تبدأ الصحافية التركية سديف كاباش اليوم شهرها الثاني في السجن بتهمة «إهانة الرئيس». وتنتشر هذه التهمة أكثر فأكثر في تركيا، وتسمح بكم أفواه المعارضة قبل 16 شهراً من الانتخابات الرئاسية، وفق ما يرى مراقبون.

وتؤكد منظمة «مراسلون بلا حدود» أنّ كاباش «52 عاماً» هي الصحافية التي أمضت أطول فترة في السجن بهذه التهمة، حتى الآن.

Ad

وكانت كاباش ذكرت خلال برنامج تلفزيوني أن مثلاً قديماً يقول إن الرأس المتوّج يصبح عموماً أكثر حكمة، وأضافت «يمكن أن نرى بوضوح أنه خاطئ».

وكررت الصحافية مقارنتها التي اعتُبرت مهينة للرئيس رجب طيب إردوغان ونظامه، على حسابها على تويتر الذي يتابعه 900 ألف شخص.

بعد ثلاثة أسابيع، تم توجيه اتهام رسمي إلى سديف كاباش، ورُفض طلبها بالإفراج عنها. ويطالبها رئيس الجمهورية بتعويض قدره 250 ألف ليرة تركية (أكثر من 18000 دولار).

وستتم محاكمتها في 11 مارس المقبل، وهي معرضة، في حال إدانتها للسجن لمدة 12 عاماً وعشرة أشهر، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية واثنين من وزرائه.

واعتبر ممثل «مراسلون بلا حدود» في تركيا إيرول أونديروغلو جريمة إهانة الرئيس المنصوص عليها في المادة 299 من قانون العقوبات «تسمح بإسكات المنتقدين وإضعاف وسائل الإعلام».

وعبّرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في نوفمبر الماضي عن قلقها إزاء الاستخدام التعسفي للمادة 299.

وحذّر رئيس الجمهورية من أن قضية كاباش «لن تبقى من دون محاسبة»، ودعا إلى «احترام وحماية منصب» الرئاسة. وشدّد «على أنّ لا علاقة لذلك بحرية التعبير».

بعد فترة وجيزة، صدرت ثماني مذكرات توقيف، منها واحدة ضد السباح الأولمبي ديريا بويوكونجو، على خلفية رسائل على تويتر تسخر من إصابة الرئيس بكوفيد (بدون أعراض)، وكذلك زوجته.

وتم توجيه تهمة ازدراء بالرئيس إلى أكثر من 31 ألف شخص في 2020، و36 ألفاً في 2019، بينما اقتصرت على أربعة فقط في 2010، وفقاً لإحصاءات قضائية رسمية.

وتشير الباحثة في معهد البحوث الاستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية في باريس سمبُل كايا إلى أنّ تهمة إهانة الرئيس أكثر تعميماً من تهمة «الإرهاب» وهي الأكثر انتشاراً منذ محاولة الانقلاب ضد إردوغان في عام 2016.

وتوضح أن «هذا الجرم يسمح بالتعرض للمواطنين العاديين»، كاشفةً عن «تراجع دور السلطة القضائية»، بينما تمر تركيا بأزمة اقتصادية تؤثر على شعبية رئيس الدولة لناحية إعادة انتخابه في 2023.

ويشير المراقبون إلى صغر سنّ مدعي عام إسطنبول الذي وجه الاتهام إلى كاباش، والمُتخرّج في 2018.

ويقول إنسل «تم استبدال أكثر من 4000 قاضٍ ومدعٍ عام منذ 2016 بمحامين شباب مقربين من حزب العدالة والتنمية، في عمليات (توظيف) غير شفافة»، مؤكداً أنّ «الأوامر تأتي من فوق، مباشرة من القصر الرئاسي».