ملهاة الدولة لا تنتهي
الأمل - وهو أمل بلا معنى - أن يرحل وزير الأشغال بطرح الثقة فيه، فحكاية المواطن "الفهلوي" الذي حصل على 12 قطعة زراعية في شهر واحد تكفي لإزاحة هذا الوزير، فهي تمّت في عهده وبواسطة جماعة أو شخص في هيئة الزراعة لا يتزحزح من مكانه، وسلطاته وقوته في تمشية أمور الأسياد يستمدها من أحد أرباب السلطة الكبار، فهذا يوزع طلبات فرز القسائم حسب رغبات أصحاب المحسوبيات والمقربين للكبار، والوزير - ربما لا يكون راضياً في قرارة نفسه - لكنّه في النهاية لا يهشّ ولا ينشّ، وطلبات الكبار دائماً مستجابة.أما أن نقول إن هذا أمل بلا معنى، فالأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام في اليومين الماضيين تؤكد بيقين أنه لا جدوى من الحلم بالإصلاح والقضاء على الفساد، فليست هي مسألة وزير أو قيادي يذهب ويأتي غيره، فالعُقدة غير القابلة للحل تكمن فيمَن ينتقى هؤلاء، وكيف يتم ترشيحهم لمناصبهم على مسرح العرائس الكويتي، فمصنع الفشل الدائم المتجسد بهذه السلطة المشيخية ثابت مستقر في مكانه وزمانه، ولا أمل في إصلاحه، فالفساد هيكلي وضارب في أعماق الدولة ومؤسساتها الفاقدة لاستقلالها وحيادها، والنتيجة هي ما تشاهدونه من أخبار محزنة "تسمّ البدن"، ولا يمكن الكلام فيها بسبب قوانين القمع وخياطة الأفواه.
كم أتمنى على القراء - بالمناسبة - إعادة قراءة السيرة الذاتية للراحل الحكيم د. أحمد الخطيب، التي تعيد هذه الجريدة نشرها، ولها كل الشكر، فقد نتعلّم قليلاً من حكايات معاناة ذكرها الراحل الكبير، مثل كيفية استيلاء شيخ متسلّط على عقارات متواضعة لوالدة الحكيم، ولم تجد هذه الأم المسكينة ولا أبناؤها الأيتام باباً للعدل كي يستردوا حقهم المغتصب.ما الذي تغيّر اليوم وبعد مضي أكثر من ثمانين عاماً على قضية الحق الضائع؟ التاريخ لا يعيد نفسه، كما يقول ماركس، لكن ما حدث كمأساة قد يتكرر مرة ثانية كملهاة، وها نحن اليوم نعيش مع الملهاة الكويتية، ملهاة مستمرة من دون نهاية.