بعد صدمة العقوبات على روسيا.. هل يتجه العالم إلى الذهب؟
العقوبات أظهرت أن احتياطات العملة التي تراكمها البنوك المركزية للبلدان يمكن أن «تُسلب» في أي لحظة
أظهرت العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا، إثر غزوها أوكرانيا، أن مراكمة الأصول الأجنبية خارج البلاد «محفوف بالمخاطر»، الأمر الذي قد يعيد مع الحرب الروسية الحالية تشكيل الجغرافيا السياسية والاقتصادية للعالم، بحسب صحيفة وول ستريت جورنل الأميركية.وتشير الصحيفة في تقرير، الجمعة، إلى أن العقوبات أظهرت أن احتياطات العملة التي تراكمها البنوك المركزية للدول في الخارج يمكن أن «تُسلب» في أي لحظة.وبعد أن هاجمت موسكو جارتها كييف، جمد الغرب 630 مليار دولار من احتياطات البنك المركزي الروسي، وهي احتياطات من العملة يمتلكها البنك في الخارج.
وباسثتناء الذهب، الذي لا يشكل سوى 13 في المئة من الاحتياطات في العالم، فإن الاحتياطات من العملة الأجنبية في الخارج، يتحكم فيها شخص آخر، وفق تعبير الصحيفة، وقد يقرر في لحظة أنها لا تساوي شيئاً، كما يحدث الآن مع العقوبات المفروضة على روسيا.وتقول الصحيفة، إن ذلك تبين في حالة إيران، إذ أظهرت العقوبات على طهران أن واشنطن يمكنها اتخاذ إجراءات وفرض عقوبات على هذه الاحتياطات الإيرانية في الخارج.وجمد الغرب مخزون روسيا من النقد الأجنبي، ولكنه لم يمنع تدفق الدولار واليورو على البلاد جراء عدم حظره صادرات الغاز والنفط الروسيين، وتقدر مداخيل روسيا من ذلك بحوالي 20 مليار دولار شهرياً.ويؤدي منع البنوك الروسية الكبرى مثل «سبيربنك» من استخدام الدولار واستبعاد بنوك أخرى من نظام الرسائل «سويفت»، إلى غرق الاقتصاد الروسي في الفوضى.ورغم استمرار تدفق الدولار إلى روسيا، جراء إعفاء قطاع الطاقة من العقوبات، تبقى قيمته كمخزن عالمي للقيمة، مهددة بالتآكل بسبب حظر الصادرات الرئيسية إلى روسيا ومقاطعة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل «آبل» لروسيا، بحسب الصحيفة. وتشرح الصحيفة في تقريرها أنه إذ أصبحت أرصدة العملات الأجنبية مجرد أرقام في حاسوب لا قيمة لها ولا تضمن لروسيا شراء المواد الأساسية، فإنه من المنطقي أن موسكو ستتوقف عن تجميعها، وتشرع في تخزين ثروتها في براميل النفط بدل بيعها للغرب.وأمام هذه الحالة فإن روسيا، تقول الصحيفة، قد تحول أموالها إلى أصول ذهبية وصينية.وتستدرك الصحيفة أنه حتى العملة الصينية «رنمينبي» مهددة دائماً بالخطر بسبب الاعتبارات السياسية، على عكس الدولار.وتمتلك الصين نفسها احتياطيات من العملات بقيمة 3.3 تريليون دولار، وخلافاً لروسيا، فإنها لا تستطيع أن تحتفظ بها بشكل مفيد بالرنمينبي، وهي العملة التي تطبعها. وتخلص الصحيفة إلى أنه أمام هذا الوضع قد يعود المستثمرون لشراء الذهب، ومن المؤكد أن عديد من البنوك المركزية ستتجه لذلك.وفرضت الدول الغربية سلسلة عقوبات على روسيا تهدف إلى شل قطاعها المصرفي وعملتها الوطنية، بعد شنها هجوماً عسكرياً على أوكرانيا.وقضت العقوبات بصورة خاصة باستبعاد العديد من المصارف الروسية من نظام سويفت الذي يلعب دوراً مركزياً إذ يسهّل الحوالات بين المصارف العالمية.ويوصف هذا الإجراء بالتالي بأنه «سلاح ذري» على الصعيد المالي.وطالت العقوبات أثرياء روسيا بمن فيهم أصحاب النفوذ والمقربون من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومن يعرفون بـ «الأوليغارش»، وهي كلمة تشير إلى مجموعة من الروس الأثرياء الذين برزوا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991.وقال البيت الأبيض في بيان، الخميس، إن الإدارة الأميركية ستعمل مع الحلفاء والشركاء ليضمنوا مصادرة الممتلكات ضمن نطاق صلاحياتهم، والتي قد تتمثل بيخوتهم وشققهم الفاخرة وأموالهم وأي «غنائم حصّلوها بطرق غير مشروعة».