في خضم انشغال العالم بالمواجهة العسكرية الدائرة بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من القوى الغربية، كشفت الصين، أمس، عن زيادة إنفاقها العسكري بشكل لافت، مؤكدة مواصلة سياستها بشأن جزيرة تايوان ذات الحكم الذاتي، والتي تعتبرها بكين جزءا من أراضيها وتتوعد بالسيطرة عليها ولو بالقوة.

وأعلنت وزارة المال الصينية زيادة الميزانية العسكرية بنسبة 7.1 في المئة للسنة الحالية، عند افتتاح الدورة السنوية العامة للجمعية الوطنية الشعبية (البرلمان)، وهي الأعلى منذ 2019.

Ad

ووضعت الخطوة، التي تتضمن تخصيص 230 مليار دولار، الصين بالمرتبة الثانية لأكبر ميزانية دفاعية في العالم بعد الولايات المتحدة التي رصدت نحو 740 مليار دولار لعام 2022.

وسجلت الزيادة اللافتة التي تتخطى بفارق كبير النمو المتوقع لإجمال الناتج المحلي الذي قرره رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ بنسبة 5.5 في المئة، في وقت يتصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة بشأن قضايا في مقدمتها تايوان والنفوذ ببحر الصين الجنوبي ومنطقة المحيط الهادئ.

ضم تايوان

في موازاة ذلك، تعهد تشيانغ، أمس، بـ «تعزيز النمو السلمي للعلاقات عبر مضيق تايوان وإعادة توحيد الصين»، وقال إن حكومته تعارض بشدة أي أنشطة انفصالية أو أي تدخل خارجي يرمي إلى استقلال الجزيرة المدعومة من القوى الغربية.

وفي حديثه في افتتاح الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، قال تشيانغ، إن بكين تتمسك بمبدأ «صين واحدة» الذي ينص على أن تايوان جزء من الصين.

وأضاف تشيانغ: «علينا جميعاً، نحن الصينيين على جانبي مضيق تايوان، أن نتّحد معاً لدفع القضية العظيمة والمجيدة لتجديد شباب الصين».

وتعهد بأن تحمي الحكومة سيادة البلاد وأمنها ومصالحها التنموية، مؤكدا أنها ستبني نظاماً حديثاً لإدارة الأسلحة والمعدات على جميع المستويات.

اتهام واشنطن

في غضون ذلك، رفضت بكين دعوة وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، حكومة بلاده للاعتراف باستقلال تايبيه، التي أطلقها خلال زيارة بدأها الأربعاء الماضي إلى تايوان، ووصفته بأنه «سياسي سابق أفلست مصداقيته».

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين خلال مؤتمر إن «أوهام وسخافة من هذا النوع من الأشخاص لن تسود أبداً».

وفي وقت سابق، أعلنت ‏الخارجية الصينية، أن «الولايات المتحدة تضخّم مرور سفنها الحربية عبر مضيق تايوان، والدعم الأميركي لتايوان سيكون عبثاً ولن يكون ذا جدوى».

وأضافت الخارجية: «إذا كانت واشنطن تقصد إرسال رسالة لدعم استقلال تايوان، فإن هذه التصرفات لن تؤدي إلا إلى تسريع انهيار قوى استقلال تايوان وستدفع الولايات المتحدة ثمناً باهظاً لأفعالها».

دعم الاستقلال

وفي وقت يستعد وفد أميركي بقيادة رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق الجنرال مايك مولين لزيارة تايوان، للقاء الرئيسة تساي إنغ ون ومسؤولين تايوانيين آخرين، لإظهار دعمهم لتايبيه، طالب وزير الخارجية الأميركي السابق خلال كلمة ألقاها في تايوان، أمس الأول، واشنطن بالاعتراف بالجزيرة «دولة حرة وذات سيادة».

وقال وزير الخارجية السابق، الذي وصل إلى الجزيرة الأربعاء الماضي، إن اجتياحاً صينياً لتايوان سيكون مرتبطًا بـ«رغبة الغرب في إظهار أن كلفة الانخراط في نشاط من هذا النوع سيكلّف الرئيس الصيني شي جينبينغ غالياً».

وفي خطاب آخر قبل ذلك، أوضح بومبيو أنه مع مواصلة واشنطن الحوار مع تايبيه، عاصمة تايوان، بصفتها «حكومة ذات سيادة، لم يعد ممكناً تجاهل أو تجنب منح تايوان اعترافاً دبلوماسياً أو التعامل معه على أنه أمر ثانوي».

وتابع: «يجب على شعب الولايات المتحدة وحكومتها ببساطة قبول هذا الشيء الصحيح بشكل أساسي والصائب أخلاقياً. هذا أمر سهل، يستحق شعب تايوان احترام العالم بأسره لاتباعه هذا المسار الحر والديموقراطي والسيادة».

وسلّمت رئيسة تايوان الحالية تساي إنغ وين، الخميس الماضي، ميدالية إلى بومبيو وأشادت به لأنه قام بتسهيل «العديد من الإجازات» في العلاقات بين تايوان والولايات المتحدة بما في ذلك رفع القيود المفروضة على الاتصالات الرسمية بين واشنطن والجزيرة.

وتنتمي تساي، التي فازت في الانتخابات مرتين، إلى حزب يؤيد تاريخياً الاستقلال، لكن يبقى موقفها أقل وضوحاً من الخطوة التي تحذر بكين من أنها قد تؤدي إلى نشوب حرب.

وترى تساي أنه ليس هناك حاجة لإعلان الاستقلال، مشيرة إلى أن تايوان «دولة تحظى بسيادة أساساً وتدعى جمهورية الصين».

مخاوف وخرق

وتأتي تلك التطورات في وقت يثير تعزيز بكين قواتها العسكرية مخاوف لدى الدول المجاورة في ظل عدم الشفافية حول ما تشمله ميزانية الدفاع الصينية.

وتطالب بكين بالسيادة على كامل بحر الصين الجنوبي في نزاع خصوصا مع فيتنام والفلبين، وبحر الصين الشرقي حيث تتنازع مع اليابان بشأن السيطرة على جزر سنكاكو، وفي الهملايا في نزاع مع الهند.

وفي هذا السياق، يواصل الجيش الصيني تحديث قواته سعياً لتخطي التفوق التكنولوجي الأميركي عليه.

وبحسب وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، فإن جيش التحرير الشعبي أطلق العام الماضي طائرة شراعية فرط صوتية قامت بدورة حول الأرض بسرعة تفوق ستة آلاف كلم في الساعة.

وذكر «البنتاغون» أن الطائرة أطلقت مقذوفا أثناء تحليقها، في تطور فاجأ الأميركيين على ما يبدو إذ لا تملك واشنطن حتى الآن هذا النوع من السلاح.

الى ذلك، أطلقت كوريا الشمالية أمس مقذوفا قالت سيول إنه «صاروخ بالستي»، وذلك قبل أربعة أيام من الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية.

وأكد وزير الدفاع الياباني نوبيو كيشي أن الصاروخ حلّق «على ارتفاع أقصى يبلغ حوالى 550 كيلومترا ولمسافة 300 كيلومتر تقريبا».

ووفقا للمحلّلين، فإن كوريا الشمالية تسعى للاستفادة من الغزو الروسي لأوكرانيا لإجراء اختبارات جديدة في حين تركز الولايات المتحدة اهتمامها على هذا الصراع.

وشرح الأستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية يانغ مو جين لوكالة فرانس برس «بهذه التجارب، يبدو أن كوريا الشمالية تريد القول إنها مختلفة عن أوكرانيا وتريد تذكير العالم بأن لديها أسلحتها النووية الخاصة».