بعد نحو أسبوع على بدء الحرب في أوكرانيا، تتزايد الضغط على الفنانين الروس للنأي بأنفسهم عن الرئيس فلاديمير بوتين، تحت طائلة نبذهم في الغرب واستبعادهم من مسارحه وأنشطته الثقافية والفنية.

فأوساط الموسيقى الكلاسيكية شهدت أمس، هزة تمثلت بإقالة قائد أوركسترا ميونيخ الفيلهارمونية في ألمانيا فاليري غيرغييف المقرب من الكرملين، فيما قررت السوبرانو آنا نتريبكو تعليق حفلاتها نظراً إلى حساسية وضعها.

Ad

وجاء قرار إقالة غيرغييف بعدما توالت في الأيام الأخيرة الإعلانات عن إلغاء حفلات لقائد الأوركسترا المخضرم البالغ 68 عاماً، الذي يُعتبر من بين الأكثر نشاطاً في مجاله حول العالم.

ووجهت أكثر من مؤسسة إليه إنذارات بعدما كان دعمه العلني لفلاديمير بوتين سبباً لانتقادات له منذ سنوات.

وأوضح رئيس بلدية ميونيخ الواقعة في مقاطعة بافاريا الألمانية ديتر ريتر في بيان أن ميونيخ تستغني عن قائد الأوركسترا الرئيسي فاليري غيرغييف.

وكان ريتر منح الجمعة الماضي غيرغييف حتى الاثنين لكي ينأى بنفسه بصورة واضحة وقاطعة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، غير أن قائد الأوركسترا لم يفعل.

وأدى امتناع غيرغييف عن اتخاذ أي موقف في هذا الشأن إلى إلغاء حفلة له أيضاً في مسرح لا سكالا بمدينة ميلانو الإيطالية كان من المقرر أن يحييها في 7 مارس الجاري، ويرجّح أن يطال الإلغاء حفلات أخرى هذا الشهر.

وكان المسرح الإيطالي المرموق حضّ غيرغييف عبثاً على المطالبة العلنية بحل سلمي للصراع.

وإضافة إلى نشاطه الرئيسي كقائد للأوركسترا الفيلهارمونية في ميونيخ، يتولى فاليري غيرغييف أيضاً منذ عام 2015 منصب المدير العام لمسرح مارينسكي في سان بطرسبرغ، مسقط الرئيس الروسي.

وأثار غيرغييف الجدل مرات عدة في العقد الأخير بفعل قربه من بوتين الذي يعرفه منذ عام 1992 وولائه له، وتصريحاته حول ضم شبه جزيرة القرم، ومشاركته في حفلات في أوسيتيا الجنوبية التي شهدت تدخلاً عسكرياً روسياً، أو في تدمر عام 2016 إلى جانب الجيش السوري.

ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس في باريس عام 2018، أشار غيرغييف إلى أنه لا يريد الحديث في السياسة، لكنه رحب بإعادة انتخاب بوتين لولاية جديدة، قائلاً إنه يلتقيه 5 إلى 6 مرات في السنة.

إلا أن مواقفه هذه لم تحُل حتى الآن دون إقامة حفلات موسيقية بقيادته، لكنّ رفضه التنصل من الغزو العسكري لأوكرانيا أدى إلى تغيير قواعد اللعبة.

ومن الجهات التي ألغت حفلات له أوركسترا باريس الفيلهارمونية ومهرجان لوسيرن السويسري ودار كارنيغي هول العريقة في نيويورك.

كذلك اضطر إلى الاستقالة من منصبيه كمدير موسيقي لأوركسترا مهرجان فيربييه في سويسرا ومهرجان إدنبره في اسكتلندا.

وأعلن مدير أعمال غيرغييف الفنية الألماني ماركوس فيلسنر، أنه قرر الكفّ عن تمثيله.

ولم يقتصر الأمر على المايسترو، بل شمل كذلك فنانين آخرين من روسيا، وسُجّل في هذا الإطار إلغاء أوبرا بافاريا ولا سكالا أمس، الحفلات المقررة للسوبرانو الروسية آنا نتريبكو.

وكان سفير أوكرانيا لدى ألمانيا أندريه ميلنيك دعا في وقت سابق عبر «تويتر»، إلى مقاطعة حفلة نتريبكو الأربعاء في دار إلبه الفيلهارمونية في هامبورغ.

وأدى ذلك إلى إرجاء الحفلة إلى سبتبمر 2022، لكنّ الجهة المنظمة ريفر كونسيرتس أصدرت بياناً باسم المغنية البالغة 50 عاماً أعلنت فيه صرف النظر عن إحياء الحفلات الموسيقية حتى إشعار آخر.

وأضافت «الوقت الراهن ليس مناسباً بالنسبة لي لإحياء الحفلات ولتقديم عروض موسيقية وآمل في أن يتفهم جمهوري هذا القرار».

ومع أن المغنية لم تجاهر بدعمها الرئيس الروسي، لكنها انتُقدت خصوصاً لزيارتها دونيتسك في شرق أوكرانيا في ديسمبر 2015 حيث التُقطت لها صور مع علم المتمردين الانفصاليين الموالين لروسيا.

وكانت نتريبكو أعلنت الأحد على «إنستغرام» أنها ضد هذه الحرب مع أوكرانيا، لكن من دون اتخاذ موقف ضد مسؤولي بلدها أو إظهار تضامنها الواضح مع الأوكرانيين.

ودافعت الفنانة عن نفسها قائلة من غير العدل إجبار الفنانين أو أي شخص آخر على التعبير عن آرائهم السياسية علناً والتنديد ببلدهم، «أنا لست شخصاً سياسياً، أنا لست خبيرةً في السياسة بل فنانة، وهدفي توحيد الناس بعيداً من الانقسامات السياسية».