• الرسالة الأولى:

استقالة وزيري الداخلية والدفاع احتوت على تعبيرات مهمة بل خطيرة، وخلصت إلى قناعة بعدم إمكانية الإصلاح، وأيضاً وصف وزير الدفاع ما تم في المجلس بأنه عبث ووصف الاستجوابات التي قدمت بأنها غير دستورية (وهو الذي بينته وشرحته في مقالاتي السابقة)، والمستغرب أن هذه الرسائل الخطيرة قابلتها الحكومة بإجراء سلبي، أي دون دفاع أو تبرير أو حتى وعود بتغيير أسلوب تعامل الحكومة مع المجلس، مما يعني أنها رسالة حكومية بالقبول باستمرار الأوضاع كما هي بين الحكومة والمجلس في القادم من الأيام، وأعتقد والله أعلم أن هذه الرسالة السلبية من الحكومة هي في غير مصلحتها ولا مصلحة البلد، وأن استمرار الأوضاع الحالية ليس في مصلحة الجميع.

Ad

• الرسالة الثانية:

وهي رسالة وزير المالية إلى مجلس الأمة بضرورة استعجال البتّ بقانون الدين العام يوم الاثنين قبل الماضي، حيث ذكر أن «جميع الحلول السهلة والمتاحة لتعزيز شح السيولة الذي تعانيه البلاد قد استنفدت»، وأن «الارتفاع النسبي والمرحلي للإيرادات النفطية لا يغطي التزامات الميزانية»، وأيضاً جاء في جواب وزير المالية على سؤال برلماني أن «النقص في السيولة في الخزينة الموحدة أدى إلى تأجيل دفعات مالية للجهات الحكومية بلغت 2.34 مليار دينار موزعة على 9 وزارات وجهات حكومية».

وجاء نشر هذه الرسالة وجواب وزير المالية متزامناً مع ما نشر في الصحف بأن الحكومة ستقر استبدال الإجازات في يوم الاثنين نفسه، أي أنها ستسمح للموظف ببيع رصيد إجازاته ببدل نقدي، ومن المعروف أن الإجازة مهمة للموظف لتجديد النشاط ولصفاء الذهن والعودة بحيوية وأفكار جديدة وهي إجبارية في بعض الدول، وبالتأكيد فإن هذه الإضافة الجديدة سيكون من الصعب على القطاع الخاص مجاراتها، لذلك سيزداد انتقال الكويتي من القطاع الخاص إلى العام وهذا على العكس تماماً من الخطة الخمسية للحكومة.

ولكن بالعودة الى تصريحات وزير المالية نقول للحكومة: الصراحة حيرتونا عندكم سيولة وإلا ما عندكم؟

الموضوع يحتاج رسالة توضيح صريحة من الحكومة.

• الرسالة الثالثة:

وهي بخصوص عربات الطرق التي تبيع بعض المواد الغدائية وألعاب الأطفال التي أقرتها إحدى الحكومات السابقة، وظهر الآن خطأ ذلك القرار بعد انتشارها بجانب الطرق السريعة في العطل الأسبوعية والأعياد بشكل فوضوي ودون نظافة كافية لأنها بدون حمامات، ويراها الجميع هذه الأيام وقد ألقت أكياس الفحم وبعض المواد الأخرى على الأرض، ويعمل عليها بعض العمالة الوافدة التي لا تشكل أي إضافة للبلاد غير العبء المالي والصحي.

المطلوب الآن من الجهات الحكومية المسؤولة عن هذه الظاهرة أن تعيد النظر في قرارها الذي أطلق رسالة غير صحية وغير حضارية ومخالفة لجميع توجهات الخطة الخمسية، أو أن تضع لها فوراً الضوابط والقيود والرقابة الصحية والحضارية.

• الرسالة الرابعة:

بصراحة كنت لا أفهم سبب رسالة الصمت الحكومية وقد يكون لها أسبابها، أما الآن فما عدت أجد لها العذر، فقد بلغت الإشاعات والأخبار الكاذبة التي تنشر يومياً حداً يكاد يصل إلى درجة التحريض على النظام والمخالفة للدستور ويثير الفوضى على الأوضاع المالية والمؤسسات الناجحة مثل التأمينات وصندوق التنمية وهيئة الاستثمار وبعض الجهات الحكومية وكثير من الأشخاص الأبرياء الذين يتهمون بأسمائهم وذممهم المالية بالنشر في وسائل التواصل بشكل يومي دون دفاع أو رد، فهل يحدث مثل هذا في السعودية أو في الإمارات؟

يجب أن تدافع الحكومة والوزارات الحكومية والعاملون فيها عن مؤسساتها وشخصياتها المعنوية أو أن تصرح بحقيقة ما ينشر عنها وعنهم عبر رسائل صريحة مؤيدة أو تصحيحية تأخذ طريقها للنشر على أوسع نطاق، أما السكوت فليس للحكومة عذر فيه، وسيؤدي إلى عواقب وخيمة وقد تكون الحكومة أولى ضحاياها.

• الرسالة الأخيرة:

وهي رسالة حمد وشكر لله تعالى على نعمة التحرير والأمن والأمان والحرية والمشاركة السياسية التي نتمتع بها في حبيبتنا الكويت، فقد حملت الأخبار المنشورة في عطلة يومي الوطني والتحرير مظاهر هذه النعمة، ففي هذه الأيام المباركة غادر الكويت للسياحة ربع مليون مسافر، وتم جمع أكثر من مليون دينار كويتي لمساعدة المحتاجين الأفغان، وأنفق الكويتيون 1.6 مليار دينار على السفر خلال 9 شهور، وأعلنت تركيا أن الكويتيين هم ثالث أكبر مشتر للعقارات في تركيا، وتم بإنجاز تاريخي إنهاء ملف التعويضات العراقية للكويت بسداد مبلغ 52 مليار دولار للشركات والأفراد، وهناك أخبار أخرى كثيرة لا يسعنا حصرها تمثل النعمة والسعادة التي تستحق منا الامتثال لقول الله تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ»، بينما نُشر في الأسبوع نفسه خبر نظر المحاكم الألمانية 42 حالة اعتداء جنسي لرجال دين على الأطفال في ميونخ.

الزبدة هي أن عندنا سلبيات وفسادا في بعض المؤسسات لكن عندنا أيضاً إيجابيات ونعمة وفضل من الله، وإن هذه الأخبار التي تمثل النعمة والفضل يجب أن يتأملها الذين يتضايقون ويسخطون ويتبرمون من كل شيء عندنا، ويعجبون ويمجّدون كل شيء في الغرب رغم ما فيه من سلبيات وجرائم، المهم الآن أن نستغل الإيجابيات لمكافحة السلبيات، والله الموفق.

أحمد يعقوب باقر