«اتفاق إيران» بين المطرقة الأميركية والسندان الروسي

• باقري كني يعود إلى طهران للتشاور
• «الحرس الثوري» يطلق قمراً عسكرياً جديداً
• بلينكن: موسكو لها مصلحة في ضمان عدم قدرة الإيرانيين على امتلاك سلاح نووي

نشر في 09-03-2022
آخر تحديث 09-03-2022 | 00:06
رجال ينتظرون بالصف خارج السفارة الإيرانية في كابول للحصول على تأشيرة للسفر إلى طهران (أ ف ب )
رجال ينتظرون بالصف خارج السفارة الإيرانية في كابول للحصول على تأشيرة للسفر إلى طهران (أ ف ب )
علقت السلطات الإيرانية، بعد توصلها لتفاهم مع القوى الكبرى في فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية، بالصراع الدائر بين الولايات المتحدة وروسيا، التي أظهرت موقفاً سياسياً يبدو أنه يرمي لتعطيل إبرام الاتفاق حالياً بهدف عرقلة تحركات البيت الأبيض الساعي لحظر صادراتها من النفط واستبدالها بمصادر أخرى في مقدمتها محروقات طهران.
غداة تأكيد البيت الأبيض الإعراب عن اعتقاد الإدارة الأميركية بأن التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي في إطار مباحثات فيينا بين مجموعة «4+1» وإيران بات قريباً، أكد مصدر مقرب من الوفد الإيراني في المباحثات الذرية لـ«الجريدة» أن سبب عودة كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني إلى طهران يعود إلى وقوع الوفد، المخول بتوقيع التفاهم النهائي مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية، في حيرة شديدة بشأن القرار الذي يجب أن يتخذه حالياً بعد أن «خلط الروس والصينيين كل الأوراق في اللحظات الأخيرة قبل الاتفاق النهائي».

وأضاف المصدر، أنه بعد عودة باقري كني طلبت السلطات من عدد آخر من أعضاء الوفد القدوم إلى طهران للتشاور حول المستجدات.

وأوضح أن كل شيء كان جاهزاً للتوقيع خلال اليومين الماضيين، الاثنين والثلاثاء، حتى أن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان كان قد ألغى كل برامجه كي يتوجه إلى فيينا للتوقيع على الاتفاق لكن مقترحاً أميركياً أوروبياً يؤمن الضمانات فقط للشركات الغربية بشأن العقوبات أثار حفيظة ورفض موسكو وبكين والجانب الإيراني «مما عرقل الخطوة».

عرض غربي

وتابع المصدر أن الأوروبيين والأميركيين قدموا عروضاً مغرية جداً للوفد الإيراني في فيينا، لم تكن طهران تتصورها لو لم يحدث الهجوم الروسي على أوكرانيا، وأكدوا للإيرانيين أنهم يجب أن يقرروا أي جهة يريدون أن يكونوا معها.

ولفت إلى أن العروض الغربية تضمنت رفع العقوبات المتفق عليها في الاتفاق النووي، المبرم عام 2015، بشكل كامل إضافة إلى غض النظر عن تنفيذ باقي العقوبات المفروضة على إيران لأسباب أخرى مقابل ابتعاد الجمهورية الإسلامية عن روسيا والصين وإيجاد تغيير جذري في سياساتها الخارجية وتحالفاتها.

وبين أن الأوروبيين وعدوا الإيرانيين بأنه إذا تغيرت سياسة طهران الخارجية فإنهم وبالتعاون مع الأميركيين مستعدون أن يفتحوا صفحة جديدة تعيد الجمهورية الإسلامية إلى المجتمع الدولي كما كان الأمر سابقاً.

وزعم المصدر أن الأوروبيين عرضوا على إيران أن تتسلم شركاتهم كل مشاريع استخراج الغاز والنفط الإيراني ووصلها بخطين أحدهما خط تركيا إلى أوروبا، وثانيهما الخط الذي يصل النفط العراقي إلى سورية ثم مدينة طرابلس اللبنانية شرط أن تقوم طهران وحلفاؤها بتأمين الخط.

وأشار إلى مطالبة القوى الغربية لإيران بتسريع حل خلافاتها مع الدول الخليجية وعرضهم التعاون مع الأميركيين بهدف إقناع السعودية بوضع خلافاتها مع طهران جانباً والتعاون لوصل خطوط الغاز والنفط الخليجية بخطوط الغاز والنفط الموجودة في إيران والعراق لتسهيل وتسريع نقل الطاقة إلى أوروبا التي تسعى للتحرر من اعتمادها على المحروقات الروسية.

تلكؤ وغضب

وأوضح أن تلكؤ رئيس الوفد الإيراني وتأكيده أن بلاده ستدرس العرض الأوروبي تسبب في إغضاب الجانب الروسي والصيني حيث اعتبر الروس والصينيون أن طهران «كشفت ظهرهم في أول فرصة أتيحت لها» ووصل بهم الأمر إلى حد التهديد بتفعيل «بند الزناد» لإعادة العقوبات الدولية على إيران بموجب الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.

في المقابل، شددت الدول الأوروبية والجانب الأميركي الذي يشارك بمفاوضات فيينا بشكل غير مباشر، على أنهم سوف يقفون بوجه التهديدات الروسية ضد إيران «إذا ما استجابت».

وحسب المصدر، فإن باقري كني، الذي أصيب بالارتباك «جراء سخاء العرض الغربي» وتعارضه مع مواقف بلاده التقليدية تجاه موسكو، فضل العودة إلى طهران لاستشارة المرشد الأعلى علي خامنئي لتفادي اعتراض اتصالاته.

في غضون ذلك، جدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تأكيده على أن «الحكومة تواصل المفاوضات النووية بما يتفق تماماً مع المبادئ والإطار الذي حدده المرشد الأعلى، وأنها لم ولن تتراجع عن أي من هذه الخطوط الحمراء».

قطع طريق

جاء ذلك في وقت وضعت مطالبة روسيا بـ«ضمانات أميركية مكتوبة»، حول عدم تأثير سيل العقوبات الذي يستهدفها، جراء غزو أوكرانيا، على أنشطتها في إيران، مباحثات فيينا، التي وصلت لـ «الأمتار الأخيرة» قبل ساعات من بدء الحرب، بـ «مهب الريح» وباتت السلطات الإيرانية بموضع العالق بين السندان الروسي والمطرقة الأميركية.

في السياق، رأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارة لإستونيا أن روسيا لها مصلحة ذاتية في منع إيران من حيازة أسلحة نووية.

وأضاف بلينكن: «نواصل العمل لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا العودة إلى الامتثال المتبادل مع إيران للاتفاق النووي. تواصل روسيا مشاركتها في تلك الجهود ولها مصلحتها الخاصة في ضمان عدم قدرة إيران على امتلاك سلاح نووي».

ويشير خبراء إلى أن وضع موسكو لـ«حجر عثرة»، يعطل إبرام «الاتفاق النووي» الذي سترفع بموجبه القيود على بيع نحو 4 ملايين برميل من النفط الإيراني، من رغبتها في قطع طريق إدارة الرئيس جو بايدن الساعي إلى «ايجاد بدائل» تتيح له فرض حظر على «المحروقات الروسية» مع منع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية التي تشهد بالفعل زيادات حادة.

قمر وصاروخ

إلى ذلك، أعلن «الحرس الثوري» الإيراني وضع قمر اصطناعي عسكري جديد في المدار، في خطوة ترتبط ببرنامج الفضاء الإيراني، الذي سبق أن أثار انتقادات غربية واتهامات بالسعي لتطوير برنامج التسلح البالستي.

وأوضح أن «القمر الاصطناعي العسكري الثاني، «نور 2»، تم إطلاقه إلى الفضاء عبر الصاروخ الناقل للأقمار الاصطناعية «قاصد» من القوة الجوفضائية، ووضع بنجاح في المدار على ارتفاع 500 كلم». وهذه هي المرة الثانية التي يعلن فيها «الحرس» نجاحه في إطلاق قمر اصطناعي، بعدما أفاد في 2020 عن وضع «نور 1» في المدار، مؤكداً أنه «أول قمر» إيراني من هذا النوع.

طهران - فرزاد قاسمي

back to top