ماذا جرى في العالم والدولة بإجازة كاملة الدسم؟
في عام 1991 - بعد تحرير الكويت بأشهر- استقلت أوكرانيا، وأضحت دولة مستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي المكون من بلاروسيا وروسيا وأوكرانيا، وباستفتاء شعبي صوّت 90 في المئة من سكان أوكرانيا لاستقلال الدولة، وأياً كان تاريخها المعقد والمبتلى بالحروب والاحتلالات المتعاقبة وبنوعية التركيبة السكانية فإن الأغلبية بمختلف انتماءاتها العرقية والدينية توافقت على خلق الدولة الأمة، التي اكتمل شكلها كدولة قانون باعتراف المجتمع الدولي لها بعد أن كانت دولة واقع.هل هناك أي مبرر شرعي للغزو الروسي لهذه الدولة، وتشتيت السكان المسالمين وجعلهم لاجئين مشردين بدول الجوار؟... من الطبيعي أن تكون الإجابة بالنفي، لكن سياسياً الأمر مختلف، إذ يرى المفكر الكبير تشومسكي، مثلاً، أن تحريضاً أميركياً لأوكرانيا على الانضمام لحلف الناتو، حتى تكتمل حلقة الإغلاق على روسيا، من إستونيا وبولندا وهنغاريا وغيرها من الدول التي كانت تدور في الفلك السوفياتي، تحقيقاً لمبدأ كلينتون وبعده أوباما عام 2008، وهذا كله يعد خرقاً للتعهدات الأميركية والغربية لروسيا بعد أن وافقت الأخيرة على وحدة ألمانيا عام 1989 وما كانت تشكله هذه الدولة تاريخياً من خطر كبير على روسيا، كما تمثل، في الحربين الكونيتين، تشومسكي هنا يفسر ولا يبرر الغزو.وجهة نظر مغايرة تماماً لتشومسكي طرحها جدعون ريخمان الكاتب المتميز في جريدة الفايننشال تايمز، إذ يرى أن المسألة هنا مقلوبة، فلو كانت أوكرانيا منضمة فعلاً لـ "الناتو" لما حدث الغزو، بالعكس فمثل هذا الغزو الروسي حفّز دول مثل فنلندا والسويد على طلب الانضمام إلى الحلف، حتى لا يتم أكلهم من الأسد (بالأصح الدب الروسي) يوم أكل الثور الأبيض!
التحليلات الغاضبة على الغزو الروسي من وسائل الإعلام الغربية في أوجها اليوم، ووصلت بتوماس فريدمان الكاتب بـ "نيويورك تايمز" أن يعبر عن غضب الناس بأن صاحب خمارة في أستراليا سكب كل زجاجات الفودكا الروسية الفاخرة "ستولشينايا" في البالوعة، تضامناً مع الحصار الاقتصادي على روسيا، يا ترى كم فرداً بدولة الشاليهات النائمة والإجازات الممتدة تمنوا أن تكون أفواههم بالوعة صاحب البار، شر البلية ما يضحك. كيف ستنتهي مأساة أوكرانيا بعد أن ضرب الرئيس الأوكراني زيلينسكي مثالاً عظيماً للبطولة والصمود، وكان آخر ما قاله بعقل، لا أريد أن نكون 300 إسبارطياً، أريد السلام فقط؟الحل النهائي في رأس بوتين- وربما العم بايدن... مَنْ يدري؟ المؤكد أنه صراع استراتيجيات إمبرياليتين تدفع ثمنه الشعوب، هذا ما يقوله التاريخ.