لبنان: حرب أوكرانيا قد تفرض تأجيلاً تقنياً للانتخابات

تزايد ملحوظ للتحركات الشعبية في البيئة الشيعية المعارضة لـ «حزب الله»

نشر في 08-03-2022
آخر تحديث 08-03-2022 | 00:04
جانب من مهرجان زامبو التقليدي في مدينة طرابلس (د ب أ)
جانب من مهرجان زامبو التقليدي في مدينة طرابلس (د ب أ)
بدأت تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية ترخي بظلالها على الواقع اللبناني، وأصبح لبنان معيشياً كأنه في قلب الصراع، نتيجة تأثره الكبير، فعلى الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط مسألة عالمية، فإن انعكاسه على لبنان سيكون بالغ الخطورة، خصوصا أنه سيؤثر على كل القطاعات الحيوية. لكن الأزمة لا تقتصر على المحروقات فقط، بل على مواد أساسية يستوردها لبنان من أوكرانيا، كالزيت النباتي والطحين، وبالتالي فإن الأثر السلبي سيطول كل القطاعات، وخصوصاً ما يتعلق بالأمور المعيشية والاقتصادية، كل ذلك وسط انعدام القدرة على توفير مخزون استراتيجي بسبب فقدان الدولار، إضافة إلى فقدان مواد أساسية وضرورية.

وبحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن مخاطر التداعيات ستنعكس على الوقائع اللبنانية في المرحلة المقبلة، وقد يكون لها تداعيات أمنية وسياسية، وربما تطول الانتخابات النيابية التي يتم في بعض الكواليس السياسية بحث تأجيلها تقنياً لبضعة أشهر.

في خضم هذه الأزمة التي تعصف بالواقع اللبناني، لا تزال القوى اللبنانية تتصارع فيما بينها على ملفات متعددة، إذ يسلك رئيس الجمهورية ميشال عون بالتعاون مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي طريقاً سابقاً للوقائع التي فرضتها 17 تشرين، وكل المشاريع التي توقفت بفعل الثورة والاحتجاجات يعود العمل على استئناف إقرارها، كخطة الكهرباء، ورفع تعرفة الاتصالات، إضافة إلى الارتفاع الكبير بأسعار المحروقات وإعادة التفاوض مع البنك الدولي حول إنشاء سد بسري مجدداً. يحصل كل ذلك ولا بوادر احتجاجية في الشارع، فيما اللبنانيون يتحضرون لخوض الانتخابات النيابية.

انتخابات ينظر البعض إليها على أنها محطة مفصلية، لكن بحسب التقديرات ودراسات متعددة لن يكون هناك تغيير كبير في نتائج الانتخابات ولا تغيير في موازين القوى، خاصة أن حزب الله يسعى إلى إعادة إنتاج أكثرية نيابية موالية له من خلال التحالفات التي يسعى إلى نسجها بين حلفائه، فيما خصومه يعيشون حالة ضياع كبرى، لا سيما على الساحة السنيّة التي لم تحسم حتى الآن خياراتها على مسافة أيام قليلة من انتهاء موعد تقديم طلبات الترشيح. من جهة أخرى يدور حديث في الكواليس حول احتمال اللجوء إلى تأجيل الانتخابات، إما بذريعة الحاجة إلى الوقت لإنشاء مراكز للتصويت للبنانيين في أماكن سكنهم، وإما بسبب الوقائع المعيشية والاقتصادية السيئة جداً، التي بدأت تنعكس انقطاعاً شبه دائم في الكهرباء وفي اشتراكات المولّدات، وأزمة الإنترنت والاتصالات التي لا بدّ من رفع تعرفة أسعارها بشكل كبير جداً، وتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية التي ستترك آثاراً كبيرة، وبحسب ما تفيد المعطيات، فإن البحث حول تأجيل الانتخابات ينطلق من مبدأ التأجيل التقني لـ 4 أشهر مثلاً بشكل يصبح فيه الاستحقاق الإنتخابي متزامناً مع استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، فيتم البحث عن تسوية شاملة. لكن نتيجة هذه المساعي غير محسومة حتى الآن.

ولا يزال مسار التحالفات الانتخابية مستمراً، خصوصاً بين حزب الله وحلفائه، إذ يصر الحزب على الفوز بالأكثرية النيابية من خلال ترتيب التحالفات، وعلى الرغم من الاختلاف القائم بين الحزب ورئيس الجمهورية ميشال عون حول «إنشاء ميغاسنتر»، وحول خطة الكهرباء، وملف ترسيم الحدود، فإن التفاهم الانتخابي قائم بينهما، في وقت تتزايد التحركات الشعبية في البيئة الشيعية المعارضة، من خلال لقاءات وتجمعات يتم الإعلان عنها يومياً، سواء في الجنوب أو في البقاع، وتسعى هذه التجمعات إلى تشكيل لوائح معارضة للوائح حزب الله الانتخابية، وحتى لو لم تنجح هذه اللوائح في تسجيل اختراقات فعلية بإيصال مرشحيها إلى البرلمان، إلا أن المؤشر الأساسي لذلك سيكون مرتبطاً بنسبة المشاركة في العملية الانتخابية، وبنسبة التصويت أيضاً التي ستحصل عليها المجموعات المعارضة، ولذلك فإن حزب الله لا يريد تطبيق إنشاء الميغاسنتر، لأنه يعتبر أن الكثير من أبناء الطائفة الشيعية المعارضين له سيتحمسون للتصويت في أماكن سكنهم بشكل لا يكون هو قادراً على التأثير عليهم.

منير الربيع

back to top