بعد أيامٍ تحلُّ علينا الذكرى الـ 31 لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي الذي استمر 7 أشهر عجاف."الحالة العراقية - الكويتية"، كما توصف بالأمم المتحدة، سارت لمصلحة الكويت، دون معوقات، وصدر فيها أكبر عدد من القرارات الأممية في تاريخ المنظمة الدولية، من نظام تعويضات اكتمل، وترسيم حدود، بل وحتى إيداع سجل بالمقيمين في الكويت بالأمم المتحدة قبل 2 أغسطس 1990، بمن فيهم "البدون".
جاء تصريح الرئيس الروسي بوتين في إطار الأزمة الأوكرانية المحتدمة هذه الأيام: "أوكرانيا أرض روسية قديمة، وجزء لا يتجزأ من تاريخنا، وروسيا الشيوعية هي من أسس أوكرانيا الحديثة"، ليذكرنا بأحاديث لعبدالكريم قاسم 1961، وصدام حسين في 1990، في عقلية الضم والقضم.ودفعني ذلك إلى التساؤل، لو كان بوتين هو رئيس روسيا أيام الغزو، فكيف كانت ستسير الأمور في مجلس الأمن؟ علماً أن الاتحاد السوفياتي منع الكويت من عضوية الأمم المتحدة مرتين سنة 1961، باستخدامه "الفيتو"، فتأخر انضمامها للمنظمة الدولية إلى 1963، لتصبح العضو رقم 111.في مثل هذه الأيام، قبل 31 عاماً، كنا 1182 أسيراً في معتقل "بو صخير"، أو "قرمة علي"، شمال البصرة، زرته بعد سقوط نظام صدام في 2003، وكانت زيارة مؤثرة جداً لمكان كان الموت فيه أقرب إلينا من الحياة "أيام تنذكر ولا تنعاد".وعندما وصل إلينا خبر تحرير الكويت، من خلال الاستماع لراديو اسمه "القيثارة"، بموجة واحدة، تجميع عراقي، نقلتُ الخبر إلى بقية الأسرى، مع فرح مكبوت، بنصيحة "تحررت الكويت، افرحوا ولكن بهدوء"، خشية ردة فعل عنيفة قد يرتكبها الحراس المدججون حولنا.عدنا إلى بلادنا المحررة لتخطف أبصارنا الآبار المحترقة، والدمار المنتشر هنا وهناك، إلا أن الفرحة بالوطن المحرر، وعودة البلاد، وعناق الأهل والأحبة، كانت كالولادة الجديدة.الذين وُلِدوا في حقبة التحرير أو قبلها أو بعدها بقليل، صاروا في الثلاثينيات من أعمارهم، وخلال تواصلي معهم، يتضح أن رؤيتهم وذاكرتهم عن الغزو ليست عينية، وهم بحاجة إلى فهم ذلك الحدث الوجودي بواقعية، لا للتحريض على أحد، ولكن لفهم ما جرى بيننا، فدرس الغزو أكبر مدرسة، ولكننا أضعناه ولم نتعلم منه شيئاً يُذكر.
أخر كلام
ذكرى التحرير... ماذا تعلمنا؟
23-02-2022