أوكرانيا... وازدواجية المعايير
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وثاني هذه الأمثلة، أنه في وقت مبكر من الغزو، انتشر مقطعا فيديو قصيران على وسائل التواصل الاجتماعي لطفل يلعب ثم يأتي قصف جوي فيحرقه، وآخر لفتاة تضرب جنديا ضعف حجمها وهي تصرخ بأنه يجب عليه العودة لبلاده، فقد تم الزعم بأن الطفل الضحية والفتاة على أنهما أوكرانيان وأن القنبلة والجندي روسيان، وهذا ليس الحقيقة.فقد كان الطفل فلسطينياً قُتل في غارة جوية إسرائيلية على غزة، وفي الوقت الذي كان يعرض فيه التلفزيون الأميركي أوكرانيين «أبطالا» يخزنون قنابل مولوتوف لاستخدامها ضد الغزاة الروس، قُتل صبي فلسطيني يبلغ من العمر 14 عاماً برصاصة لإلقائه زجاجة مولوتوف على سيارة أحد المستوطنين الإسرائيليين، فالطريقة التي يُنظر إليك بها تتحدد بهويتك لا بما تفعله. والمثال الثالث يتعلق بالمقاطعة والعقوبات وهما وسيلتان فعالتان غير عنيفتين لمواجهة المعتدين، فقد سارع عدد من حكام الولايات ومشرعيها بإصدار مشروعات قوانين وأوامر تنفيذية تطالب بمقاطعة جميع البضائع الروسية، لكن هذه الولايات نفسها جرمت المقاطعة ضد إسرائيل. وهناك إجماع من الحزبين على عقوبات ضد روسيا لانتهاكها سيادة أوكرانيا والقانون الدولي، وفي مقابل هذا هناك إجماع مماثل مناهض لفرض عقوبات على إسرائيل، على الرغم من الانتهاكات المستمرة منذ عقود لحقوق الفلسطينيين والقانون الدولي، ومرة أخرى، الأمر لا يتعلق بما تفعله، بل بمن أنت. ورابع الأمثلة، لقي اللاجئون الأوكرانيون ترحيبا من الدول الأوروبية نفسها التي أغلقت أبوابها في وجه لاجئين من الشرق الأوسط وإفريقيا فارين من صراعات إقليمية، و«أوضح» عدد من المعلقين في وسائل الإعلام وقادة سياسيون أن هؤلاء اللاجئين المتحضرين «مختلفون».وأخيراً، تؤكد الولايات المتحدة أن دفاعها عن أوكرانيا هو دفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان والديموقراطية، وهذه مفاهيم لم تطبقها الولايات المتحدة قط لإقرار حقوق وحريات الشعب الفلسطيني، فهذه المعايير المزدوجة أمر مؤسف ويجب التصدي لها، لكنها لا تنفي سلامة وإلحاحية الدفاع عن حقوق الشعب الأوكراني، وعلى الرغم من المعايير المزدوجة للآخرين، لا يمكننا السماح لأنفسنا بإصدار أحكام بناء على المنطق الشرير نفسه لنقر انتقائيا حقوقاً لبعضهم وننكرها على بعضهم الآخر.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن.