6/6: شاليه الفيحاء ونكد العيد
مرت الأعياد الوطنية بنا مخضبة بمرارة التراجع القائم وضبابية المستقبل.ولم يكد يوم العيد الوطني يغادر أهل الكويت، ومنهم صحبة طيبة اعتادت التجمع الأسبوعي، بضيافة أحد رموز المجتمع، وعناوين الكرم والطيبة والنقاء (العم فهد عبدالرحمن المعجل)، ومع إطلالة فجر يوم التحرير (٢٦ فبراير) محملاً بنسمات الربيع العطرة، وفي غفلة عما يخبئه القدر، اندلعت نيران حريق مدمر في المبنى الرئيسي (لشاليه الفيحاء العريق) الخاص بالعم (فهد المعجل) لتختلط حمم اللهب العاتية وحمرتها القاسية مع خيوط الصباح الأولى، فتحيل سماءه نهاراً كالحاً مكتسياً بالدخان المدلهم والمتوعد بالأذى، والعياذ بالله، وانطلقت صيحات البحث عن الأحياء من الأصدقاء السبعة المستسلمين لنوم هادئ ينتظر الصبح المقبل ببراءة وطمأنينة حتى اقتحمهم جبروت النار الهادرة، وحممها التي يصدق فيها قول المولى تعالى: "إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ". مضت اللحظات ثقيلة كالدهر لتعلن بجهود الأصدقاء، وعمالة الشاليه، ورجال الإطفاء الأبطال، نجاة العم (بوفيصل المعجل) مع خمسة من رفاقه، بحمدالله، وكنت أحدهم، عدا أخانا السابع (المرحوم عبدالعزيز ناصر الفوزان)، الذي قضى نحبه اختناقاً بدخان لم يرحمه، ونيران لم تمهله، فأسلم الروح لبارئها، ونحتسبه عند الله من الشهداء، بعد أن أمضى حياة هادئة مسالمة، وعانى في نهاياتها أسقاماً عديدة سببت له الكثير من الأوجاع، لكنه واجهها بالصبر والتشبث بالحياة والسعي للتصالح مع نفسه والآخرين غير عالم بما تخبئ له الأقدار.
وهكذا اكتوت لحظات عيد التحرير بنيران الحريق الغادر، مرددين فيها (عيد بأية حال عدت يا عيدُ)، ولتدمي قلوب أصحاب المرحوم (بوناصر) وعلى رأسهم العم (فهد المعجل)، مثلما فجعت أفئدة أهله وذويه، ولكنها إرادة الله التي لا راد لها وإليه المعاد، وصدقت في تلك الليلة المشؤومة أبيات بن عبدون: فلا تغرنّك من دنياك نومتُها... فما صناعةُ عينيها سِوى السَّهرتسر بالشّيء لكن كي تَغُرَّ به... كالأيْمِ ثَار إلى الجانِي من الزَّهرنكرر التعازي لذوي وأصحاب المرحوم عبدالعزيز الفوزان، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة، ونحمد الله على سلامة الأخوة الناجين، وعلى رأسهم العم (فهد المعجل)، سائلين الله له العافية وطول العمر.وكل الامتنان لمن تواصل معزياً ومواسياً بالحدث، ومهنئاً بالسلامة، ولا أراكم الله مكروهاً.