في ذكرى وفاة والدي الفریق محمد البدر

نشر في 10-03-2022
آخر تحديث 10-03-2022 | 00:05
 الفریق محمد البدر
الفریق محمد البدر
في هذا التاریخ، قبل خمس سنوات، انطفأ النور الذي كان یضيء أسرتنا، ورحلتَ عن هذه الدنیا إلى المولى عز وجل، لقد كان فقدانك مؤلماً، لیس لنا كأسرة كنت لها عمود الخیمة، بل كان غیابك وفقدك خسارة للوطن بأكمله، لما كنت وما زلت تمثّل فیه من قیم نادرة في حب الوطن والتفاني في العمل والالتزام والعطاء.

لكم افتقدناك یا والدي، ورغم أنك كنت عسكرياً حازماً ملتزماً بمفاهيم الضبط والربط في كل مناحي حياتك، ولم تستثن منزلك من ذلك، فإن ذلك لم یوقف تدفق الحب العارم الذي كنت تختزنه للوطن والكویت.

لم یمنعك ذلك الالتزام العسكري وما يتطلبه من صرامة ظاهریة، أن تكون زوجاً وأباً محباً لعائلتك، صدیقاً صدوقاً ناصحاً لأصدقائك، وأخاً معیناً مسانداً لكل أقاربك، وداعماً لكل المحیطین بك حتى من اختلفت معهم في الرأي.

وكم كنت یا والدي تستجیب بكل إخلاص وصدق لحل أي مشكلة أو خلاف أو نزاع یتم طلبك لحلها، سواء كان ذلك في إطار العمل أو العائلة، أو ما أبعد من ذلك، فقد كنت معروفاً بمصداقیتك وموضوعیتك، وعدم تحیّزك لهذا الطرف أو ذاك، ومسطرتك هي قول الله تعالى "ولا یجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".

ولعل افتقادنا لك یزید في هذه الأیام الصعبة التي تمرّ بها الكویت، حیث فقدت البوصلة، وافتقد احترام القانون وتطبیقه بعدالة على الجمیع دون استثناء. وهو ما عملت علیه طوال حیاتك، فكم تاهت الصورة وغامت الرؤیة.

ولكم افتقدنا نضالك الدؤوب من أجل الوطن وأمنه، على جمیع المستویات والصعد. ولكم افتقدنا في غیابك صوت الحق الذي كنت تجهر به دائماً، ولم تكن تخشى فیه لومة لائم أو مصلحة شخصیة.

افتقدنا نضالك الذي سطرته باقتدار أنت ورفاقك في المقاومة الكویتیة وأهل الكویت إبان الغزو والاحتلال، مع كل ما كنت تعانيه من اعتلال صحة، وتمكّن المرض منك، وتركك لعائلتك من أجل الوطن.

نستشعر غیابك بقوة یا والدي، فقد ربیتنا على حب الوطن، وما نرى الیوم إلا وطناً ضائعاً، ولكم ربیتنا على الصدق والإخلاص، وما نراه الیوم أن تلك القیم تتراجع، أما المخلص فهو من تتم محاربته ومحاسبته، ولكم ربیتنا على الالتزام بالأمانة، بینما الیوم یفلت الفاسد من العقاب.

هكذا یا سیدي، ولذلك یا أبي، یزداد افتقادنا لك، من محیط أسرتك الصغیرة، إلى اتساع أسرتك الكبیرة، وطنك الكویت الذي أحببته، وبذلت كل ما لدیك للتضحیة في سبیله، فقدمت روحك الغالیة دفاعاً عن الوطن، ولا أغلى من الوطن.

وداعاً یا من كنت القوي الأمین... في جنات الخلد یا أبي.

فاطمة محمد البدر

back to top