أحمد الخطيب سيزيف الكويت
توفي د. أحمد الخطيب أحد أهم رموز النضال الوطني وحماية الدستور الذي أضحى مجرد أوراق شكلية تُستكمَل بها صورة خادعة للدولة منذ منتصف الستينيات، أي منذ وفاة الأمير عبدالله السالم وإلى يومٍ غير معلوم ما دامت السلطة هي ذاتها الموميائية التي كانت وما زالت ترى في الدستور والحياة شبه الديموقراطية خطأً تاريخياً ارتكبه عبدالله السالم.الراحل د. الخطيب- ومعه رفاق رحلوا قبله كجاسم القطامي وسامي المنيس- ظل عقوداً طويلة سيزيفاً نضالياً (نسبة لأسطورة سيزيف اليونانية) يدفع الصخرة إلى قمة الجبل كي تعود وتتدحرج من جديد، لكن هنا يجب قراءة سيزيف الخطيب بمنظار الأديب ألبير كامو، كنموذج للإصرار والعزيمة الثابتة على الوصول إلى القمة، أي تحقيق الحريات الدستورية للمواطنين، لا بمنظار اليأس وعدم الجدوى من المحاولات غير المجدية.ظل الخطيب شوكة في بلاعيم المتفردين بالسلطة المتخشبة، لم يستطيعوا احتواءه، أو "تضبيط أمره" بالمال السياسي وعروض السخاء بالمناصب العالية، تطبيقاً لسياسة شراء الولاءات السرطانية بجهاز الدولة.
قراءة سريعة لسيرته الذاتية التي نشرها قبل سنوات نجد أنه جادل وتحدى "أكبرها وأسمنها" منذ بداية عمله طبيباً في إدارة الصحة العامة، واستمر ثابتاً على نهجه سواء خلال عمله في البرلمان أو خارجه.رحل الخطيب تاركاً لنا إرثاً كبيراً يسلط نوراً باهراً للذين لم يفقدوا الأمل في التغيير نحو التقدم والإصلاح، ولدينا العديد منهم، ورغم أكوام عالية من الجهل واللامبالاة التي قُيدوا بها، يبقى الرجاء أنهم سيصلون يوماً بالوطن إلى قمة الجبل لتستقر الصخرة فوقه وعلى صدور كل رموز الخيبة.