قالها الشاه: الذي يتغطي بأميركا ينام عرياناً

نشر في 22-02-2022
آخر تحديث 22-02-2022 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم هذا ما أثبته الكثير من التجارب المأساوية التي تسببت فيها أميركا، لأن الأميركان قد شيدوا لأنفسهم ثقافةً خاصة بهم منذ أن تأسست الولايات المتحدة الأميركية، إذ صنعوا فكراً لمفهوم البراغماتية التي تحولت إلى تيارٍ فلسفي يكون فيه العمل السياسي قائماً على تحقيق مصالحهم... والبراغماتية هذه تقتضي بألا يعول المتعامل مع أميركا على مثاليات سابقة مسلَّم بها، لأنها في النهاية تُفضي إلى الحسابات التي تصب في المصالح الأميركية فقط.

ونفذت أميركا سياستها البراغماتية هذه بتفجير القنابل النووية الأولى في التاريخ البشري بالحرب العالمية الثانية التي أسفرت عن مئات الآلاف من القتلى، مما جعل سمعتها أمام العالم في وضعٍ سبّب لها العديد من المآزق، ومنها فشل ذراعيها البراغماتية في فيتنام، ومراهناتها على قيادات، ممن عصرتهم كما يُعصر الليمون ثم يُلقى بهِ في القمامة، مثلما فعلت مع شاه إيران وماركوس الفلبين والكثير من القيادات في مختلف قارات العالم، ولكنها تجبرت، وأصرت على الاستمرار في سياستها البراغماتية بدخول سباقاتٍ رعناء، دون هوادة، فأضاعت شعاراتها التي كانت تُبشر بها العالم، والتي تقوم على نشر الحرية، والديموقراطية، والعدالة، ففقدت ثقة الشعوب بها، مما دفع بها إلى تعزيز علاقاتها بالقيادات الدكتاتورية التي ترعى مصالحها ضاربةً عرض الحائط بحريات الشعوب.

***

وبعدما سقطت الكتلة الاشتراكية، كانت البراغماتية الأميركية قد أعدت نفسها لمواجهة جديدة مع خصومٍ جُدد، فتحولت في علاقاتها الاستراتيجية، وتماشياً مع براغماتيتها، إلى اتباع سياسة ميكيافلية جديدة في جعل أحداث الحادي عشر من سبتمبر منطلقاً لما حدث في أفغانستان والعراق، ولم يكن ما حدث غير مدروسٍ بدقةٍ وعناية، خصوصاً أن البيت الأبيض استعان بمستشارين من المفكرين الكبار في مجال الدراسات العقائدية، والاجتماعية، مثال- هنتينغتون- وفوكوياما- وبرنارد ليويس- ثم تم الإقدام على تنفيذ براغماتية أميركا، مما جعل منطقتنا تشتعل بحروبٍ أُزهقت فيها ملايين الأرواح ولم تنته آثارها حتى الآن، لأن الخصم الجديد هذه المرة هو ما تدين به المنطقة في عقيدتها، مما جعل بعض الأصوات- في أميركا نفسها- ترتفع بالقول: إن أحداث أبراج الحادي عشر من سبتمبر هي صناعة براغماتية أميركية بامتياز، تم تلبيسها بسيناريوهات محكمة التنفيذ لعناصر من خارج أميركا.

***

أكاد أجزم بخلاف كل أولئك الذين يؤمنون بسياسة الأمر الواقع بقوة أميركا، فأقول: إذا استمرت هستيريا القوة، فإن ذلك سيولد مواجهات من نوعٍ جديد سيدفع بالمستهدفين فيها إلى استنباط أساليب قد تؤدي إلى ما سيجعل الوضع أكثر تفجراً... إذا لم تُعِد أميركا حساباتها مع ما يحترم حريات الشعوب، والتعامل مع هذه الشعوب بعيداً عن براغماتية المصالح.

د.نجم عبدالكريم

back to top