الموضوعات العالية المخاطر هي التي يكون ضررها على المال العام كبيراً، وتتطلب تدخلاً سريعاً، لاتخاذ الإجراءات التصحيحية لوقف الهدر الناتج عنها، وتتطلب محاسبة المتسبب فيها، وهو ما يتواءم مع ما طرحه سمو رئيس الوزراء في تفعيل محاسبة المسؤولين وربط التجديد لهم بمدى تسوياتهم لملاحظات الجهات الرقابية.

وصدر تقرير حديث لديوان المحاسبة وتحديداً في ديسمبر الفائت عن المواضيع العالية المخاطر، وشمل 4 موضوعات جديدة إضافة إلى 6 متكررة وردت في تقريره الصادر في 2018، وتضمينها في تقريره الحديث يعني عدم اتخاذ الإجراءات التصحيحية لتلافيها، على عكس الرغبة الحكومية التي بدت في اجتماعات عقدت مع ممثلي الديوان منذ صدور تقرير 2018 بهدف معالجتها.

Ad

علمت "الجريدة"، من مصادرها، أن ديوان المحاسبة أصدر، أخيراً، تقريراً وتحديداً في ديسمبر 2021 عن الموضوعات العالية المخاطر، تضمن استمرار ما رصده في تقريره الصادر 2018، فضلاً عن موضوعات جديدة، حذر من خطورتها على المال العام.

وشكل تقرير الديوان الذي تم تسليمه لمجلسَي الأمة والوزراء ٤ موضوعات عالية المخاطر جديدة إضافة إلى ٦ موضوعات متكررة وردت في تقريره الصادر في 2018، والذي تم تسليمه لمجلس الوزراء فور صدوره آنذاك، رغم الاجتماع الذي ضم ممثلي الديوان مع اللجنة الوزارية الاقتصادية، إلا أن عدم معالجتها أدى إلى ورودها مرة أخرى بتقرير 2021.

أما الموضوعات الجديدة العالية المخاطر والناجمة عن سوء في الإدارة أو في استغلال الموارد المتاحة، إضافة إلى الاحتيال أو الهدر في المال العام لعدة سنوات مالية، والتي سبق أن تم رصدها ودراستها من جانب الديوان، فتمثلت في أربعة موضوعات هي "قصور أنظمة الضبط الداخلي فيما يتعلق بمصروفات وإجراءات الحكومة الخاصة باستخدام الأموال العامة والأموال المخصصة لمواجهة جائحة كورونا، إضافة إلى استمرار تضخم رصيد حساب الديون المستحقة للحكومة، مما يجعل هذه الديون المستحقة عرضه لسقوطها بالتقادم وضياع للمال العام"، إلى جانب "العقارات الوقفية غير المسجلة لدى الأمانة العامة للأوقاف وتسجيلها وإدارتها وتحصيل الإيرادات المحققة عنها حتى تاريخه، إضافة إلى عدم الجدية في التعامل مع القضايا المرفوعة ضد جهات الدولة المختلفة".

وفي الشق الثاني، تابع الديوان الموضوعات العالية المخاطر التي تضمنها تقرير 2018، وأهم المستجدات التي طرأت عليها سواء ساهمت في تلافي الخطر أو استمراره، وما تم اتخاذه من إجراءات من عدمه حيال توصيات الديوان في الإسراع باتخاذ اللازم بشأن هذه الموضوعات ومعالجتها، واستكمالاً لجهوده المبذولة في سبيل تحسين كفاءة الأداء المؤسسي.

ديوان المحاسبة:
• غياب خطة واضحة لإدارة الأزمات والطوارئ حمّل المال العام أعباء أثرت مباشرة على الميزانية

• قصور «أمانة الأوقاف» أوجد عدداً كبيراً من العقارات الوقفية غير المسجلة مما ترتب عليه فقدان الريع

• استمرار تضخم رصيد حساب الديون المستحقة للحكومة بصورة طردية دون معالجة

• مخاطر العلاج بالخارج لا تزال مستمرة وتحتاج للتدخل

ومن الموضوعات التي تضمنها تقرير الموضوعات العالية المخاطر بتقرير 2018 والتي استمرت في تقرير الديوان الأخير، وهو ما يعني عدم تلافيها: "القصور في إحكام الرقابة على مصروفات العلاج بالخارج، وضعف الرقابة على المشاريع الإنشائية وتأخر تنفيذها وعدم جاهزية معظم الجهات الحكومية في التعامل مع الكوارث عند وقوعها وتضخم أرصدة حسابات الأصول المالية المحلية - حسابات مدينة أخرى، والأصول المتداولة الأجنبية - دفعات واعتمادات نقدية بالخارج (العهد سابقاً، العجز في الموازنة العامة للدولة والسداد من خلال إصدار السندات الحكومية) إضافة إلى الحكومة الالكترونية"، مشددا على أن المخاطر التي شابت موضـوع العلاج بالخارج لا تزال مستمرة وتحتاج للتدخل للحد من الهدر المالي الناتج عنها.

وبالعودة إلى الموضوعات الأربعة الجديدة، ارتأى الديوان إدراجها في الإصدار الثاني 2021 من التقرير، وأولها هو قصور أنظمة الضبط الداخلي فيما يتعلق بمصروفات وإجراءات الحكومة الخاصة باستخدام الأموال العامة والأموال المخصصة لمواجهة جائحة كورونا، حيث شابت الموضوع عدة مخاطر يمكن تقييمها على أنها عالية، كعدم وجود خطة واضحة ومحكمة لإدارة الأزمات وحالات الطوارئ، الأمر الذي حمل المال العام أعباء مالية أثرت بشكل مباشر على الميزانية العامة للدولة، إضافة إلى ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية والتداخل في الاختصاصات ذات الصلة بإدارة الأزمة، وكذلك وجود ضعف عام في إجراءات الضبط الداخلي فيما يتعلق بتحديد الاحتياجات وطلبات توفير المستلزمات والمواد خلال الأزمة.

مواجهة الكوارث

وأوصى الديوان بضرورة إعادة النظر في التشريعات الصادرة مسبقاً لإدارة الأزمات ومواجهة الكوارث والتي أثبتت خلال هذه الفترة عدم جدواها، مع العمل على سرعة وضع الخطط والسياسات العامة لإدارة الأزمات والكوارث لتلافي الوقوع بذات الملاحظات، كما أن تفعيل الاتفاقيات الإطارية للشراء الجماعي والواردة في قانون المناقصات تعتبر من الأمور العالية الأهمية لوضعها موضع التنفيذ والعمل.

وتناول الموضـوع الثاني، موضـوع العقارات الوقفية غير المسجلة، حيث تعتبر متابعة العقارات الوقفية من أهم اختصاصات الأمانة العامة للأوقاف، إلا أنه تبين وجود عدد كبير من العقارات الوقفية غير مسجلة لدى الأمانة بسبب القصور في متابعة تلك الأوقاف والتحري عنها لسرعة تسجيلها وإدارتها وتحصيل الإيرادات المحققة عنها حتى تاريخه، الأمر الذي ترتب عليه فقدان الريع وعدم إثباته وعدم توزيع الخيرات وعدم تحقق الغرض من وقف هذه العقارات وفق ما نص عليه قانون إنشاء الأمانة.

أما الموضوع الثالث، فتناول الديون المستحقة للحكومة، حيث كان لقصـور إحكام الرقابة على رصيد حساب الديون المستحقة دور في استمرار تضخم رصيد حساب الديون المستحقة للحكومة بصورة طردية دون معالجة أو تسـوية لسنوات مالية متعاقبة، مما يجعل هذه الديون المستحقة عرضة لسقوطها بالتقادم، وما يترتب على ذلك من ضياع للمال العام، لذا وجب الاستعجال باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة والكفيلة بمعالجة جوانب الخلل والقصور في تحصيل الديون المستحقة للحكومة.

ويتعلق الموضوع الرابع بتضخم القضايا المرفوعة ضد جهات الدولة المختلفة، مما أدى إلى زيادة حجم الدعاوى المرفوعة على الدولة مع احتمالية تزايدها، والتي تكبد المال العام أعباء مالية طائلة الأمر الذي يستوجب معه قيام إدارة الفتوى والتشريع بوضع الإجراءات الكفيلة بمعالجة الملاحظة وذلك لحماية المال العام من الضياع، إضافة إلى العمل على حل موضوع ضعف عملية الربط الآلي بينها وبين الجهات الحكومية.

محيي عامر