بعد انتصار الحلفاء على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية قال رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل جملته المشهورة: «ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم، هناك مصالح دائمة»، لتصبح نظرية سياسية معتبرة، ولأنني لست سياسياً أو أكاديميا في علوم السياسة فأعتقد أن نظرية تشرشل يقصد بها مصلحة بلاده العليا التي تحتّم على جميع الساسة أن ينظروا ويعملوا من أجلها حتى وإن كانوا مختلفين.

الغريب أن ساستنا يطبقونها بطريقة عجيبة وفقاً لمصالحهم الشخصية وليس لمصلحة الوطن، كما أن عداءهم دائم ومستمر ومدمر فيما بينهم، علماً أنهم أبناء وطن واحد، ويفترض بهم وفقاً لنظرية تشرشل أن يراعوا مصلحة البلاد والعباد التي يتولون شؤونها، والأغرب أن هذه النظرية كانت للعلاقات الخارجية للدول، حيث يمكن أن تتصالح مع عدوك إن كان هناك مصلحة بهذا الصلح تخدم وطنك وتعادي صديقك إن كان هناك مضرة منه لوطنك، ولا يمكن بحال من الأحوال أن تطبق هذه النظرية على الشأن الداخلي لأن واجب الجميع يحتم أن يسعوا إلى خدمة الوطن ومصلحته ولا يمكن للمصلحة الشخصية أن تطغى على المصلحة العامة.

Ad

ربعنا طبقوا نظرية تشرشل بمزاجهم ووفقاً لمصالحهم الشخصية لذلك نرى أن عداءهم مستمر ومدمر، وتسبب في تخلف الدولة ومؤسساتها، وانعكس على المجتمع بمجمله، وصداقتهم أيضاً عمياء، فصديقي صح حتى إن كان على خطأ، ولا أسمح لكائن من كان أن ينتقده أو يهاجمه حتى إن كانت طريقته مدمرة للبلاد والعباد، الأمر الذي جعل ساستنا يبررون عبثهم السياسي والمدمر بنظرية تشرشل لتحقيق مصالحهم الشخصية والانتخابية على حساب مصلحة الوطن والمواطنين.

يعني بالعربي المشرمح:

نظرية «لا عدو دائم ولا صديق دائم» تصلح لعلاقات الدولة الخارجية وفقاً لمصلحتها العليا، أما أن تطبقها في الداخل فالمفروض أن جميع من في الداخل أهل وأبناء وطن واحد، ويعملون لأجل رفعة وازدهار وطنهم، ولا شأن للوطن بخلافاتهم الشخصية ولا مصالحهم الفردية، والتبجح بهذه النظرية في العمل السياسي الداخلي ما هو إلا جهل وتبرير لتحقيق المصلحة الشخصية على حساب مصلحة الوطن، فهل يعي ساستنا معاني العمل السياسي الوطني بأن تكون مصلحة الوطن العليا هي الهدف الرئيس والواجب المنوط بعملهم؟