حذّر "غولدمان ساكس" من أن أسعار الحبوب قد تسجل مزيدًا من الارتفاع، لأن الحرب في أوكرانيا والعقوبات المطبقة على روسيا قلبت الإمدادات من منطقة البحر الأسود رأسًا على عقب.

وأوضح المصرف الأميركي في مذكرة نقلتها وكالة بلومبرغ أن الاضطرابات في خطوط الشحن، وارتفاع تكاليف المدخلات، والمخاوف بشأن زراعة المحاصيل الجديدة في أوكرانيا، دفعت سوق الحبوب العالمي نحو أكبر صدمة منذ الفترة المعروفة بـ "السرقة الكبرى للحبوب" في سبعينيات القرن الماضي.

Ad

وارتبطت تلك الفترة بزيادة حادة للأسعار، بعدما اتضح أن الاتحاد السوفياتي أبرم صفقة تسببت في القضاء بشكل مؤثر على مخزونات القمح الأميركية.

ورفع "غولدمان ساكس" توقعاته لأسعار الذرة وفول الصويا والقمح، إذ يتوقع وصول سعر الذرة عند 7.75 دولارات للبوشل بحلول الصيف، فيما سيصل سعر فول الصويا عند 17.5 دولارا للبوشل، أما القمح فقد يسجل 12.5 دولار للبوشل.

وأضاف محللو المصرف الأميركي: "نحن نرى ضغوطا صعودية واضحة في منحنيات البيانات في جميع أنحاء العالم".

وأشار المحللون إلى أن توقّعاتهم لا تزال صعودية تجاه عقود المحاصيل الجديدة في القطن والذّرة وفول الصويا، مع احتمال حدوث زيادة كبيرة في الأسعار نتيجة للظروف الجوية غير المواتية في الولايات المتحدة، أو الاضطرابات الأوكرانية.

وقد صاعدت أزمة غذاء عالمية آثارها غزو روسيا لأوكرانيا أمس الأول بتشديد إندونيسيا للقيود على صادراتها من زيت النخيل، لتضاف إلى قائمة طويلة من الدول المنتجة التي تسعى إلى إبقاء إمدادات مواد غذائية رئيسية داخل حدودها.

ويهدد الصراع الدائر في أوكرانيا إنتاج الحبوب العالمي وإمدادات زيوت الطعام وصادرات الأسمدة، مما يدفع أسعار السلع الأساسية إلى عنان السماء فيما يعكس الأزمة في أسواق الطاقة.

وزيت النخيل هو الزيت النباتي الأكثر استخداما في العالم ويستخدم في إنتاج العديد من المنتجات؛ منها البسكويت والمسلي النباتي والمنظفات والشوكولاته.

وقال وزير التجارة الإندونيسي، محمد لطفي، إن القيود على الصادرات تهدف إلى ضمان بقاء أسعار زيوت الطعام في متناول المستهلكين بالداخل.

ويأتي ارتفاع الأسعار في وقت تمثّل فيه القدرة على شراء الغذاء تحديا مع سعي الاقتصادات للتعافي من آثار جائحة فيروس كورونا، كما تسهم في رفع معدلات التضخم على مستوى العالم.

وتعدّ روسيا وأوكرانيا من أكبر مورّدي زيوت الطعام، كما تسهمان بنحو 30 بالمئة من صادرات القمح العالمية.

وأعلنت أوكرانيا أمس الأول أنها حظرت تصدير نطاق كبير من المنتجات الزراعية، ومنها الشعير والسكر واللحوم حتى نهاية العام.

ولم يعطل الصراع عمليات الشحن من منطقة البحر الأسود فقط، بل هدد كميات حصاد المحاصيل مع ارتفاع أسعار الأسمدة وتقلّص الإمدادات بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وهو مكون رئيسي في إنتاج العديد من السلع.

وارتفعت أسعار الغذاء العالمية إلى مستوى قياسي في فبراير، لتسجل زيادة سنوية بنسبة 20.7 بالمئة، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، وواصلت الأسعار ارتفاعها في العديد من الأسواق هذا الشهر.

وارتفع سعر العقود الآجلة لزيت النخيل الماليزي إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، بعد الإعلان الإندونيسي، في حين قفز سعر زيت الصويا إلى أعلى مستوياته منذ 14 عاما. وزادت أسعاره بنحو 40 بالمئة هذا العام.

تسابُق على الإمدادات

وتعد روسيا وأوكرانيا منتجتين كبيرتين لزيت دوار الشمس، وللبلدين نصيب يبلغ نحو 80 بالمئة تقريبا من الصادرات العالمية، مما ترك دولا مستهلكة، مثل الهند، تسارع لتأمين إمدادات بديلة، مثل زيت النخيل وزيت الصويا.

وارتفعت العقود الآجلة لقمح شيكاغو بنسبة 60 بالمئة تقريبا حتى الآن هذا العام، بما يهدد برفع تكلفة سلع غذائية رئيسية مثل الخبز.

ومما فاقم أثر خسارة اثنين من أكبر مصدّري القمح في العالم، وهما أوكرانيا وروسيا، أنباء نقلها وزير الزراعة الصيني أفادت بأن محصول القمح في أكبر منتج له في العالم قد يكون "الأسوأ في التاريخ".

كما أن ظروف نمو غير مواتية في مناطق ضربها الجفاف في السهول الأميركية ربما تتسبب هي الأخرى في المزيد من الشح بالإمدادات.

وأعلنت صربيا أنها ستحظر صادرات القمح والذرة والطحين (الدقيق) وزيت الطهي اعتبارا من أمس، لمجابهة ارتفاع في الأسعار، بينما حظرت المجر كل صادرات الحبوب الأسبوع الماضي.

وأعلنت بلغاريا أنها ستزيد احتياطياتها من الحبوب، وقد تحد الصادرات لحين تنفيذها عمليات شراء مخطط لها.

كما تناقصت أيضا إمدادات الحبوب في رومانيا، وهي دولة مصدرة كبرى، مع سعي المشترين الدوليين لبدائل للإمدادات الروسية والأوكرانية، على الرغم من عدم وجود خطط حاليا لتقييد الشحنات.

ومن الممكن أيضا أن يقل إنتاج الحبوب العالمي في ظل تقلص إنتاج الأسمدة بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.

وقالت شركة يارا، وهي إحدى أكبر شركات تصنيع الأسمدة في العالم، أمس الأول، إنها ستحد من إنتاج الأمونيا واليوريا في إيطاليا وفرنسا.

وحذّرت الشركة النرويجية الأسبوع الماضي من أن الصراع يهدد إمدادات الغذاء العالمية.

وروسيا أيضا مورد رئيسي للأسمدة، لكن وزارة التجارة والصناعة هناك أوصت يوم الجمعة المنتجين بتعليق الصادرات مؤقتا.

وقال متعاملون أوروبيون، في تقديرات أولية، إن الديوان المهني للحبوب، المشتري الرسمي للحبوب في الجزائر، اشترى قمح طحين من مناشئ خيارية في مناقصة عالمية.

وأضافوا أن التقديرات الأولية لسعر الشراء في حدود 485 دولارا للطن شاملا تكلفة الشحن. ومن المتوقع ورود مزيد من التفاصيل بالنسبة لتقييمات الأسعار في وقت لاحق.

وقُدرت الكمية التي سيتم شراؤها بشكل مبدئي بنحو 500 ألف طن، ومن المتوقع أيضا ورود المزيد من التفاصيل بهذا الشأن في وقت لاحق. وقال متعاملون إن التقلبات في العقود الآجلة للقمح في بورصة يورونكست في باريس جعلت المفاوضات في المناقصة أصعب.

والموعد النهائي لتقديم عروض السعر في المناقصة كان الثلاثاء الماضي عندما انخفضت يورونكست، بعد أن لامست أخيرا ارتفاعات قياسية، وتم تأجيل المفاوضات إلى الأربعاء، وهو الذي شهد ارتفاعا حادا ليورونكست.

والقمح مطلوب للشحن على فترتين من مناطق التوريد الرئيسية، بما يشمل أوروبا بين الأول و15 و16 و31 مايو.

وإذا كانت الشحنة من أميركا الجنوبية أو أستراليا يكون الشحن مطلوبا قبل ذلك بشهر.

ولا تعلن الجزائر نتائج المناقصات، وكل التقارير تكون معتمدة على تقديرات تجارية.

وفي أحدث مناقصة للقمح اللين في 17 فبراير، اشترت الجزائر نحو 700 ألف طن أغلبها يتراوح سعرها بين 345.50 و346.50 دولارا للطن شاملا تكلفة الشحن.

ومنذ ذلك الحين، ارتفعت أسعار القمح العالمية لذروة 14 عاما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي تطلق عليه موسكو "عملية عسكرية خاصة".

وقال متعاملون في الثالث من مارس إن الجزائر ستسمح بواردات القمح الفرنسية، بسبب تعطل الشحنات من البحر الأسود، مما ألغى استبعادا أجرته أخيرا وأضر بأكبر مصدّر للقمح في الاتحاد الأوروبي.

وقال متعاملون إن القمح الفرنسي تم قبوله في مناقصة هذا الأسبوع.