حذرت الحكومة الأوكرانية من احتمال حدوث تسرب إشعاعي في محطة تشيرنوبل النووية، التي تسيطر عليها القوات الروسية، بسبب انقطاع التيار الكهربائي عنها، في حين استعجل الرئيس فولوديمير زيلنسكي الغرب على الاتفاق لتزويد جيشه بطائرات «ميغ» مقاتلة من بولندا، محذراً من كارثة مقبلة، مع استمرار التقدم البطيء، لكنه ثابت، للقوات الروسية باتجاه العاصمة كييف.

وأعلنت شركة «أوكرينيرغو» الأوكرانية المشغلة للمحطات النووية أن التيار الكهربائي «مقطوع كلياً» عن محطة تشيرنوبل للطاقة النووية وتجهيزاتها بسبب عمليات عسكرية روسية، مشيرة إلى أن مخزون الوقود لتشغيل مولدات الكهرباء في «تشيرنوبل» تكفي لـ 48 ساعة فقط، ومحذّرة من احتمال حدوث تسرب إشعاعي.

Ad

وفي حين حذّرت صحيفة «تليغراف» من «إمكان إطلاق مواد مشعة من محطة تشيرنوبل بعد قطع اتصال الطاقة بها»، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الوضع في المحطة يزداد سوءاً من جراء عزلها عن العالم الخارجي منذ استيلاء القوات الروسية عليها، مشيرة في الوقت نفسه إلى عدم وجود تهديد على السلامة في منشأة تشيرنوبل.

زيلنسكي والـ «ميغ 29»

وفي شريط مصور، حض زيلنسكي، أمس، الدول الغربية على اتخاذ «قرار بأسرع وقت» بشأن إرسال مقاتلات «ميغ 29» البولندية.

وقال: «أرسلوا إلينا الطائرات»، داعياً إلى درس الاقتراح البولندي «فورا»، ومشيراً إلى أن المجتمع الدولي سيتحمل المسؤولية عن «كارثة إنسانية» شاملة إذا لم يوافق على منطقة حظر طيران لحماية بلاده.

وكانت وراسو اقترحت أمس الأول أن تضع جميع مقاتلات الـ»ميغ 29» السوفياتية الصنع بتصرف واشنطن لترسلها بعد ذلك إلى كييف، لكن واشنطن اعتبرت أن الاقتراح «غير قابل للتطبيق».

وأوضح الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي أن «فكرة مغادرة مقاتلات تحت تصرف حكومة الولايات المتحدة، قاعدة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في ألمانيا للتحليق في المجال الجوي المتنازع عليه مع روسيا فوق أوكرانيا تثير مخاوف جدية لكل دول الناتو»، مشيراً إلى أن واشنطن تواصل المشاورات مع وارسو حول هذا الموضوع.

وقال مستشار الرئيس البولندي للشؤون الخارجية، أمس، إن «الولايات المتحدة لا تريد لتلك الطائرات أن تصل لأوكرانيا من قواعدها»، مضيفاً أن بلاده لا تستطيع المبادرة منفردة وبالتالي يجب أن يتم أي تحرك بهذا الخصوص عبر «الناتو». وعبر المستشار الألماني أولاف شولتس عن معارضته لإرسال مقاتلات إلى أوكرانيا.

وفي السياق، تتوجه نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى بولندا حيث ستبحث كيفية تقديم «مساعدة عسكرية» لأوكرانيا.

وأعلن «البنتاغون» إرسال بطاريتي «باتريوت» إلى وارسو بناءً على طلبها، في حين قال وزير الدفاع البريطاني إن بلاده تدرس تزويد أوكرانيا بصواريخ مضادة للطائرات، وسترسل صواريخ جافلين المضادة للدروع.

الأسبوع الثالث

ومع انقضاء الأسبوع الثاني على الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية، لا تزال القوات الروسية تتحرك نحو العاصمة كييف، ومن المتوقع أن تستهدف المدينة في غضون 48 إلى 72 ساعة وسط مخاوف من أن تندلع حرب شوارع توقع عدداً كبيراً من القتلى بين الطرفين.

وبينما استمر القتال على باقي المحاور بوتيرة أخف، اتفق الروس والأوكرانيون، أمس، على وقف النار مدة 12 ساعة حول سلسلة من الممرات الإنسانية لإجلاء المدنيين من مناطق تشهد قتالاً.

وأعلن مجلس مدينة ماريوبول الأوكرانية، أمس، أن «قوات الاحتلال الروسي أسقطت عدة قنابل على مستشفى الأطفال في المدينة ودمرته تماما»، مضيفا أنه لا يعرف حتى الآن عدد الضحايا، في حين اتهمت كييف القوات الروسية باحتجاز 400 مدني في ماريوبول بطريقة غير شرعية.

وأعلنت الأمم المتحدة مقتل 516 مدنيا وإصابة أكثر من 900، مشيرة إلى أنها ليس لديها أي أرقام بأعداد الضحايا العسكريين.

لا إطاحة لزيلنسكي

في غضون ذلك، أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا أنه «تم إحراز بعض التقدم في المفاوضات الرامية إلى إنهاء إراقة الدم البعثية ومقاومة القوات الأوكرانية في أسرع وقت ممكن»، مؤكدة في مؤتمر صحافي أن موسكو لا تسعى إلى «إطاحة الحكومة» الأوكرانية.

وقالت إن «روسيا ستحقق هدفها المتمثل في ضمان وضع محايد لأوكرانيا وإنها تفضل فعل ذلك من خلال المحادثات أو من خلال الحرب»، مشددة على أن العملية العسكرية تمضي بانسجام تام مع خطتها في رد على التقارير الغربية التي تتحدث عن صدمة كبيرة تلقتها القوات الروسية بسبب المقاومة الاوكرانية غير المتوقعة اضافة الى عقبات لوجستية وعراقيل تكتيكية ناتجة عن ثغرات في الخطة الروسية العسكرية.

لقاء أنطاليا

وعشية ارفع لقاء روسي ــــ أوكراني منذ بدء الحرب، يجمع وزيري خارجية البلدين سيرغي لافروف ودميتري كوليبافي بمدينة انطاليا التركية، قال وزير الخارجية الاوكراني إن توقعاته محدودة وضئيلة بالنسبة للمحادثات، وحضّ نظيره الروسي على الحوار «بحسن نية وليس من منظور دعائي»، مشيراً الى أن بلاده مهتمة بمناقشة 3 نقاط هي «وقف النار، وتحرير أراضينا، وحل المشاكل الإنسانية».

وكان إيهور شوفوكفا، مستشار شؤون الرئيس الأوكراني للسياسة الخارجية، أجاب في مقابلة عندما سُئل عما إذا كانت أوكرانيا يمكن أن تكون مستعدة خلال المفاوضات لقبول الوضع المحايد: «يمكن مناقشة مثل هذه القضايا في المفاوضات، هذا ممكن بلا شك»، داعياً إلى عقد لقاء يجمع بين زيلنسكي وبوتين.

في المقابل، اكتفى الكرملين بوصف اللقاء المرتقب بأنه «مهم جدا»، بينما أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن بلاده «ستواصل مساعيها الدبلوماسية الرامية إلى حل الأزمة الأوكرانية»، منتقداً في الوقت نفسه مواقف الدول الغربية حيال الأزمة القائمة بين أوكرانيا وروسيا.

وانضم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى لائحة طويلة من الدول التي ترغب في التوسط في النزاع، داعيا خلال اتصال هاتفي أجراه مع بوتين، أمس، إلى «تغليب لغة الحوار».

حرب اقتصادية

على مستوى آخر، ندّدت روسيا، أمس بـ»حرب اقتصادية» تشنّها الولايات المتحدة عليها بعد إعلان واشنطن حظرا على واردات الغاز والنفط الروسيين بين عقوبات أخرى.

وصوّر الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف هذه العقوبات على أنها «عربدة عدائية نشرت الفوضى في الأسواق العالمية»، محذراً من أن مدى الاضطرابات التي قد تصيب أسواق الطاقة العالمية غير واضح.

ولدى سؤاله عن حظر على واردات النفط والطاقة من بلاده والذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، قال بيسكوف إن «روسيا كانت وستظل موردا للطاقة يعتمد عليه، لكنها ستفكر الآن بجدية بالغة بشأن الرد».

وأعلن دميتري بيريتشيفسكي مدير إدارة التعاون الاقتصادي بوزارة الخارجية، أن «رد فعل روسيا سيكون سريعا ومدروسا وملموسا».

وأمس الأول، فرض الرئيس الأميركي جو بايدن حظرا فوريا على واردات الطاقة الروسية من نفط وغيره ردا على الغزو.

وقال بايدن إنّ هذا الإجراء اتّخذ «بالتنسيق الوثيق» مع حلفاء واشنطن بهدف «توجيه ضربة قوية جديدة إلى فلاديمير بوتين».

وانتقدت الصين خطوة بايدن. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان، بأن «العقوبات لن تحقق السلام ولا الأمن»، مضيفا ان كل الاطراف ستخسر من جرائها، مؤكداً في الوقت نفسه أن بلاده ستواصل التعاون التجاري بشكل عادي مع موسكو.

حزمة أوروبية

وبينما قال الاتحاد الاوروبي إنه لن يبادر الان الى اتخاذ قرار مماثل لقرار بايدن، أعلنت الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد فرض حزمة جديدة من العقوبات على موسكو ومينسك من بينها فصل 3 مصارف بيلاروسية من نظام «سويفت» للتحويلات المالية، وعقوبات تستهدف القطاع البحري والعملات المشفرة و160 فردا بينهم قادة روس وأوليغارشيون.

صدّ سعودي - إماراتي لبايدن

بحث وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد، في اتصال هاتفي أمس مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، العلاقات الثنائية الإماراتية - الأميركية، والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والمستجدات على الساحة الأوكرانية، وأهمية العمل على الوصول إلى تسوية سياسية للأزمة، وفق وكالة أنباء الإمارات (وام).

جاء الاتصال غداة نشر صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً زعمت فيه أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زياد رفضا الشهر الماضي تلقّي مكالمات هاتفية من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أراد مناقشة الوضع حول أوكرانيا وإمكانية زيادة إنتاج النفط. ونقلت الصحيفة عن وزارة الخارجية الإماراتية أن المكالمة بين بايدن وبن زايد ستتم إعادة تحديدها، وفق الصحيفة.

ونفى البيت الأبيض صحة تقرير لموقع اكسيوس الأميركي أفاد بأن بايدن يخطط لزيارة الرياض في الأسابيع المقبلة. وسبق أن توجه منسق الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، بريت ماكغورك، ومبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة، عاموس هوشستين، إلى الرياض أواخر الشهر الماضي في محاولة لإصلاح العلاقات مع المسؤولين السعوديين. كما التقى ماكغورك بن زايد في أبوظبي، في محاولة لمعالجة الإحباط الإماراتي بشأن رد الولايات المتحدة على هجمات الحوثيين.

وعلّق كبير الجمهوريين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو على تقرير «وول ستريت» قائلا: «آمل أن يعيد السعوديون والإماراتيون النظر. الرسالة هنا إلى بايدن واضحة. إذا كنت ستطالبهم بممارسة ضبط النفس عندما يتعرّضون للهجوم من قبل إيران فسوف يمارسون أيضًا ضبط النفس عندما تهاجم روسيا دولة أوروبية».