«نصف فشل» في أنطاليا… ولافروف يستبعد حرباً نووية
روسيا تصعِّد اتهاماتها حول الأسلحة البيولوجية وتؤكد قدرتها على المقاومة الاقتصادية
رغم الهدوء النسبي في ساحات القتال، فشلت جولة أولى من المفاوضات الأوكرانية ـ الروسية في أنطاليا أمس، وتصاعدت حدة الاتهامات بين موسكو التي أعربت عن ثقتها بمقاومة العقوبات الغربية من جهة، وكييف وحلفائها الغربيين من جهة أخرى.
لم ينجح أرفع لقاء جرى أمس، بين مسؤولين أوكران وروس في مدينة انطاليا التركية ذات الرمزية، بالتوصل إلى وقف لإطلاق نار في أوكرانيا، التي عاشت أمس، هدوءاً نسبياً في اليوم الـ 15 من الهجوم الروسي.وتبادل البلدان الاتهامات بالمسؤولية عن التسبب بالحرب، وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بعد لقاء جمعه بنظيريه التركي مولود جاويش أوغلو والروسي سيرغي لافروف :"لم نحرز تقدماً"، لافتاً إلى "أننا اتفقنا على الاستمرار في الجهود للوصول إلى حل للأزمة الإنسانية".وأكد أن "الاجتماع مع وزير الخارجية الروسي كان سهلاً وصعباً في الوقت نفسه"، قائلاً: "جئت لمعالجة مشكلة المناطق المحاصرة، ولافروف قال، إنه سيتواصل مع صنّاع القرار بموسكو"، لافتاً إلى "أننا سنواصل الدفاع عن أنفسنا وسنضحي لحماية بلدنا وشعبنا من الاعتداء الروسي".
وتابع: "نسعى إلى حل دبلوماسي، وهناك دولة تعتدي علينا وإذا لم ترد وقف الحرب فلا يمكننا وقفها". وكشف أن "قائمة مطالب لافروف تعني الاستسلام وأوكرانيا لن تستسلم بل تريد حلاً متوازناً".وقال كوليبا، إنه يتعين على القوات الروسية مغادرة الأراضي التي تضم منشآت الغاز والمحطات النووية الأوكرانية.وبعد انتهاء المؤتمر ظهر زيلينكسي في شريط مصور أشاد فيه بالمقاومة الأوكرانية للروس، قائلاً "لن نخضع".
لافروف
وفي مؤتمر صحافي منفصل، قال وزير الخارجية الروسي: "جلسنا على طاولة التفاوض مع كييف لبحث سبل حل الأزمة، وناقشنا الملفات الإنسانية"، لافتاً إلى أن "دعوتنا لفتح ممرات إنسانية يومية في أوكرانيا تبقى قائمة"، مردفاً أن "المدنيين أصبحوا رهائن ودروعاً بشرية في يد الكتائب المتطوعة وقوات الدفاع الإقليمي، ومستشفى ماريوبول كان يستخدم قاعدة عسكرية".وأوضح لافروف أن "هناك صعوبة في التفاوض مع الأوكرانيين"، مشدداً على أن "روسيا مستعدة لمواصلة المفاوضات في إطار الصيغة الحالية في بيلاروسيا".وأكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يرفض لقاء نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، "لكن هناك حاجة إلى عمل تحضيري".واعتبر أن "مد أوكرانيا بالسلاح من الغرب فائق الخطورة، وسيؤدي إلى تصعيد الصراع"، مؤكداً "أننا لا نخطط للهجوم على أي دولة ولم نهجم على أوكرانيا، لكننا وصلنا إلى وضع يشكل تهديداً مباشراً لأمننا".ولفت إلى أن "روسيا ستتخطى المشاكل الاقتصادية التي تسببت بها العقوبات"، مضيفاً أن "العم سام لن يتمكن من تدمير اقتصادنا"، مشدداً على أن موسكو "لم تستخدم النفط والغاز كسلاح". وقال: "نريد أوكرانيا صديقة منزوعة السلاح ولا تشكل خطراً على روسيا أو الثقافة الروسية"، مردفاً: "لا أؤمن بإمكانية اندلاع حرب نووية لكن الغرب والناتو هما من صعّدا وتيرة الحديث عنها أخيراً"، مضيفاً أن الإشاعات حول هجوم روسي محتمل على جمهوريات البلطيق السوفياتية السابقة "تبدو أكاذيب قديمة".بدوره، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عقب الإجتماع الثلاثي، إن "اللقاء لم يكن سهلاً لكنه كان حضارياً"، داعياً إلى "وقف دائم لإطلاق النار، وفتح ممر إنساني في مدينة ماريوبول" جنوب شرق أوكرانيا.شولتس وماكرون
وعشية زيارة للأمين العام لـ"ناتو" ينس ستولتنبرغ إلى أنطاليا للقاء الرئيس رجب طيب إردوغان وجاويش أوغلو، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، بوتين خلال مكالمة هاتفية أمس "بوقف فوري لإطلاق النار"، وشدداً على ضرورة أن يأتي حل النزاع عبر "المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا".أسلحة بيولوجية وطيور
إلى ذلك، اتهمت وزارة الدفاع الروسية أميركا برعاية برنامج بيولوجي في أوكرانيا مؤكدة أنها تملك وثائق على دراسات لنقل مسببات الأمراض عن طريق طيور مهاجرة وتطوير فيروس كورونا.في المقابل، نفت الولايات المتّحدة الاتّهامات الروسية، محذّرة من أنّ الهدف منها قد يكون التحضير لإمكان أن تستخدم القوات الروسية قريباً مثل هكذا أسلحة.وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إنّ "الكرملين ينشر عن عمد أكاذيب صريحة بمحاولة لتبرير أفعاله المروّعة".بدورها، قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إنّ الاتهامات الروسية "منافية للعقل"، محذرة من أن تستخدم موسكو أسلحة محظورة "تحت راية كاذبة"، كما أشارت إلى أن "مسؤولين صينيين ردّدوا نظريات المؤامرة هذه".تشيرنوبل
في غضون ذلك، قال وزير الطاقة الأوكراني هيرمان هالوشينكو، أمس، إن محطة تشيرنوبل النووية لا تزال منقطعة عن شبكة الكهرباء لليوم الثاني على التوالي وتعمل بمولدات ديزل احتياطية.وقال "لقد طلبنا رسمياً من المحتلين إتاحة ممرات لنا لإصلاح خطوط الكهرباء التي تغذي المحطة".في المقابل، أصدر رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو، الذي من المقرر أن يلتقي اليوم في موسكو مع بوتين، تعليمات لمتخصصين محليين بتأمين إمدادات الطاقة للمحطة. من ناحيتها، اتهمت روسيا القوات الأوكرانية ومقاتلي "كتية آزوف" اليمينية القومية المتشددة بمهاجمة المرافق التي توفر إمدادات الطاقة التي تغذي المحطة، واصفة ذلك بأنه "استفزاز خطير".كييف والرتل
ومع استمرار التراجع الملحوظ للهجمات الروسية على كل الجبهات، أعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو أن نصف سكان العاصمة فروا منذ بدء الغزو الروسي، في حين تضاربت الأنباء حول مدى اقتراب القوات الروسية من كييف. في الأثناء أفادت وزارتا الدفاع الاميركية والبريطانية، بأن الرتل العسكري الروسي الذي يتمد لـ 65 كيلومتراً شمال غربي كييف لا يزال متوقفاً.وأثار قصف القوات الروسية لمستشفى أطفال في مدينة ماريوبول الاستراتيجية المحاصرة في جنوب شرقي أوكرانيا غضب كييف والغرب والمنظمات الإنسانية.وبعد هذا الهجوم، الذي أسفر عن سقوط 3 قتلى بينهم فتاة صغيرة و17 جريحاً، نشر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي وصف القصف بأنه "جريمة حرب"، مقاطع فيديو تظهر الدمار أثر غارة جوية على المنشأة التي تضم مستشفى للتوليد وآخر للأطفال في ماريوبول الميناء الاستراتيجي الواقع على بحر آزوف في جنوب شرقي. وقال المستشار بالرئاسية الأوكرانية أوليكسي أريستوفيتش، إن روسيا غيرت أساليبها إلى استهداف المدنيين بعد تباطؤ تقدمها العسكري.ودان البيت الأبيض الاستخدام "الهمجي" للقوة ضد المدنيين بينما وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون القصف بأنه "غير أخلاقي".ولم تنف الحكومة الروسية الهجوم، لكنها قالت، إن "كتائب قومية أوكرانية تستخدمه قاعدة لإطلاق النار". من ناحية آخرى، حذر الكرملين، أمس، من أن أي شخص يهاجم أفراد القوات الروسية في أوكرانيا يجعل نفسه "هدفاً"، في ضوء تشريع صادق عليه زيلينسكي ويسمح لجميع المدنيين بحمل أسلحة وبفتح النار على القوات الغازية.«باتريوت» لبولندا
وغداة إعلان البنتاغون إغلاق الباب أمام إمداد أوكرانيا بطائرات قتالية من بولندا، زارت نائبة رئيس الولايات المتحدة كامالا هاريس هذا البلد الذي يتسضيف أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين الفارين من المعارك. ودانت هاريس في مؤتمر صحافي بوارسو مع الرئيس البولندي أندي دودا، "الفظاعات التي لا يمكن تصورها" خلال الهجوم الروسي، وأكدت بأن واشنطن "ستقوم بكل شيء" لتقديم الدعم اللازم لكييف، مضيفة أنه تم إرسال منظومة "باتريوت" إلى بولندا. وكان مجلس النواب الأميركي أقرّ مساء أمس الأول، ميزانية جديدة للحكومة الفدرالية تضمّنت تمويلاً ضخماً تناهز قيمته 14 مليار دولار لمساعدة عسكرية وإنسانية لأوكرانيا.وبشكل منفصل صوت مجلس النواب بأغلبية ساحقة لمصلحة فرض حظر على استيراد النفط والغاز الطبيعي والفحم من روسيا إلى الولايات المتحدة.عقوبات جديدة
وفي وقت أعلنت الحكومة البريطانية فرض عقوبات جديدة، أمس، على 7 اثرياء روس قريبين من السلطة بينهم رومان أبراموفيتش مالك نادي تشلسي لكرة القدم وشريكه التجاري السابق أوليغ ديريباسكا، أعلنت روسيا، التي حظّرت تصدير بعض البضائع والمعدات لمواجهة العقوبات الغربية، أن الصين رفضت تزويدها بقطع غيار للطائرات العاملة في خطوطها الجوية، بينما قال الناطق باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان، إن بلاده تتمسك بموقف مستقل وموضوعي وحيادي بشأن القضية الأوكرانية .وكان البيت الأبيض أعلن، أمس الأول، أن "الصينيين ملتزمون بالعقوبات المفروضة على روسيا"، وتوعّد "بعواقب وخيمة ضد أي دولة تحاول التهرّب من هذه العقوبات".