فوضى نظر قضايا الجنح تبرِّئ المتهمين أمام المحاكم
• حكم قضائي عزا براءة متهم إلى بطء إجراءات التقاضي ومسؤولية الادعاء العام
• «التحقيقات» تسببت في سقوط القضايا لسوء حفظ ملفاتها
• أكثر من 5 سنوات ومازالت خطط التعامل مع تراكم الدعاوى فاشلة!
أكثر من 5 أعوام متتالية، والإدارة العامة للتحقيقات والنيابة العامة والمحكمة الكلية ووزارة العدل، مجتمعة، لم تتمكن من التوصل إلى آلية معتمدة للحفاظ على الدعاوى الجزائية في قضايا الجنح من السقوط أو التراكم أو التأخير في إصدار الأحكام القضائية.النيابة العامة أصدرت تقريراً إلى وزارة العدل قبل نحو عامين كشفت فيه عن أعداد القضايا الجزائية التي تقرر المحاكم سقوطها بسبب سوء التنسيق بين "التحقيقات" وبين المحكمة الكلية في حفظها، إلا أن "العدل" والادارة لم تتقدما بأي حلول تجاه هذه القضية المؤرقة للأفراد إزاء البطء والتأخير في إصدار أحكامهم، إلى جانب حرمان الدولة من تقاضي مقابل الغرامات القضائية التي كان ينبغي تحصيلها، وسقوط دعاوى تلك الجنح بالتقادم بمضي 5 سنوات.تراكم قضايا الجنح في مخازن الإدارة والتأخير في نقلها إلى الدوائر الجزائية لم يصبح مرهقاً للمتقاضين فحسب، بل بات مربكاً لعمل الدوائر القضائية التي تتأهب يومياً لنظر المئات منها، ولم تنظر فعلياً إلا ثلث هذا العدد، لأن ملفاتها قيد الحفظ لدى "التحقيقات" التي تتمسك دائماً بعدم رغبة قطاعات المحكمة الكلية في تحمل تلك المسؤولية، وهو ما يجعلها مضطرة لحفظ الملفات بمخازنها.
حفظ آلي
رغم كثرة المطالبات بإيجاد حلول لحفظ قضايا الجنح لم تتمكن بعدُ الاجهزة التابعة لادارة التحقيقات من إيجاد وسيلة لحفظ ملفات قضايا الجنح عن طريق نظام «الإيمج» مما يسهل من أمر طباعتها وعرضها أمام الدوائر القضائية والفصل فيها!
تأثر المتقاضين بسبب التأخير في إصدار الأحكام في قضايا الجنح دفع إحدى دوائر الجنح في المحكمة الكلية إلى إصدار حكم بتبرئة متهم بسبب عدم تقديم ملفه إلى المحكمة.وأكدت المحكمة، في حيثيات حكمها، أنها قضت ببراءة المتهم وإلغاء الحكم الغيابي بحقه بالإدانة بسبب بطء اجراءات التقاضي، والتي لا علاقة للأفراد بها.وأضافت: وحيث إن المحكمة عرض عليها ملف فرعي بالمعارضة المقامة من المتهم المعارض، وإذ اكتفت ادارة الكتاب بعرض الملف على هذه المحكمة، وحيث إنها أجلت الدعوى أكثر من مرة لورود ملف الحكم المعارض فيه إلا أن الإدارة العامة للتحقيقات عجزت عن تقديمه رغم منحها أجلاً مناسباً لذلك، فقررت المحكمة المضي بالفصل في الدعوى. وتابعت: وإذ تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على عريضة المعارضة ان المتهم قد عارض بالحكم الصادر ضده، وإذ نظرت هذه المحكمة المعارضة وفيها مثل المتهم المعارض بمحاميته وكلفت المحكمة الادعاء العام بتوريد ملف الحكم المعارض فيه وأجلت نظر المعارضة لجلسة 28 /9 /2021 وبتلك الجلسة تبين للمحكمة أن الادعاء تخلف عن توريد ملف الحكم المعارض فيه ولم يتم تنفيذ قرارها فقررت المحكمة حجز المعارضة للحكم.
وأوضحت: وحيث إنه لما كانت مقتضيات العدالة في الدعوى الجزائية والمعارضات التي تتم فيها تحتم الفصل فيها على وجه السرعة ذلك أن أمر التأجيل دون مبرر سيما إن كان التأجيل لسبب من المتهم المعارض أو من المحكمة بل كان من جهة الادعاء التي يفترض فيها ان تكون خصماً شريفاً عند قيامها بدورها في محراب العدالة.وأضافت: إن الادعاء العام في تأخيره في تنفيذ قرار المحكمة بتوريد ملف الحكم المعارض فيه لعدة اشهر دون أن يحرك ساكنا لهو أشد جورا وظلما وبأسا على المتهم المعارض وعلى سير الدعوى الجزائية وفيه إثقال لكاهل القضاء بإعادة تكرار نظر الدعوى لعدد من الجلسات دونما أن ينفذ قرار المحكمة، ولما كان ما تقدم وكانت المحكمة قد استأجلت نظر الدعوى لورود الحكم المعارض فيه لعدد من الجلسات ومنحت الادعاء أجلاً مناسباً لتنفيذ ذلك وقد امتنع الادعاء عن تنفيذ قرار المحكمة، ومن ثم فإنها لا تستطيع الوقوف على حقيقة الدعوى وعلى صحة الاتهام المسند للمتهم المعارض لما في ذلك من إهدار لضماناته وإهدار لحقه في محاكمة عادلة يقف فيها على الاتهام المسند اليه وتاريخه وسنده وأدلة الاتهام التي ركن اليها الادعاء، وإنه ازاء هذا الامتناع فإن المحكمة تقضي ببراءة المتهم من الاتهام المسند اليه لتجهيله بالنسبة للمتهم المعارض ولعدم توريد ملف الحكم المعارض فيه وذلك على نحو ما سلف من أسباب، وذلك عملاً بالمادة 196 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.ورغم أن إيداع ملفات القضايا الجزائية في قضايا الجنح لدى الإدارة العامة للتحقيقات يمثل خطأ جسيماً لكونها خصماً في الدعوى الجزائية ولا يليق أن تحفظ الملفات لقضايا الجنح الغيابية لديها أو تلك التي تنتظر نظرها أمام دوائر الجنح المستأنفة أو حتى الطعون امام دوائر جنح التمييز وذلك على غرار قضايا الجنايات التي تحفظ في سجل القضايا الجزائية في المحكمة الكلية وليس لدى مخازن النيابة العامة!ورغم مضي تلك المدة من التخبط وعدم التنظيم لملفات الجنح والجنح المستأنفة وما صاحبها من سقوط بالتقادم وحرمان الدولة من تقاضي رسوم الغرامات، كشف الواقع العملي عن فشل كل الحلول الموضوعة من الأجهزة العاملة في المحكمة الكلية والادارة العامة للتحقيقات لمواجهة تلك القضية، والتي تأتي في عداد القضايا التي تفتقد للرؤية في المعالجة إزاء غياب الأقسام الادارية المعنية عن ادارة ملف قضايا الجنح في المحكمة الكلية وغياب التنسيق من جانب الإدارة العامة للتحقيقات!اللجوء إلى أقسام الادعاء
استمرار حالة الفوضى في إدارة ملفات الجنح لدى محكمة الرقعي بسبب سوء التخزين يتسبب في تأجيل القضايا لأشهر طويلة لضمها، فضلاً عن غياب الآلية الإجرائية على نحو مستمر في طلب القضايا المعروضة على الدوائر القضائية، مما يدفع المتقاضين أنفسهم الى اللجوء الى اقسام الادعاء بطلب ضم تلك الملفات رغم انتفاء صلتهم بسير الدعوى الجزائية والتي تكون إجرائيا في عهدة أقسام الادعاء والجدول التابع للمحكمة الكلية.مليون جنحة
تبدأ أغلب الدوائر القضائية سواء في قضايا الجنح أو الجنح المستأنفة في محكمة الرقعي يوميا بوضع رول لقضاياها لأكثر من 200 قضية وتبدأ بالمناداة لنظرها عشوائياً، وهو الأمر الذي يثير غياب المنظومة الإدارية والفنية للتعامل مع تنظيم تلك الملفات والتصدي لها خصوصاً أن أعدادها تزيد على مليون قضية جنحة!حسين العبدالله
تأخير الادعاء العام بتوريد ملف الحكم المعارض فيه جور على المتهم، وإثقال لكاهل القضاء
إيداع ملفات القضايا الجزائية لدى إدارة التحقيقات خطأ جسيم لكونها خصماً في الدعوى
التأخير مضر بالعدالة... والأفراد لا علاقة لهم بذلك
إيداع ملفات القضايا الجزائية لدى إدارة التحقيقات خطأ جسيم لكونها خصماً في الدعوى
التأخير مضر بالعدالة... والأفراد لا علاقة لهم بذلك