يعد كتاب "حياة بين الرفوف" جولة لمؤلفه القاص والناقد المصري أحمد رجب شلتوت بين كتب متنوعة، وينتمي لطائفة الكتب المحرِّضة على القراءة، فبحسب العنوان يحيا الكاتب بين رفوف مكتبته، ويرى أن الكتب التي نقرأها تصير جزءا من تجاربنا الشخصية، وكأننا عشناها في حياتنا، والكتاب لم يعد صديقا فقط للكاتب بل معادلا لذاته، فالكتب لم تسهم فقط في تشكيل حياته بل كانت هي الحياة نفسها.وبحسب الكلمة الواردة على غلاف الكتاب، فقد توزعت الكتب التي قرأها شلتوت بين الأدب والفكر، وبين المؤلف باللغة العربية والمترجم إليها، كما نشر خلال 4 عقود مئات المراجعات عن الكتب التي راقت له، اختار من بينها 30 مراجعة يضمها هذا الكتاب، وهي بحسب عنوان كتاب سابق للكاتب "رشفات من النهر"، لذلك استهلها بمراجعة لكتاب "مغزى القراءة" للكاتب الهولندي بيتر شتاينس، الذي أصيب بمرض نادر يؤدي إلى موت المصاب به خلال فترة ما بين 3 و5 سنوات، فاختار عددا من الكتب وأعاد قراءتها ونشر مراجعاته لها، التي لم تكن مجرد سرد مؤثر لوقائع الاقتراب من موت متوقع، ليثبت أن الكتابة عن الأدب مُعزِّية جدا.
الصوت والصدى
كذلك يعرض لكتاب "زيارة لمكتبات العالم" للإسباني خورخي كاريون، الذي ينظر إلى المكتبة باعتبارها خريطة بداخلها جو متميز من الحرية، يتباطأ فيها الزمن، وتصبح السياحة نوعا مختلفا من القراءة، ويصبح "العالم مكتبة والمكتبة عالم"، لذلك يتوقف الكاتب أمام كتاب إدواردو جاليانو عن كرة القدم، وكتاب المفكرة البريطانية كاثرين بيليسي عن "الثقافة والواقع... نحو نظرية للنقد الثقافي"، وكتاب "الصوت والصدى" الذي يعتبره رؤية مغايرة لمشروع عبدالرحمن بدوي الفلسفي، وكتاب "الكرامة الصوفية" التي يعالجها بوصفها نصا أدبيا.وتحظى الرواية ومبدعوها بنصيب كبير في الكتاب، فيقدم عبر 3 رؤى مختلفة لإبداع نجيب محفوظ بأقلام ممدوح النابي، ورضا عطية، وتامر فايز، ويعرض لكتب أخرى عن إدوار الخراط، وعبدالرحمن منيف، فضلا عن كتب تدرس ظواهر وقضايا روائية عربية، ومنها "تأويل المتخيل: السرد والأنساق الثقافية"، للباحث الجزائري عبدالقادر فيدوح، وكتاب "أزمة الجنس في الرواية العربية بنون النسوة" للناقد المغربي"الكبير الداديسي".سير الآباء
وعن الشعر يجمع بين كتاب عن الفرنسي بول فيرلين، وآخر عن المصري محمد آدم، وكتاب الناقدة العراقية نادية هناوي سعدون، تنظر فيه لقصيدة النثر بوصفها تعافيا إبداعيا وليست تمارضا شعريا، أما الشاعر مؤمن سمير ففي كتابه "الأصابع البيضاء للجحيم... قراءات في محبة الشعر" فإنه يستعيد فيه سير الآباء، وهو كشاعر لا يتناولهم بالتحليل بقدر ما يرسم صورتهم عنده ويرصد تأثيراتهم فيه، وبعد الحديث الحميمي عن الآباء المؤسسين، يخصص مؤمن سمير نحو ثلاثة أرباع كتابه للحديث عن الآباء التالين لهم، ثم عن اخوته شعراء قصيدة النثر من نفس جيله، وبالرغم من أنه يرفض المفهوم الجيلي في الشعر المصري، لأنه يجمع بين شعراء قد يكونون على النقيض في الانتماء الفني والعقيدة الشعرية، فإنه يصف جيل السبعينيات في مصر بأنه "الجيل الفارق والإشكالي، والذي لولاه لكان آباؤنا هم الشعراء الذين ظهروا في مرحلة ما بعد الشعراء الرواد والذين لم تضف قصيدتهم إلا إعادة إنتاج نصوص سابقيهم والدوران في فَلَكِها".يذكر أن الكاتب أحمد رجب شلتوت ولد عام 1962، وحصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة، وبدأ النشر في الصحف والمجلات منذ عام 1985، وحصد العديد من الجوائز الأدبية منها المركز الأول في مسابقة نادي القصة بمصر للقصة القصيرة (1996)، وفي نفس العام حصد المركز الثاني في مسابقة الهيئة العامة لقصور الثقافة بالمسرحية الطويلة، وفاز في مسابقة جمعية الأدباء بالرواية عام 2009.وصدرت له مجموعات قصصية أبرزها "السعار والشذى" (1995)، و"العائد إلى فرحانة" (1996)، و"دم العصفور" (2002)، و"فاتحة لصاحب المقام" (2020)، ومن أهم كتبه "رشفات من النهر" (2019)، و"الرواية فن البحث عن الإنسان" (2019)، و"ربيع البنفسج" (2020)، و"العزلة ليست هي الوحدة" (2021)، كما صدرت له رواية قصيرة بعنوان "حالة شجن" (2020).