على وقع الأزمات المعيشية التي تهدد الأمن الاجتماعي، وشدّة التأثر اللبناني بتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، تزداد المعركة الانتخابية في لبنان حماوة. تتكثف اللقاءات السرية والعلنية، وتشهد الكواليس حركة استثنائية دفعت بشخصيات سياسية متنوعة ومن توجهات سياسية متعددة لكنها تلتقي استراتيجياً الى اختيار العاصمة الفرنسية باريس لعقد سلسلة لقاءات بحثاً عن توافق وتنسيق انتخابيين.
أما في الداخل، فإن الحركة الانتخابية في طور التزايد ايضاً، وسط محاولات لجعل العنوان الانتخابي سياسياً منقسماً إلى قسمين، قسم من مؤيدي حزب الله ومشروعه، وقسم آخر من المعارضين، وهنا لا يمكن استثناء التجمعات المعارضة في البيئة الشيعية، التي تسعى إلى تجميع قواها وإطلاق تحركاتها تحضيراً للمشاركة في الانتخابات. تكاد هذه الانتخابات التي تكثر فيها التحركات الاحتجاجية في البيئة الشيعية، استمراراً لـ «ثورة 17 تشرين» وما أفرزته في الجنوب وتحديداً في النبطية وصور، وفي البقاع لا سيما بعلبك الهرمل، حيث يتم الإعلان يومياً عن ترشيحات ولقاءات بهدف خوض المعركة الانتخابية. مجموعات مدنية، أبناء العشائر، وحتى مناصرين لحزب الله لديهم احتجاجاتهم على قراراته السياسية ويطمحون للتغيير يجدون أنفسهم في حالة التقاء مع المعارضين ليس بالضرورة على المبدأ الاستراتيجي والسياسة العامة إنما على الواقع الداخلي وانعكاساته المعيشية والاقتصادية والاجتماعية. في الجنوب أطلق قبل أيام تحرك الجنوب معاً، وفي البقاع تلتقي عشائر مع مجموعات سياسية تسعى إلى تشكيل لوائح والتحالف مع جهات معارضة للحزب. هنا سيسعى حزب الله إلى تقويض كل هذه التحركات من خلال رفع منسوب خطابه التعبوي أولاً لجهة الموقف من إسرائيل وتصديه للتهديدات والتركيز على عمله المقاوم وإبراز قدرته العسكرية، وثانياً لجهة اتهام الآخرين بأنه قد غُرر بهم أو أنهم يستخدمون من جهات داخلية وخارجية لاستهداف الحزب ومشروعه.تكاد هذه الانتخابات الأولى من نوعها التي تشهد هذا الكم من التكتلات المعارضة للحزب في البيئة الشيعية، وفيما يسعى الحزب إلى منع حصول أي خرق للوائحه، إلا أن نسبة المشاركة والأصوات التي سيحصل عليها المعارضون ستكون لها إشارات واضحة حول وجود جهات لا تؤيد الحزب ومشروعه، بالتالي لا يمكن له اخترال الشيعة بالمعنى الشعبي بغض النظر عن فوزه بالمعنى القانوني والدستوري.في المقابل أيضاً، فإن كل القوى السياسية المعارضة للحزب تسعى إلى التكتل مع بعضها البعض، وفي هذا السياق تشير مصادر سياسية متابعة إلى أن الرئيس فؤاد السنيورة الذي يسعى الى تشكيل جبهة سياسية وطنية عابرة للطوائف من خلال إعادة إحياء مفهوم تحالف «قوى 14 آذار»، ويكون السنة جزءاً لا يتجزأ من هذه الجبهة بعد إصراره على عدم مقاطعة الانتخابات. وتضيف المصادر أن السنيورة غادر في اليومين الماضيين إلى باريس والتي شهدت ايضاً زيارات لشخصيات معارضة لحزب الله كفارس سعيد أمين عام «قوى 14 آذار» سابقاً، ومروان حمادة ممثلاً لوليد جنبلاط، وأشرف ريفي، وعقدوا لقاءات مع شخصيات لبنانية للبحث في كيفية نسج التحالفات والبحث عن الدعم الشعبي للمغتربين اللبنانيين والدعم العربي أيضاً، وتضيف المعلومات أن شخصية من حزب القوات اللبنانية كانت موجودة في باريس أيضاً حيث عقدت لقاءات تنسيقية. ويفترض باليومين المقبلين أن تتبلور نتيجة الاجتماعات وكيف ستنعكس على التحالفات.في موازاة هذه الحركة الانتخابية المكثفة، لا تزال الكواليس اللبنانية تضج باحتمالات متعددة لتأجيل الاستحقاق، وهذا الكلام الذي كان قد كشفته «الجريدة» قبل يومين بدأ بالتداول أكثر كما بدأ بالظهور إلى العلن من مصادر متعددة تبدي خشيتها على الاستحقاق الانتخابي انطلاقاً من ذريعة إنشاء مراكز «ميغاسنتر»، فيما الغاية الأبعد تتعلق بانتظار تطورات وضع المنطقة في سبيل إبرام تسوية جديدة تشمل الانتخابات النيابية والرئاسية وتشكيل الحكومة وغيرها.
دوليات
لبنان: لقاءات باريسية لتنسيق المعركة الانتخابية ضد حزب الله
09-03-2022