في أول زيارة لدولة خليجية يقوم بها وثالث رحلة خارجية له منذ توليه منصبه في أغسطس الماضي، بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم، زيارة للدوحة تستغرق يومين، معلناً من هناك تفعيل ما أسماه «دبلوماسية الجوار»، في وقت تقترب المفاوضات النووية في فيينا من مرحلة حاسمة.

وأجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني محادثات مع رئيسي، بحضور وزيرَي الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن، والإيراني حسين أمير عبداللهيان، تناولت العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية، ووقعا اتفاقات تتضمن صفقتين في قطاع الطاقة.

Ad

وأشار أمير قطر خلال مؤتمر صحافي مع رئيسي إلى «العلاقات الوطيدة بين البلدين»، متمنياً مزيداً من التطور والنماء في شتى المجالات.

وأعرب عن أمل بلاده أن «يتم التوصل قريباً إلى اتفاق يرضي كل الأطراف ويضمن حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية»، خلال الجولة الثامنة من المفاوضات بين طهران والقوى الكبرى التي تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا حالياً.

وجدد الشيخ تميم عرض الدوحة، التي ترتبط بعلاقات دبلوماسية جيدة مع طهران وواشنطن، المساهمة من أجل تسهيل التوصل إلى تفاهم لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

كما هنأ أمير قطر الإيرانيين لتأهلهم لبطولة كأس العالم المقبلة، التي ستنظمها الدوحة، داعياً الرئيس الإيراني لحضورها.

دبلوماسية الجوار

من جهته، قال الرئيس الإيراني إن زيارته لقطر تأتي «لتفعيل دبلوماسية الجوار»، خصوصاً مع الدول الجارة في الخليج، وتوظيف الفرص لـ«تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية»، وذلك عقب تصريحات لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قال فيها إن المملكة لا تزال تسعى لعقد جولة خامسة من المفاوضات بين البلدين رغم أن الجولات السابقة لم تحقق اختراقاً.

وأضاف رئيسي أن زيارته تأتي تلبية لدعوة أمير قطر و«لها هدفان، الأول هو توسيع العلاقات الثنائية مع البلد الصديق والشقيق والجار قطر، والثاني هو المشاركة في منتدى الدول المنتجة والمصدرة للغاز في العالم» الذي يعقد اليوم بحضور ممثلين عن 11 دولة بينها مصر والجزائر وفنزويلا وسط أزمة طاقة عالمية تضغط بقوة على أوروبا خصوصاً، معرباً عن أمله أن ترقى هذه الزيارة بالعلاقات السياسية والتجارية بين دول الخليج والمنطقة.

وعن تطور الجهود الدبلوماسية الدولية بشأن احتواء برنامج بلاده الذري، شدد رئيسي على أنه «يتعين على الولايات المتحدة أن تثبت أنها سترفع العقوبات».

دفع فيينا

وجاءت زيارة رئيسي غداة تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية نقل عن مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية القطري قام بزيارة غير معلنة لإيران، بعد زيارة أمير قطر لواشنطن نهاية يناير الماضي.

وأضافت الوكالة أن زيارة بن عبدالرحمن غير المعلنة لطهران تضمنت مباحثات مع الرئيس الإيراني ووزير الخارجية.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية القطري كان قد زار الجمهورية الإسلامية والتقى عبداللهيان قبيل سفر أمير قطر إلى واشنطن للقاء الرئيس جو بايدن.

وذكرت الوكالة أن زيارة الرئيس الإيراني للدوحة ستبني على زيارة وزير خارجية قطر والاتصالات التي تقوم بها قطر بهدف دفع جهود إحياء الاتفاق النووي.

القضايا الأصعب

في هذه الأثناء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، إنه تم إحراز «تقدم ملموس» في مفاوضات فيينا، التي تشارك بها إدارة بايدن بشكل غير مباشر، مؤكداً على مطالبة بلاده برفع جميع العقوبات.

لكنه اتهم في الوقت نفسه الأطراف الغربية بأنها لا تمتلك الجدية «في حسم القضايا الصعبة والأساسية المتبقية في المحادثات» الرامية لإعادة طهران وواشنطن للامتثال بالصفقة الذرية التي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

وعن القضايا الخلافية المتبقية بين إيران ومجموعة «4+1» قال زادة: «لقد انخفض نطاق وعدد القضايا، لكن القضايا المتبقية هي أصعب القضايا الرئيسية وتتطلب جدية لحلها».

كما جدد المسؤول الإيراني اتهام بلاده لإسرائيل بمواصلة السعي لعرقلة التقدم الحاصل في مباحثات فيينا.

من جانب آخر، جددت الخارجية الإيرانية ترحيبها بالحوار مع دول الجوار بما فيها السعودية رغم عدم تحديد موعد للجولة الـ5 من المباحثات الاستكشافية بين طهران والرياض التي يستضيفها العراق.

ترتيبات وعرقلة

في المقابل، ذكرت وزيرة النقل الإسرائيلية ميراف ميخائيلي، اليوم، أن إسرائيل ستعالج مخاوفها إزاء إحياء الاتفاق النووي الإيراني المحتمل من خلال ترتيبات ثنائية مستقبلية مع الولايات المتحدة.

وقالت ميخائيلي، عضو مجلس الوزراء الأمني المعني بصنع القرار: «عمر هذا الاتفاق الناشئ أقصر كثيراً. ويحمل العديد من الفرص السيئة. ويمثل بالفعل إشكالية كبرى».

وقالت ميخائيلي، متحدثة بالإنكليزية أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى في القدس: «إننا نبذل كل ما في وسعنا لجعل الاتفاق المحتمل على أفضل وجه ممكن»، مضيفة: «سيتعين علينا العمل على اتفاق تكميلي بين إسرائيل وواشنطن».

ويأتي ذلك بعد يوم من توقع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن يتم التوصل إلى اتفاق نووي «قصير وضعيف»، لمدة عامين ونصف العام، بين القوى الكبرى وطهران، محذراً من أن طهران ستحصل على أموال هائلة بعد رفع العقوبات الأميركية عنها وهو ما يهدد بجعل منطقة الشرق الأوسط أكثر عنفاً في ظل مواصلة إيران دعم الجماعات المسلحة.

وفيما تعول إسرائيل على عرقلة الاتفاق النووي المحتمل بواسطة «الكونغرس» الأميركي، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد «مطالبة طهران برفع الحرس الثوري من قائمة الإرهاب» بـأنها «وقحة ولا يمكن للعالم الموافقة عليها».

وقال لابيد إن الاتفاق النووي الذي يتم العمل عليه بين الدول العظمى وإيران في فيينا أسوأ من السابق.