إنها الحرب... استيقظ العالم أمس على غزو روسي مكتمل المواصفات للأراضي الأوكرانية، براً وبحراً وجواً ومن ثلاثة محاور، رغم التحذيرات الغربية المتواصلة منذ نحو شهرين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأعلن بوتين فجراً انطلاق الهجوم، ووضَع مطالب سياسية بينها نزع سلاح أوكرانيا، وإسقاط حكومتها الحالية، متوعداً أي دولة تحاول عرقلة إجراءاته، برد سيؤدي إلى نتائج تاريخية في تحد للغرب.
وبدأت القوات الروسية قصفاً صاروخياً استهدف البنى التحتية العسكرية للجيش الأوكراني، مدمّراً مراكز التحكم ومطارات عسكرية ودفاعات جوية، قبل أن تتدفق القوات باتجاه مدينة خاركيف بالشمال الشرقي، والعاصمة كييف، ومدن الجنوب الواقعة على البحر الأسود وبحر آزوف. ووصلت القوات الروسية إلى مشارف كييف حيث خاضت معارك عنيفة، كما شهدت منطقة تشرنوبيل معركة اعتبرتها كييف إعلان حرب على أوروبا، بينما توغلت قوات روسية والانفصاليون الأوكران الموالون لها شرقاً. وفي إحصاءات أولية، قُتل ما لا يقل عن 250 شخصاً، بين عسكريين ومدنيين، وفرّ آلاف اللاجئين الأوكرانيين باتجاه بولندا وسط فوضى شهدتها المدن الأوكرانية بسبب الذعر.
وفي كييف، حاولت الحكومة المنتخبة التماسك ودعت الشعب الأوكراني إلى التصدي للغزاة، مطالبة حلفاءها بعزل موسكو، وتشكيل حلف دولي مناهض لها، ومواصلة الإمدادات العسكرية والإنسانية. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى إعلانه الأحكام العرفية: «نحن أقوياء ومستعدون لكل شيء، وسننتصر». وأغلقت أوكرانيا مجالها الجوي أمام الرحلات المدنية، وطلبت رسمياً من تركيا إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل أمام السفن الحربية الروسية، في حين أغلقت موسكو بحر آزوف أمام الملاحة. وأعلنت الولايات المتحدة نشر 6 مقاتلات من طراز F35 قرب بحر البلطيق، وسط استنفار عسكري واسع لدول «الناتو»، موضحة أن لديها مؤشرات على أن أوكرانيا تقاوم، وأن موسكو تخطط للاستيلاء على كل المدن الكبيرة، وأن الغزو سيتم على مراحل.وتعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اجتمع بفريقه الأمني بمواصلة دعم الشعب الأوكراني، مهدداً بفرض عقوبات مدمرة في حال لم يسحب بوتين قواته فوراً. وتوالت التنديدات الغربية بالعدوان الروسي، ووصف رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون بوتين بـ «الدكتاتور»، مؤكداً أن مغامرته ستفشل، في حين هدد أكثر من مسؤول غربي بفرض عزلة مدمرة على روسيا وخنق اقتصادها.واستدعى الاتحاد الأوروبي السفير الروسي لدى التكتل لإبلاغه «إدانته الشديدة» للهجوم، وقالت دول بينها تشيكيا ولاتفيا إنها ستوقف إصدار التأشيرات للروس. وبالتزامن، خرجت تظاهرات في عدة مدن حول العالم؛ تضامناً مع كييف، وتنديداً بالعدوان الروسي.