في العالم، فعلينا الحذر مما يروج من منكرات باسم الحريات، ونحمد الله على هذه الصحوة وإلى المزيد إن شاء الله.