أبرز رد فعل رسمي على الخطوة الروسية التي وصفت بأنها عقبة قد تنسف الجهود الرامية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مقابل رفع العقوبات الأميركية، صرح المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية سعيد خطيب زادة بأن بلاده «ننتظر الاستماع إلى تفاصيل عبر القنوات الدبلوماسية» بشأن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التي ربطت نجاح مفاوضات فيينا الدائرة حالياً بين طهران والقوى الكبرى بمنح بلاده «ضمانات أميركية مكتوبة» بأن سيل العقوبات الغربية على موسكو لن يؤثر على حقها في التعاون مع طهران.

وقال زادة، في تصريحات أمس، إن موسكو لعبت حتى اليوم «دوراً بناءً» في المفاوضات. وأضاف أن المفاوضين الإيرانيين يعملون وفق المصالح الإيرانية خلال مفاوضات فيينا، لافتاً إلى أن العقوبات على روسيا ينبغي ألا تؤثر على التعاون بين طهران وموسكو، ومؤكدا أن بلاده سعت لـ «تحييد مفاوضات فيينا خلال الشهور الـ11 الماضية، بعيداً عن ملفات دولية أخرى». في موازاة ذلك، شدد وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، خلال جلسة بالبرلمان لمناقشة «تطورات أوكرانيا» و«مباحثات فيينا»، على أن طهران «لن تسمح لأي عنصر خارجي بالمساس بمصالحها في المحادثات الجارية في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني» ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بعد انسحابه من الصفقة الدولية عام 2018.

Ad

وعلّق شمخاني على تصريحات لافروف قائلاً إن «الأفعال الإيجابية والسلبية للدول المشاركة في مفاوضات فيينا تهدف إلى تحقيق مصالحها، وهذا أمر مفهوم»، مؤكداً عبر «تويتر» أن «تأمين مصالح الشعب الإيراني هو العامل المؤثر الوحيد في تعاملنا مع مجموعة «4+1»، التي تضم روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى ألمانيا.

وفي محاولة على ما يبدو لقطع الطريق أمام احتمال لجوء موسكو لعرقلة التوصل إلى اتفاق نووي يسمح للنفط الإيراني بالتدفق إلى السوق العالمي لسد حاجة القوى الغربية التي تدرس الاستغناء عن «المحروقات الروسية»، لفت شمخاني إلى أن بلاده تبحث «تقييم العوامل المؤثرة الجديدة على المفاوضات، واتخاذ ابتكارات تفاوضية لتسريع الوصول إلى النتيجة». لكنه كرر حديثه عن أن آفاق التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا «مازالت غير واضحة، بسبب تأخر واشنطن في اتخاذ قرار سياسي».

وأضاف شمخاني أن «أولوية المفاوضين الإيرانيين حلّ المواضيع المتبقية التي تندرج ضمن الخطوط الحمر الإيرانية»، مؤكداً أن «التوصل السريع إلى اتفاق قوي بحاجة إلى مقترحات جديدة من جميع الأطراف».

تعهّد روسي

في المقابل، تعهد السفير الروسي في طهران بتقديم التفسيرات التي طلبتها الجمهورية الإسلامية حول تصريحات لافروف، التي أدلى بها أمس الأول.

جاء ذلك بعد أن قال كبير المفاوضين الروس في فيينا، ميخائيل أوليانوف، لدى سؤاله عن موقف موسكو أمس: «أعتقد أن الأمر ليس للتداول مع الصحافيين في هذه المرحلة... أعتذر لقول ذلك».

رفض وتقليل

وأمس الأول، رفض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من موسكو الضمانات التي طلبتها، لكنّه قلل في الوقت نفسه من أهميتها.

وقال بلينكن عبر شبكة «سي بي إس» إن العقوبات المفروضة على روسيا رداً على حربها بأوكرانيا «لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني. لا رابط بين المسألتين بأي شكل من الأشكال، لذا أعتقد بأن المطالب الروسية خارج السياق».

تحذير فرنسي

ورغم محاولة بلينكن التقليل من قدرة موسكو على إجهاض التفاهم المتبلور في فيينا بين طهران والأطراف الكبرى، حذرت فرنسا روسيا من اللجوء إلى الابتزاز في المباحثات الرامية لإعادة القيود على برنامج طهران الذرّي.

وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية، ليل الأحد ـ الاثنين، إن الدبلوماسيين يميلون إلى التعامل مع كل قضية حسب أهميتها دون خلط القضايا، مضيفا «لأن ما هو خلاف ذلك في الواقع ابتزاز لا دبلوماسية».

وحث المسؤول الفرنسي «الكرملين» على تقييم ما هو على المحك في فيينا «وهو عودة إيران إلى احترام التزاماتها» بموجب الاتفاق النووي.

يأتي ذلك في وقت يؤكد مسؤولون غربيون أن هناك اهتماماً مشتركاً بتحاشي نشوب أزمة على صعيد الانتشار النووي، وأنهم يحاولون التأكد مما إذا كانت مطالب روسيا متعلقة فقط بالتزاماتها بالاتفاق النووي الإيراني. وأشاروا إلى أن ذلك قد يكون ممكناً، لكن ما هو أبعد من ذلك سيشكل معضلة.

وكان لافروف قد قال، أمس الأول، إن «هناك مشكلات لدى الجانب الروسي بشأن الدور الذي تؤديه موسكو بالمنشآت النووية الإيرانية». وأضاف لافروف: «طلبنا من زملائنا الأميركيين تقديم ضمانات مكتوبة بأنّ العقوبات الجديدة لن تؤثر على حقنا في التعاون الحر والكامل، التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري، مع إيران».

تبادل السجناء

وفي خطوة موازية لمعالجة المخاوف بشأن برنامج إيران النووي، أفاد المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية بأن مباحثات تبادل السجناء مع الولايات المتحدة شهدت تقدماً.

وأعرب زادة عن أمله بأن تلتزم واشنطن بتنفيذ التفاهمات بهذا الخصوص حتى يتسنى «غلق هذا الملف الإنساني الذي كان من ضمن أولوياتنا».

وفي الوقت نفسه، جدد المتحدث رفض بلاده للتفاوض المباشر مع واشنطن. وقال إن «مطلب واشنطن بالتفاوض المباشر مع طهران لا يحقق معانيه ما لم تغيّر الإدارة الأميركية سلوكها».

وأكد أن حل النقاط المتبقية من أجل التوصل إلى اتفاق نووي يحتاج إلى قرار من إدارة الرئيس جو بايدن، فيما نقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين أن هناك على الأقل قضيتين أساسيتين لم تتم تسويتهما بعد بين طهران وواشنطن ومنهما مدى رفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية.

وذكر 3 دبلوماسيين أن المفاوضين الأوروبيين تركوا المحادثات في فيينا مؤقتاً، إذ يعتقدون أنهم فعلوا ما بوسعهم، والأمر الآن يعود للطرفين الرئيسيين للاتفاق.