تعرقلت مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد قمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، فبعد إعلان بايدن موافقته "المبدئية" على اللقاء "شرط ألا تُقدِم روسيا على غزو أوكرانيا"، قالت موسكو إن الوقت مبكر للحديث عن القمة.ودعا ماكرون، أمس، نظيره الروسي إلى حسم أمره بشأن القمة، بينما ضم المستشار الألماني أولاف شولتس جهوده إلى باريس، وأجرى اتصالاً مع بوتين الذي عقد اجتماعاً استثنائياً للمجلس الأعلى للأمن القومي، قال فيه إنه يدرس طلب البرلمان منه الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين المواليتين لموسكو في إقليم دونباس شرق أوكرانيا.
وألغى وزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس، زيارة محتملة إلى باريس واستعاض عنها باتصال بنظيره الفرنسي جان إيف لودريان واتفقا على إمكانية اللقاء في الأيام المقبلة، في وقت يستعد لافروف للقاء نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بعد غد.
خرق نوعي
وفيما كان الاتحاد الأوروبي يتنفس الصعداء بسبب الأنباء عن القمة الروسية ــ الأميركية، شهدت الحدود الأوكرانية ـ الروسية خرقاً نوعياً.وبعد أيام من التوتر على طول خط التماس بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الناطقين بالروسية، أعلن الجيش الروسي، أمس، أنه قتل 5 أشخاص ينتمون إلى مجموعة مخربين وإلى الاستخبارات جاءوا من أوكرانيا إلى الأراضي الروسية، مؤكداً أن الحادث وقع في منطقة روستوف قرب منطقة ميتياكينسكايا، مشيراً إلى أن "مركبتين عسكريتين تتبعان القوات المسلحة الأوكرانية حاولتا عبور الحدود أيضاً لإجلاء مجموعة المخربين إلى أوكرانيا عبر الحدود"، لكن أوكرانيا نفت رسمياً إرسال "مخرّبين" إلى روسيا.وقال أنتون غيراشتشينكو وهو مسؤول رفيع المستوى في وزارة الداخلية الأوكرانية للصحافيين: "لم يعبر أحد من جنودنا الحدود مع روسيا ولم يقتل أي منهم" أمس.جاء ذلك بعد ساعات من إعلان جهاز الأمن الفدرالي الروسي، أن قذيفة أطلقت من الأراضي الأوكرانية أمس، دمرت مركز حرس حدود روسي في منطقة روستوف الروسية من دون أن تسفر عن سقوط ضحايا. لكن الجيش الأوكراني نفى مسؤوليته عن استهداف المركز، واصفاً ادعاء موسكو بأنه "معلومات مضللة".كما تبادل الجيش الأوكراني والانفصاليون في دونباس الاتهامات بانتهاكات جديدة لوقف النار. وقال الجيش الأوكراني، أمس، إن الانفصاليين الموالين لروسيا خرقوا وقف النار 74 مرة منذ صباح الأحد بأسلحة محظورة بموجب "اتفاق مينسك"، ما أسفر عن إصابة جندي ومدنيين في قصف شمل إحدى البلدات القريبة من خط وقف النار.وبينما تواصل وصول الآلاف من سكان الجيبين الانفصاليين إلى روسيا، قال متحدث باسم الانفصاليين، إن الجيش الأوكراني واصل قصف مناطق في محيط مدينة لوهانسك وبلدات مجاورة باستخدام أسلحة ومعدات عسكرية محظورة بموجب "اتفاقيات مينسك"، مما أسفر عن سقوط قتيلين، بينهما أحد مقاتليهم.وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنها تمكنت من إجلاء أكثر من 61 ألف مدني حتى الآن من الإقليم إلى الأراضي الروسية، حيث تم توزيعهم على أكثر من 100 مركز إيواء موقت في مقاطعة روستوف الحدودية مع أوكرانيا.ندرس الاعتراف
وكان بوتين قال في اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي، إن "الغرض من الاجتماع لمجلس الأمن الوطني هو تحديد الخطوات بشأن دونباس مع الأخذ في الاعتبار نداء الجمهوريتين للاعتراف بسيادتهما".وأوضح أن "استخدام أوكرانيا كأداة للمواجهة مع بلدنا يشكل تهديداً جدياً وكبيراً جداً بالنسبة إلينا" مؤكداً أن أولوية موسكو "ليست المواجهة بل الأمن".وتابع:"يبدو أن السلطات في كييف بدأت عملية عقابية ثالثة ضد دونباس وبعض سكان أوكرانيا لم يقبلوا بالانقلاب على السلطة في البلاد الذي كان مناهضاً للدستور ودموياً"، مشدّداً على أن "السلطات في كييف لا تنوي تنفيذ اتفاقات مينسك"، ومؤكّداً أن "روسيا ستواجه تهديدات متزايدة في حال انضمام أوكرانيا للناتو"، مشيراً إلى أنه في حال ضم أوكرانيا إلى "الناتو"، فإن التهديدات التي تتعرض لها روسيا ستزداد كثيراً، مؤكداً أن بايدن قال إن "الناتو" لا ينوي ضم أوكرانيا ويعتبرها غير جاهزة.وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تتخلى بسهولة عن أي اتفاقيات وأي وثائق توقعها".كما قال بوتين:"سنستمع لآراء مجلسي الأمن والدوما حول طلبات الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك وتحديد خطواتنا التالية في هذا الاتجاه".يأتي ذلك بعدما طلب زعيما جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين من الرئيس الروسي الاعتراف بهما منطقتين مستقلتين.وإذا اتخذت روسيا هذه الخطوة، فقد تمهد الطريق أمام موسكو لإرسال قوات عسكرية إلى كلا المنطقتين، بذريعة أنها تتدخل كحليف لحمايتهما من أوكرانيا.وفي ضربة لباريس وبرلين، اللتين كانتا تراهنان على أن تشكل "اتفاقات مينسك"، قال بوتين إن الاتفاقات التي أبرمت في 2015 لإحلال السلام في الدونباس ليس لها "أي أفق" بالنجاح، متهما الحكومة الأوكرانية بإفشالها.«إذا لم يحدث غزو»
وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في بيان، إن الولايات المتحدة "ملتزمة متابعة الدبلوماسية حتى اللحظة التي يبدأ فيها أي غزو"، مضيفة، أن "الرئيس بايدن وافق من حيث المبدأ على لقاء مع الرئيس بوتين، إنْ لم يحدث غزو".وتابعت: "نحن مستعدون أيضاً لفرض عواقب سريعة وشديدة إذا اختارت روسيا الحرب بدلاً من ذلك. وفي الوقت الحالي، يبدو أن روسيا تواصل الاستعدادات لهجوم واسع النطاق على أوكرانيا قريباً جداً"، الأمر الذي أكده أيضاً مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، الذي قال لشبكة "إن بي سي"، أمس، إن روسيا تخطط لغزو "عنيف جداص" لأوكرانيا. وأضاف أنه لدى الولايات المتحدة "معلومات استخباراتية تشير إلى أنه سيكون هناك شكل أكبر من الوحشية" ضد الأوكرانيين، "لقمعهم وسحقهم وإيذائهم".عمليات انتشار جديدة
هذا الإعلان المفاجئ عن "مبادرة ماكرون" يتناقض وتحذيرات الغربيين من تدخل وشيك لموسكو في أوكرانيا.فقد أظهرت صور ملتقطة بالأقمار الاصطناعية عمليات انتشار جديدة لقوات روسية ومعدات عسكرية على الحدود الأوكرانية، حسبما أكدت، شركة "ماكسار" الأميركية لصور الأقمار الاصطناعية.وتبيّن هذه الصور الجديدة، التي التقطت أمس الأول، عمليات انتشار ميدانية متعددة جديدة لمعدات مدرعة وقوات تخرج من مواقع عسكرية موجودة في غابات وحقول على بعد نحو 15 إلى 30 كيلومتراً، من الحدود الروسية الأوكرانية.بوتين في بيلاروسيا!
وفي سياق السيناروهات العسكرية، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية نقلاً عن تقارير استخباراتية، أن الرئيس الروسي سيتخذ بيلاروسيا مركزاً رئيسياً في حال غزو أوكرانيا.في سياق متصل، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن "بيلاروسيا تدرس السماح لروسيا بنشر صواريخ نووية على أراضيها".لكن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، أوضح أمس، إنه يبدو من غير المرجح أن تشن القوات الروسية هجوماً من بيلاروسيا، وقال للصحافيين: "يبدو ذلك مثيراً للضحك". وتحدث الوزير الأوكراني عن وجود 9 آلاف جندي روسي فقط في بيلاروسيا بينما قدرتهم تقارير غربية بـ 30 ألف جندي.موسكو تبحث عن «غواصات العدو» في «المتوسط»
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن سفنا حربية روسية تجري، بالتعاون مع الطائرات المضادة للغواصات، التابعة للطيران البحري، مناورات للبحث عن "غواصات العدو" في البحر الأبيض المتوسط، مضيفة أنه "تم تأكيد أن المهام الرئيسية في هذه المرحلة من التمرين هي البحث عن غواصة وهمية للعدو وتعقبها، وتنظيم تبادل مستمر للبيانات حول مناورة الهدف".وتجري من 15 حتى 25 فبراير مناورات بحرية روسية في الجزء الشرقي من البحر المتوسط، تحت قيادة القائد العام للبحرية الروسية الأدميرال نيكولاي إيفمينوف.من ناحية أخرى، أفادت صحيفة "ميليتاري ماتش" الأميركية بأن قاذفات "تو 22 إم 3" بعيدة المدى ومقاتلات "ميغ 31" الروسية المزودة بصواريخ "كينغال" فرط الصوتية قد تشكل خطورة على حلف شمال الأطلسي (الناتو) في البحر الأبيض المتوسط، بعد نقل تلك الطائرات من روسيا إلى قاعدة "حميميم" الجوية الروسية في سورية.وأضافت الصحيفة ان تلك الطائرات بدأت تنفيذ دوريات فوق المياه الدولية للبحر المتوسط، مبينة أن "دول الناتو لا تمتلك صواريخ يمكن مقارنة مواصفاتها بمواصفات كينغال"، ولفتت إلى أن تلك الصواريخ عبارة عن رد روسي غير متناظر على الدرع الأميركية، ويمكن استخدامها لإغلاق البحر المتوسط كله وتوجيه ضربات إلى الأهداف المهمة في أوروبا.ونشرت الدفاع الروسية مقطع فيديو أظهر تحليق مقاتلة "ميغ - 31 كا" الروسية الحاملة لصاروخ "كينغال" فوق البحر الأبيض المتوسط.