قرن من التجربة الديموقراطية (2/2)
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
إلا أن الدستور فقد توازنه، ليس بسبب نصوصه، ولا بسبب ممارسات أعضاء مجلس الأمة، وإنما بسبب أن الأسرة الحاكمة أرادت أن تجمع بين يديها سُلطتين أولاهما منحت لها بالدستور وهي إمارة الدولة وولاية عهدها، والثانية لم تمنح لها إطلاقاً، وهي رئاسة مجلس الوزراء، ولم يكن يعجز واضعو الدستور لو أرادوا إسنادها، لكنهم تركوها دون هذا الإسناد لحكمة مقصودة، بل تؤكد المذكرة التفسيرية بمواضع مختلفة على أمرين أساسيين؛ النأي بالأسرة الحاكمة عن مواضع للتجريح والنأي بها أن تكون خصماً سياسياً من جهة أخرى، بل وإغلاق الباب أمام أي مبالغات بضمانات للسُّلطة التنفيذية من جهة ثالثة، وهو ما يعني أن الأسرة الحاكمة تم النأي بها عن تولي السُّلطة التنفيذية، لكن الواقع سار عكس ذلك، فتولت إدارة شؤون البلاد كأمير وولي للعهد، وفقاً لما هو مقرر بالدستور، وتولت كذلك إدارة السُّلطة التنفيذية، من خلال استئثارها بمنصب رئيس الوزراء، وهو مكمن الخلل الذي نعيشه حتى اليوم، إذ إن المساءلة السياسية وفق النظام البرلماني تتم لرئيس الوزراء والوزراء، وعند اقترابها من أحد أبناء الأسرة تثور الحساسية السياسية، لأن التجريح سيكون من نصيبهم، وهو ما عمد الدستور إلى النأي بهم عنه، لكن إصرارهم على تولي منصب رئيس الوزراء وتعيين وزراء من أبناء الأسرة، أصبح بموجبه أبناء الأسرة الحاكمة من الوزراء موضعاً للمساءلة السياسية - وهو أمر طبيعي - وفقاً للنظام البرلماني، فنجم عنه حساسية، ونُظر إليه من أبناء الأسرة من جهة ومن قبل من يحرض على النظام البرلماني الكويتي أنه تحدٍّ من قبل البرلمان للأسرة الحاكمة، وهذا ادعاء باطل وفاسد. إن صيرورة رئاسة مجلس الوزراء بيد الأسرة الحاكمة، جعلت هذا المنصب مرحلة من مراحل اعتلاء مناصب الدولة، والتي منها ولاية العهد والإمارة، لذلك أصبح منصب رئاسة مجلس الوزراء، بل حتى الوزراء، من المناصب التي تشهد صراعاً مستمراً بين أبناء الأسرة الحاكمة، الأمر الذي يستوجب أن تعود الأمور إلى نصابها، وأن تضع حالة الصراع بينهم أوزارها، وتنتهي هذه المسألة إلى غير رجعة، بالالتزام بالدستور والنأي بالأسرة الحاكمة عن المساءلة السياسية، ويأتي على رأسها ابتعادهم عن منصب رئاسة الوزراء، ولتبقَ الأسرة الحاكمة بموضع المرجعية والحياد بعيداً عن التجريح، باقتصارها على منصبَي الأمير وولي العهد.