المسرح اللبناني يعاني أوضاعاً صعبة والفنانون يصارعون للبقاء

نشر في 23-02-2022
آخر تحديث 23-02-2022 | 00:00
يصارع العاملون في الفن المسرحي اللبناني لتخطي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها البلاد، إذ تشهد المسارح تراجعا كبيرا في الإنتاج والعروض، في ظل تدهور العملة اللبنانية إلى أدنى مستوياتها، وفي ظل جائحة كورونا.
يعاني الممثلون والفرق المسرحية في لبنان صعوبة تأمين تكاليف ومستلزمات الإنتاج والرواتب وتدني مردود شباك التذاكر، ويلجأون إلى الأعمال التلفزيونية والسينمائية خارج لبنان لتأمين الاستمرارية.

وفي هذا السياق، قالت مؤسسة ومديرة مسرح المدينة اللبناني الفنانة نضال الأشقر لـ"كونا"، إنه "رغم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية في لبنان يقدم (مسرح المدينة) أفضل ما باستطاعته من مسرحيات وحفلات، وتم عرض تسعة أعمال مسرحية وموسيقية في ديسمبر الماضي، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت".

ضائقة مالية

وأشارت الأشقر إلى أن "مسرح المدينة" لم يتوقف رغم الضائقة المالية، ويتكل على دعم الأصدقاء في لبنان والخارج وعلى بعض الشركات الراعية، لتغطية التكاليف والأعباء الكبيرة، موضحة أنه "يعمل لاستقبال وتأمين استمرارية الممثلين والفرق المسرحية، ولو أن ربحهم تراجع كثيرا، لكن يعملون للبقاء، ولإكمال مسيرتهم بالحد الأدنى".

وأضافت: "المسارح التي مازالت تعمل في لبنان قليلة جدا، ونحن مصممون على ألا يتوقف (مسرح المدينة) عن العمل، وخفضنا الأسعار، ليتسنى للجمهور متابعة العروض من أجل الفنانين والعاملين، ولكي نتفادى هجرتهم وهجرة الطاقات إلى الخارج، وليستمروا في إكمال تقديمهم الفن والفرح للناس".

من جانبه، قال المنتج والمؤلف والممثل المسرحي جورج خباز لـ"كونا"، إن "الإنتاج المسرحي تأثر كثيرا جراء الضائقة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، وانهيار العملة المحلية، وأيضا بسبب جائحة كورونا وتداعياتها، إذ لم يعد بمقدور الجمهور تحمُّل سعر تذاكر المسرح، ولم يعد ممكنا تأمين رواتب الممثلين والموظفين من خلال أسعار تذاكر المسرحية".

ولفت إلى "أنه يمكن إنتاج أعمال مسرحية صغيرة (مونودرام) أو (مسرح الجيب) غير المكلف، ونحن في طريقنا لخسارة الإنتاج الضخم والمسرحيات الكبيرة والاستعراضية التي تستلزم عددا كبيرا من الممثلين والفنانين والموظفين، ولم يعد باستطاعتنا تقديم هذا النوع كما في السابق، بانتظار تحسن الوضع الاقتصادي في لبنان".

وتابع: "الممثلون هجروا المسرح باتجاه الأعمال التلفزيونية، ونحو المسلسلات التي تنتج في العالم العربي وفي الخليج، وتعرض على المنصات، وهذا الأمر جيد، لأن رواد المسرح والممثلين يتجهون إلى نوعية جيدة من المسلسلات تعرض على المنصات، وهذا يعوض غياب الحركة المسرحية والإنتاج التلفزيوني في لبنان".

وأعرب عن الأمل في ألا تطول هذه الفترة، وأن يعود المسرح إلى سابق عهده في لبنان، لأنه يؤمن حاجة مادية للممثلين والمنتجين والعاملين، إضافة إلى الحاجة الثقافية والإنسانية للبلاد.

من جهتها، قالت المخرجة والممثلة ميرنا خياط، إن "مشكلة المسرح في لبنان قديمة، وتفاقمت اليوم كثيرا، بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية وكلفة الأعمال المسرحية العالية، التي تحتاج دائما إلى راعٍ لتمويلها، لأن تذاكر البيع لا يمكن أن تغطي التكاليف".

وأضافت: "تم اللجوء أخيرا إلى المسرح الترفيهي والفكاهي، الذي لا يحتاج إلى إنتاج ضخم وكبير، وكلفته مقبولة على المنتج وعلى المشاهد، وهذا النوع من العمل المسرحي لم يتوقف، فيما إنتاج المسرحيات الكبيرة أصبح مجازفة ومخاطرة في ظروف لبنان الحالية، كما توقفت مسرحيات الأطفال، التي يشتهر بها لبنان، وكانت تُعرض لتلاميذ المدارس بشكل خاص".

واعتبرت خياط أن "غياب إنتاج المسرحيات الكبيرة خسارة كبيرة للفن اللبناني، الذي اشتهر بالأعمال المسرحية الضخمة الغنائية والاستعراضية مع الأخوين رحباني، ومع روميو لحود وآخرين".

وأشارت إلى أن "الأعمال الفنية الكبيرة التي يشهدها لبنان من وقت إلى آخر ممولة من خارج لبنان، ولا يمكن تمويلها من شباك التذاكر، وهذا ما دفع الممثلين المسرحيين إلى التفكير بواقعية، والانتقال إلى السينما وإلى الأعمال التلفزيونية الدرامية، لتأمين الاستمرارية في المجال الفني".

يُذكر أن لبنان هو رائد بالفن المسرحي في محيطه العربي، وله إرث فني كبير من المسرحيات الغنائية والاستعراضية والتاريخية مازالت في ذاكرة الجمهور اللبناني والعربي، ويأمل فنانوه أن تعود العجلة الاقتصادية إلى سابق عهدها، ليستعيدوا نشاطهم، ويعود المسرح ميزة فنية وثقافية للبنان.

نضال الأشقر: «مسرح المدينة» لم يتوقف رغم الضائقة المالية ويتكل على دعم الأصدقاء
back to top