تداعيات استجواب شعيب وتحليل ألغاز الداهوم ومحاولة فهم تحولات عبيد، كانت أكبر هموم الناس هنا قبل أسابيع قلائل، لتتحول بشكل سريع سبطانة اهتمامات علماء السياسة والذرة والأوبئة المتكدسين في الدواوين ووسائل التواصل من الشرنقة المحلية المحدودة، ولتنطلق باتجاه الساحة العالمية المفتوحة فور إعلان بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.

الغزو الروسي أحيا معه المخاوف القديمة من قيام حرب عالمية ثالثة قد يفنى معها جميع البشر، وهذا الأمر لم يشعرني بأي خوف أو ذعر بعكس الاتجاه السائد، إذ بالرغم من عدم استعانتي بالخبراء المحليين، لا أتوقع أننا المقصودون بالفناء في مثل هذه الحروب، فمبدئياً لا أظن أنهم يعتبروننا من البشر أساساً، كما هو واضح من اختلال وازدواجية المعايير التي ظهرت بشكل فج في التعامل مع الغزو الروسي مقارنة بغيره من قضايا وحروب بقية سكان الأرض، والأمر الآخر والأهم هو أننا بعيدون جداً- والحمدلله- عن ساحة معارك أسلحتهم النووية التي سيقصفون بها قواعد بعضهم، وهذا بالطبع كما أكد لي العديد من جنرالات الظل.

Ad

من المحتمل أن يصل إلينا غبارهم النووي كما يردد خبراؤنا النوويون، لكن من توارث اعتياد رياح السموم في الجزيرة العربية لا أظن سيضيره قليلاً الغبار الذري البارد الخفيف، لكنه إن وصل فهذا لا يعني إلا أنهم قد قضوا على بعضهم بعضاً ولم يبقَ لنا إلا نحن، وعندئذ سيكون المطلوب منا أن نعتمد على أنفسنا، حين يقع على عاتقنا عبء استكمال مسيرة البشرية وإعادة إعمار الأرض وبناء الحضارة الإنسانية لتدور عجلة الحياة على سطح هذا الكوكب من جديد، وهذا بالتحديد ما يخيفني الآن أكثر من أي شيء آخر.

فهد البسام