تضمنت اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال سبعة عشر كتاباً. الخامس عشر منها هو كتاب حوكمة الشركات. وتُعد حوكمة الشركات من الموضوعات المهمة، فهي نتاج للعديد من الأزمات التي أثرت على الاقتصاد العالمي، واختلفت التعريفات بشأنها، ومن دون تعقيد يمكن تعريفها بأنها القواعد التي يتم من خلالها تحديد حقوق أطراف الشركة، سواء المساهمين أو مجلس الإدارة أو أصحاب المصالح.وقد عرفتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، بأنها مجموعة من العلاقات بين إدارة الشركة ومجلس الإدارة والمُلاك وجميع الأطراف ذات العلاقة، فهي الأسلوب الذي يقدم الهيكل الذي من خلاله يتم تحديد أهداف الشركة ومراقبة الأداء والنتائج والتوجيه بالأسلوب الناجح لممارسة وإدارة السُّلطة، والذي من خلاله تُقدم جميع الحوافز اللازمة إلى مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية العليا في سعيها إلى تحقيق الأهداف المتفق عليها لخدمة مصالح الشركة ومساهميها وفق إجراءات المراقبة والتوجيه الأمثل لاستخدام موارد الشركة بكفاءة وفاعلية.
وتسهم الحوكمة بشكل عام في رفع مستوى كفاءة الاقتصاد واستقرار الأسواق المالية ورفع مستوى الشفافية، كما تساعد الشركات على توفير بيئة عمل سليمة تعين الشركة على أداء أفضل، كما تسهم في حماية الاستثمارات من التعرض للخسائر لأسباب ترجع إلى سوء استخدام السُّلطة والانفراد بالقرار مما يحقق مصلحة المستثمرين وتعظيم عوائدهم.وبالرجوع إلى الكتاب الخامس عشر من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال يتضح أنه تضمَّن إحدى عشرة قاعدة وضعها كمعيار لتحديد مدى التزام الشركات بتطبيق الحوكمة.وانطوت تلك القواعد على العديد من الالتزامات التي يجب على الشركات الخاضعة لأحكامها (الشركات المساهمة المرخص لها) القيام بها وتنفيذها، سواء في اختيار أعضاء مجلس الإدارة، أو الإدارة التنفيذية، أو آلية إدارة الشركة، أو الإفصاح عن المصالح وعدم تعارضها، فضلاً عن العديد من الالتزامات الأخرى.وتمثل تلك الالتزامات عبئاً كبيراً على الكثير من الشركات التي ترى أنها لا تحتاج إلى هذا الكم من القواعد والالتزامات، بسبب صغر حجم أنشطتها وارتفاع تكاليف تطبيق تلك القواعد، والتي تحتاج إلى عدد كبير من الطاقات البشرية، فضلاً عن ندرة التخصص في هذا المجال، وهو ما يؤدي بتلك الشركات إلى عدم تطبيق تلك القواعد، ومن ثم إحالتها إلى مجلس تأديب هيئة أسواق المال، وتوقيع عقوبات عليها وفقاً لأحكام قانون الهيئة.ولحين إعادة النظر من قبل الهيئة في عملية تطبيق قواعد الحوكمة بشكل كامل على جميع الشركات دون النظر إلى حجمها، فإن لدى الشركات فرصة لعدم تطبيق بعض قواعد الحوكمة دون أن يتم توقيع عقوبات عليها.إذ إن الأصل في تطبيق قواعد الحوكمة أنه قائم على مبدأ الالتزام أو التفسير، باستثناء المادة "2-3" من القاعدة الأولى، والقاعدة الرابعة والمواد "7-5" و"7-7" من القاعدة الخامسة والقواعد السابعة والثامنة.ويعني مبدأ الالتزام أو التفسير أن تلتزم الشركات بالقواعد الواردة في الكتاب الخامس عشر من اللائحة التنفيذية، وفي حال لم يتم الالتزام بأي من تلك القواعد يتوجب عليها توضيح الأسباب التي أدت إلى عدم الالتزام ضمن تقرير الحوكمة الذي تقوم بإعداده وعرضه على الجمعية العامة، وبالتالي وباستثناء مجموعة القواعد سالفة الذكر، يجوز للشركات عدم الالتزام بتطبيق قواعد الحوكمة غير المستثناة، دون توقيع عقوبة من الهيئة، شريطة أن تقوم تلك الشركات بتضمين أسباب عدم تطبيق تلك القواعد ضمن تقرير الحوكمة السنوي، فضلاً عن أن تكون تلك الأسباب مقنعة للجمعية العامة وهيئة أسواق المال.والالتزام بالتفسير في حال عدم تطبيق القواعد غير المستثناة قد يكون سبباً أساسياً في عدم توقيع عقوبات على الشركة من قبل هيئة أسواق المال، لذا يجب على كل مسؤولي المطابقة والالتزام وجميع المسؤولين عن تطبيق قواعد الحوكمة بشكل عام لدى الشركات الخاضعة، مراجعة الكتاب الخامس عشر وحصر القواعد التي لديهم مبررات لعدم تطبيقها، وتحديد أسباب عدم التطبيق، وإدراجها ضمن تقرير الحوكمة، منعاً لتوقيع عقوبات على الشركة.* مستشار قانوني
محليات - قصر العدل
الالتزام بتفسير قواعد الحوكمة
21-02-2022