نجحت الحكومة الأوكرانية في الضغط الذي مارسته خلال الأسبوع الماضي، على منصات التكنولوجيا الكبرى لإعادة التفكير في التعامل مع روسيا في ظل الهجوم واسع النطاق على كييف، لكنها تطالب حالياً بفصل موسكو عن شبكة الإنترنت العالمية، وهو ما يراه بعض الخبراء بأنها «فكرة محفوفة بالمخاطر».

واستجاب البعض لنداءات الحكومة الأوكرانية، فقللت شركات وسائل التواصل الاجتماعي من إمكانية وصول وسائل الإعلام الروسية المدعومة من الدولة ودعاياتها، فيما أعلنت شركة أبل توقفها عن بيع منتجاتها وفرضت قيوداً على استخدام خدمة Apple Pay في روسيا، في إطار العقوبات، وحجبت بعض تطبيقات مؤسسات الأخبار الروسية من App Store خارج روسيا.

Ad

وفي الأسبوع الماضي، طالب نائب رئيس الوزراء الأوكراني، ميخائيلو فيدوروف، شركة أبل بـ «عزل روسيا عن منتجاتها وخدماتها ومتجر التطبيقات»، وقال إنه «متأكد من أن مثل هذه الإجراءات ستحفز الشباب والمواطنين في روسيا على التحرك لوقف العدوان العسكري المشين ضد أوكرانيا».

كما قامت شركة غوغل أيضاً بإيقاف خدمات الاستعلام عن بيانات حركة المرور بخرائط غوغل في أوكرانيا.

لكن أوكرانيا الآن تضغط من أجل أمر أكثر دراماتيكية، قد تكون له تداعيات خطيرة، بحسب شبكة «سي أن أن».

فقد دعت الحكومة الأوكرانية، الاثنين، إلى قطع اتصال روسيا بالإنترنت العالمي، وأرسلت بالفعل خطاباً إلى «ايكان»، وهي منظمة دولية غير ربحية مقرها الولايات المتحدة تشرف على النظام العالمي لأسماء نطاقات الإنترنت وعناوين «أي بي».

وتعد «ايكان»، التي تمثل المؤسسة الدولية للأسماء والأرقام المخصصة، واحدة من العديد من المؤسسات العالمية التي تساعد على توجيه ومراقبة تطوير الإنترنت، وهي تعمل إلى حد كبير على أساس الإجماع، ولا يشمل أعضاؤها الحكومات فحسب، بل تشمل أيضاً مجموعات المجتمع المدني والخبراء الفنيين.

وفي حال الاستجابة لهذا الطلب الأوكراني وتنفيذه، فسيتم فصل روسيا فعلياً عن الإنترنت، حيث ستتوقف عناوين البريد الإلكتروني عن العمل ولن يتمكن مستخدمو الإنترنت من تسجيل الدخول، بحسب ما تنقل «سي أن أن» عن خبراء في الإنترنت.

لكن نفس الخبراء يشككون في تلبية طلب أوكرانيا في نهاية المطاف، لأنه سيشكل سابقة خطيرة، كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان «ايكان»، اتخاذ مثل هذا القرار حتى لو أراده البعض.

كما يُشير الخبراء إلى أن عزل روسيا عن بقية العالم الرقمي قد يعطي الكرملين ما يريده بالضبط، وهو أنه مواطنيه غير قادرين على الوصول إلى المعلومات الخارجية، مما يجعلهم تحت سيطرة ماكينة التضليل الإعلامي الداخلية.

وسبق أن سعت حكومات مثل الصين إلى عزل شعوبها عن العالم الرقمي الخارجي.

ويرى البعض أن الأمر سهل تطبيقه، ومنهم مالوري نودل، كبيرة مسؤولي التكنولوجيا في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة، حيث تشير إلى أن حذف عناوين «أي بي» الروسية، سيكون بمثابة إزالة المسمار الذي يحافظ على اللوحة معلقة على الحائط، ما سيؤدي إلى اختفاء المواقع الروسية من الإنترنت لعدم وجود مكان مخصص للبقاء فيها، حتى لو من خلال الهواتف الذكية.

لكن نودل ترى أن فكرة أوكرانيا «محفوفة بالمخاطر».

وقالت إن هذه الخطة في نفس الوقت ستكون ضارة بالروس الذين يعتمدون على هذه الميزات الأمنية من أجل سلامتهم، وخاصة المعارضين والمنشقين.

وأشارت إلى أن روسيا والصين تعملان بنشاط أيضاً على بناء نسخ محلية خاصة بهما من الإنترنت يمكن التحكم فيهما بسهولة أكبر، «وتنفيذ خطة قد تمنح روسيا ما تريده، وهو جمهور أكثر مرونة على الإنترنت، لا يستطيع الوصول إلى المعلومات الأجنبية».

وأضافت «تحاول روسيا منذ وقت طويل اكتشاف كيفية الانفصال عن شبكة الإنترنت العالمية وإنشاء نسختها الخاصة، وأحد الأشياء الرئيسية التي تقف في طريقها من القيام بذلك هو نظام أسماء النطاقات العالمي».