لم يكن بيد تيار الصدر الفائز في الانتخابات وحلفائه، الاعتراض على قرارات المحكمة العليا، التي جمدت الأوراق الرابحة بيد الأغلبية النيابية وحرمت مرشحيها من سباق الرئاسة، وعطلت عملياً انعقاد مجلس النواب لمصلحة إجبارها على التوافق مع قوى الإطار التنسيقي، وهي خصم قريب من إيران.وبعد أن وصل تهديد حلفاء طهران إلى محاصرة قطاع النفط في إقليم كردستان عقاباً له للوقوف مع الصدر ضد الفصائل، انهمك تيار الأغلبية منذ أيام في فتح ملف البنوك ومزاد العملة الصعبة، في ردّ تكتيكي على التهديدات الإيرانية التي دخلت حيز التنفيذ ضد الصدر وخصومه فيما يعرف بـ»التحالف الثلاثي»، المكون من الصدر ومسعود البارزاني والأحزاب السنية.
ورغم أن التحرك ضد المصارف، الذي أطلقه الصدر مستفيداً من تمثيل تياره في رئاسة البرلمان، أثار مشاكل كثيرة بينها اعتراضات وزير المالية علي علاوي، وهو وزير مخضرم تلقى تعليماً رفيعاً منذ الخمسينيات ويعتبر مقرباً جداً من مرجعية السيستاني، فإن للحكاية أبعاداً مؤثرة، كما قالت مصادر رفيعة في بغداد وأربيل لـ«الجريدة».وتوضح المصادر، أن تيار الصدر حرك هيئة الرئاسة في البرلمان لضبط السياسة المالية ابتداءً من تدقيق وضع أكبر المصارف، التي تتداول في مزاد العملة الصعبة، مشيرة إلى أن البنوك التي ذكرها الصدر مرتبطة بمصالح «أحزاب وفصائل تخدم اقتصاد إيران، وشخصيات نافذة في الجهاز القضائي تحاول بناء إمبراطورية مالية».وينظم البنك المركزي العراقي مزاداً يومياً للعملة الصعبة منذ عام 2005، بغية التحكم بسعر صرف الدينار، وتستفيد بنوك كثيرة بينها حليفة لإيران من ذلك في تهريب العملة، حسب اتهامات نيابية ودولية متتابعة، لكن الأمر بات أكثر صعوبة بعد قرار تخفيض قيمة الدينار العام الماضي بنسبة 24 في المئة لمواجهة انهيار أسواق النفط وكساد الأسواق وسط جائحة كورونا.وطلب الصدر من البرلمان نهاية الأسبوع، استيضاح الأمر من محافظ البنك المركزي ووزير المالية، لضبط أوضاع السوق بعد ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية، لكنه ألقى باللائمة على عدد من المصارف، وصفت بأنها تضارب بالعملة لمصلحة نافذين كبار، أبرزهم حلفاء لطهران، إلى جانب شخصيات «ذات صلة بعمل الجهاز القضائي».ومنذ الخميس الماضي، يمر السوق العراقي بجمود وتردد، ويتذبذب سعر صرف الدولار نتيجة عدم اليقين بما يمكن أن تؤول إليه معركة تشكيل الحكومة الدائرة بين الصدر وخصومه في الإطار التنسيقي الحليف لطهران، والتي انتقلت بشكل دراماتيكي إلى القطاع الاقتصادي، لا في سوق المال والبنوك فحسب، بل عبر قرار المحكمة العليا حرمان إقليم كردستان من الاستقلالية في تشغيل حقول النفط الكردية. وتدعو معظم الأحزاب إلى حل شامل لقطاع الطاقة في العراق عبر قانون اتحادي معلق منذ 15 عاماً، ينظم دور المدن المنتجة للنفط والغاز في صناعة سياسات الطاقة، لكنها ترفض تدخل المحكمة تزامناً مع الخلاف على تشكيل الحكومة، في حسم يوصف بالمتعسف لصلاحيات الأكراد، قد يترك أثره على سمعة العراق كلها في سوق الطاقة الذي يدار بنسبة كبيرة من كبريات شركات النفط.ويوصف وصول الخلاف على تشكيل الحكومة إلى قطاع النفط والمصارف، بأنه ترجمة لانسداد الحوار الداخلي، وعجز إيران عن فرض حلولها واعترافها بأنها تواجه قواعد سياسية جديدة، وانتقال الأطراف إلى عمليات «فضح» للأخطاء الهيكلية التي يعانيها قطاع المال في البلاد.
أخبار الأولى
أسواق العراق مرتبكة بعد تصويب الصدر على بنوك «حليفة» لطهران
22-02-2022