أنا أحد الذين لم يسمعوا بجمهورية «بيروبيجان» الوطن الأول لليهود، فهل يعلم أحد أين يقع هذا الوطن؟ ومتى أنشئ؟ ومن الذي أنشأه؟ فإن وراءه قصة.فمنذ أن حكم الله على اليهود بالتيه عندما رفضوا دخول الأرض المقدسة وهم مشردون، حتى أن الله قال فيهم: «وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»، وما إن عادوا إلى فلسطين بعد أربعين عاما من العقاب الإلهي حتى جاءهم الملك البابلي، نبوخذ نصر، ليطردهم إلى الشتات مرة أخرى، كان ذلك في القرن السادس قبل الميلاد.
منذ ذلك التاريخ حتى قيام دولتهم على أرض فلسطين لم يتغير شعارهم: «وطن قومي واحد يجمعنا من الشتات في الأرض»، فكان ذلك حلمهم الأزلي الذي حققه لهم بلفور بوعده المشؤوم، ليسلب شعباً بأكمله أرضه ويسلمها لمهاجرين من شتى أصقاع الأرض، ليكوّنوا دولة مارقة تضعف العرب، وتخدم مصالح الغرب في بلادهم، وقد يكون هناك سبب آخر غير معلن هدفه التخلص من العنصر اليهودي المكروه في أوروبا تحديداً وتجميعه في كيان واحد يمكن التعامل معه، وقد نجحوا في ذلك أيما نجاح.إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون أن هناك وطناً يهودياً قام قبل احتلال فلسطين، إنها جمهورية «بيروبيجان» أول وطن يهودي منذ طردهم من فلسطين، وهي جمهورية قامت إبان حكم الزعيم السوفياتي، جوزيف ستالين، ولم يكن وراء إنشاء ستالين للكيان اليهودي في بلاده أي هدف إنساني، فقد أراد إبعادهم عن مراكز اتخاذ القرار، أي التخلص منهم ومن نفوذهم، كان ذلك في عام 1928، أي قبل اغتصاب فلسطين بعشرين عاما، وتعتبر «بيروبيجان» أول أرض تجـمّع فيـها اليهود مـن جميع أنحاء العالم، كان موقعها في أقصى الشرق الروسي، وسميت رسميا مقاطعة «يفيرسكيا أوبلست» أي (المقاطعة اليهودية)، لتتمتع بحكم ذاتي، وعاصمتها «بيروبيجان»، وهي لا تزال موجودة حتى الآن، حتى بعد قيام إسرائيل، مع أن معظم اليهود هجروها الى فلسطين.الصهاينة نجحوا في التعتيم على الإعلام العالمي، وحتى العربي، عن حقيقة جمهورية اليهود الأولى ووجودها، لأن ما تخافه إسرائيل والدول الغربية الداعمة لها هو الترويج لفكرة عودة اليهود الآمنة إلى موطنهم الأول في «بيروبيجان»، ليعيشوا بسلام متمتعين بثقافتهم اليهودية، ناطقين بلغة الـ»يديش» لغة يهود أوروبا، بعيداً عن العداء المحيط بهم اليوم.نقول: إن الله هو الذي حكم على اليهود بالتيه، ونبوخذ نصر هو الذي شردهم، والغرب هو من نبذهم، فلماذا تأخذون العرب بجريرة لم يرتكبوها؟
مقالات - اضافات
من صيد الخاطر: «بيروبيجان» وطن اليهود الأول
11-03-2022